نجدهم في كل مكان، يسابقون الوقت لإنقاذ جريح أو مساعدة مريض، إنهم متطوعو الصليب الأحمر اللبناني، يقومون بواجبهم طواعية، وليس بمستغرب أن يتجهوا في السنوات الأخيرة إلى التوعية والتثقيف في مجالات أوسع وأشمل، كالتوعية من مخاطر المخدرات والعنف الأسري وغيرها من المجالات الإجتماعية، إلا أن الشباب الهادف في هذه المنظمة العالمية توجهوا إلى إنقاذ الإنسان أيضا عبر مواجهة مشاكل البيئة، وذلك بحّث الناشئة على ابتكار حلول وتقنيات تساهم في حل الأزمات التي تواجه لبنان.
وهم يؤكدون في سياق نشاطهم البيئي أنه “نظرا للصعوبات التي يمر بها لبنان وخصوصا أزمة النفايات، وفي ظل التطور العلمي الذي نشهده، وأهمية تشجيع وتحفيز الجيل الجديد على انخراطه في أعمال تساعد على تنمية قدراته وتساعده على النمو في جو من التفاؤل والاندفاع، أقام الصليب الأحمر اللبناني – قسم الناشئين والشباب مسابقة الابتكار البيئي للسنة الثالثة على التوالي، بالتعاون مع مركزي الشوف وفالوغا (بعبدا)”، وأقيم بالمناسبة نشاط في “ساحة سمبوزيوم 1999” في منطقة بيسين عاليه، بمشاركة طلاب من المراحل الثانوية في عدد من المدارس.
وشارك موقعنا greenarea.info بإطلاق هذه المسابقة التي أقيمت برعاية ودعم بلدية عاليه وشركة ومكتبة Brains للطباعة IQUAD Learning Solutions، وتميزت هذه السنة باستقطاب عدد أكبر من المدارس ومن مناطق أخرى، وضمن فئتين، هما التصميم والاختراع، وتألفت لجنة التحكيم عن بلدية عاليه عضو لجنة البيئة فادي شهيب، المربية في مجال التعليم وعضو جمعيتي “سوى أحلى” و”تطوير بلدنا”، عبير فليحان، رئيس جمعية اليد الخضراء ورئيس الـ IUCN في لبنان زاهر رضوان، الفنانة ومهندسة الديكور ريدا البنا، المهندس الزراعي سركيس اسرائيل، ومندوب برنامج البيئة في الصليب الأحمر اللبناني يوسف فليحان.
صفير: إيجاد حلول للمشاكل البيئية
وقال رئيس قسم الناشئين والشباب في الصليب الأحمر اللبناني المحامي يوسف صفير لـ greenarea.info: “يقوم قسم الناشئين والشباب في الصليب الأحمر اللبناني بهذا العمل ضمن البرامج التي تطاول فئة الشباب، وفي هذا النشاط نتطرق للموضوع البيئي، وخصوصا موضوع تدوير النفايات وإعادة استعمالها، وأحببنا أن نتجه للمدارس في مدينة عاليه وفالوغا والشوف، لتشجيع الشباب على الإنخراط أكثر في العمل المدني وبقضايا المجتمع، بالإضافة إلى إيجاد حلول للمشاكل البيئية، وليبرهنوا أنهم قادرون على تقديم مبادرات ومشاريع تخفف من خطر النفايات والمشاكل البيئية الناتجة عنها، وكما ترون فالمشاريع المقدمة، ولو أن الأفكار أولية، فهي تنم عن مستوى تفكير جيد، وتؤدي إلى الهدف الصحيح في المستقبل”.
وأضاف: “هناك مشاريع هامة للغاية ويمكن تطبيقها على نطاق واسع، واشتملت على أفكار كالتسبيخ وكيفية استعمال النفايات العضوية والمنزلية وإعادة تدويرها، وإنتاج الأسمدة، وقدم الطلاب نماذج هامة في إعادة التدوير والإستعمال بمستوى تقني وفني رائع”.
وأشار صفير إلى أن “مهمة الصليب الأحمر اللبناني في هذا المجال تعتبر تكملة لمهمته في إنقاذ الناس والمرضى، ويتمثل هدفنا في مجال توعية الشباب والناشئة والعمل معهم والتفاعل مع قضايا المجتمع والمشاركة لإيجاد الحلول وأن يصبحوا قياديين في مجالاتهم”.
جمال الدين: نحو بيروت
وقال رئيس مركز الشباب والناشئين في مدينة عاليه دانيال جمال الدين لـ greenarea.info: “يتجه هذا النشاط إلى الخروج من مدينة عاليه إلى الجوار، وقد شمل الجميع في نشاط بيئي، وسوف نتجه في العام القادم نحو بيروت أيضا، وبهدف تعزيز التعاون بين أقسام الشباب في الصليب الأحمر اللبناني من كافة المناطق، ونحاول التوسع بهذا النشاط ليعم كل لبنان، وخلال السنوات الثلاث الماضية كانت الأفكار لا زالت بسيطة، وشهدنا في السنة الثانية تطورا واضحا، وقد فاز أحد هؤلاء عن سفينة مصنوعة من عبوات المياه البلاستيكية”.
وأشار جمال الدين إلى أنه “هذا العام أصبحت الأفكار أكثر دقة وتعقيدا، ونحن كمنظمة لا نتدخل بعملية التصويت كوننا المنظمين لهذا النشاط، وتساعدنا بلدية عاليه، وهي التي أقامت الخيم والكيوسكات للنشاط”.
القمند
وقالت نائب رئيس فرع عالية للناشئين والشباب سحر القمند لـ greenarea.info: “يشكل الطلاب فرقا من شخص إلى ثلاثة أشخاص بفئتين المجسم أو الاختراع، ويشترط في المجسم أن يكون مصنوعا بأكمله من النفايات، ويمكن استخدام مادة لاصقة بنسبة لا تزيد عن 20 بالمئة فقط، أما الإختراع فهو عبارة عن فكرة تحل مشكلة بيئية أو تمكننا من القيام بعمل بشكل لا يؤذي البيئة ويخفف من الضرر البيئي، وكل سنة نتعاون مع لجنة من الخبراء في مجال التعليم والبيئة والفن ضمن معايير محددة، ونعتمد بنسبة مئوية على تصويت الجمهور، وبنهاية المعرض يتم جمع هذه النقاط وتوزيع الجوائز”.
وأضافت “يقام المعرض تحت شعار (زبالتك اليوم ثروتك بكرا) ولاحظنا أن الإبداع لدى الطلاب قد تطور بشكل كبير، والمنافسة أشد، ويشارك السنة 19 فريقا”.
وأشارت القمند إلى أن “الجوائز هذه السنة عديدة، أولها تنفيذ لتطبيق مقدم من شركة IQUAD Learning Solutions بقيمة 10 آلاف دولار، إضافة إلى جوائز مالية وعينية فضلا عن كؤوس ودروع لتشجيع الطلاب على التنافس والفوز”.
خلال جولة greenarea.info لفتت بعض المشاريع أنظار الفريق ورواد المعرض وأهمها مشروع Eco Kitchinette المقدم من مدرسة المنار، ويهدف إلى التخلص من المواد العضوية عبر آلة خاصة تقوم بفرمها وطحنها وغسلها بالمياه الناتجة عن المطبخ، وتسبيخها لفترة من الوقت ضمن المطبخ وتهوئتها بواسطة مروحة خاصة، ثم يصار إلى مزج البقايا الصلبة التي ترشح عبر مصفاة خاصة في التراب لتستخدم كتراب زراعي، أما المياه الناتجة فتسقى فيها المزروعات، كما تميز مشروع من مدرسة العبادية الرسمية وهو عبارة عن تطبيق الكتروني إحصائي لفرز النفايات بهدف التشجيع على هذا الأمر، ويتم مكافأة المشاركين في عملية الفرز بعدد من الميغابايت Megabytes على الهواتف النقالة لاستخدامها لخدمة الإنترنت، كما شارك البعض بمجسمات فنية من النفايات كمصباح مصنوع من أغطية عبوات المياه والكرتون، ولوحة فنية تمثل امرأة فستانها مصنوع بالكامل من النفايات، وشاركت إحدى الطالبات من ثانوية مارون عبود الرسمية في عاليه بتصميم أزياء مصنوعة بالكامل من النفايات، كما شاركت طالبة بلوحة شمسية تستعمل للتحكم بالستائر في المنزل، فعندما تتعرض للشمس تقفل الستائر، وعندما تغطى تفتح هذه الستائر وغيرها من الإبتكارات التكنولوجية والتصاميم المميزة.
وبعد جولة الحكام على الفرق المشاركة وقيام الطلاب بتفسير ابتكاراتهم وأهدافها، فاز عن فئة الاختراع: مدرسة المنار – رأس المتن (بعبدا) بالمرتبة الاولى، وثانوية الاشراق – عاليه بالمرتبة الثانية، مدرسة ليبانيز كوليدج – عين كسور بالمرتبة الثالثة.
أما عن فئة التصميم، فقد حصلت مدرسة أجيال- بشامون على المرتبة الاولى، وثانوية مارون عبود الرسمية – فرع العبادية على المرتبة الثانية، وثانوية مارون عبود الرسمية – عاليه على المرتبة الثالثة.
