تنطلق الثلاثاء 2 أيار (مايو) أول احتفالية عالمية لمناسبة “يوم التونة العالمي” World Tuna Day، في خطوة أقرتها الأمم المتحدة، ليكون هذا اليوم مناسبة للتوعية على أهمية وقيمة سمك التونة، فضلا عن التعريف على المخاطر التي تتهدد مخزون التونة كأحد أهم الثروات السمكية في العالم، إضافة إلى الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي تتحقق من أرصدة التونة المدارة بشكل مستدام، وإلى تبادل المعلومات في هذا الصدد.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تبنت في كانون الأول (ديسمبر) 2016 قرارا تحت رقم 124/71، حددت فيه الثاني من أيار (مايو) من كل عام يوما عالميا للاحتفال بسمك التونة، خصوصا وأن لحم التونة يعتبر طعاماً معروفاً في كثير من الأقطار، ويباع معلباً أو طازجاً أو مجمداً، وتعد الولايات المتحدة واليابان أكبر البلدان استهلاكاً لسمك التونة الذي هو من أسماك الصيد الرئيسية. ويعد سمك التونة ذو الزعانف الزرقاء أكبر أنواع التونة حيث ينمو إلى طول 3,44 متر، وتزن السمكة الواحدة حتى 730 كلغ، أما سمك التونة الأصغر فهو ماكريل الرأس المدور الذي ينمو إلى طول يزيد على 50 سم ويزن حوالي 3,2 كلغ، ويصنف سمك التونة ضمن السمك الأسرع سباحة، ويستطيع سمك الزعنف الأزرق السباحة بسرعة 70 كلم في الساعة، أما سعر الواحدة منها فوصل إلى 150 ألف يورو، كما تتميز بخاصيات مذهلة ونادرة، كونها السمكة الوحيدة ذات الدماء الحامية، إضافة لسرعتها القياسية حيث تقطع المحيط في 60 يوما.
أربعون نوعا
ولا يقتصر هذا اليوم العالمي على الإحتفال بالتونة المعروفة والأكثر انتشارا فحسب، وإنما يطاول أسماك التونة وأشباهها، نظرا لأهميتها الاقتصادية البالغة وكونها مصدرا مهما للأغذية.
ويدخل ضمن هذه الأنواع ما يقرب من 40 نوعاً تعيش في المحيطات: الأطلسي، الهندي والهادي وفي البحر الأبيض المتوسط، ومن أشهر أنواع سمك التونة: سمك التون الأبيض، تونة المحيط الأطلسي زرقاء الزعانف، سمكة المرلين البيضاء في الأطلسي، التونة كبيرة العينين، سمكة المرلين السوداء، سمكة المرلين الزرقاء، تونة المحيط الهادي زرقاء الزعانف، السمكة الوثابة، التونة الجنوبية الزرقاء الزعانف، سمكة المرلين المخططة، سمك أبو سيف، التونة ذات الزعانف الصفراء، التونة الحمراء والباكور.
ثروة مهددة
وجاء إعلان “يوم التونة العالمي” World Tuna Day نظرا لما يتهدد هذه الثروة، إذ تشير تقارير منظمة الـ (فاو) – بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط – إلى أن 40 بالمئة من أنواع الأسماك النادرة تواجه خطر الانقراض في غضون السنوات القليلة المقبلة، بسبب ارتفاع نسب التلوث في البحار والمحيطات، وعمليات الصيد الجائر التي يقوم بها الصيادون تجاه تلك الأسماك مثل الترسة البحرية (السلحفاة) والتونة، ما جعل الخبراء البحريون يحذرون من عواقب تلك الكارثة.
وتؤكد الـ (فاو) أن المخزون من أسماك التونة في البحر المتوسط وشرق المحيط الأطلسي يثير القلق على نحو كبير، وأن هناك انخفاضا بنسبة ٥٠ بالمئة من التكاثر على مدى السنوات الـ ٤٠ الماضية من خلال الصيد الجائر، وأن المشكلة الكبرى في الصيد الجائر هو طريقة الجر للشباك في عرض البحر، حيث تقوم السفينة بجر الشباك التي تلامس أرض البحر على مسافة كيلومترات عديدة، وبهذه العملية تقوم الشباك بجر كل شيء عالق بشبكة الصيد، ليس هذا فحسب بل تقوم من خلال عمليات الجر أيضاً بتخريب البيئة الأرضية للبحر وهو المكان لتكاثر وعيش أغلب الأسماك والنباتات البحرية.
وتحتل التونة ذات الزعانف الزرقاء قائمة المناقشات المطروحة على أجندة مؤتمر الاتفـاقية الـدولية لتنظيم الاتـجار بالكائنـات الفطريـة المهـددة بالانقـراض ومنتجاتها “سايتس”، حيث تسعى بعض الأطراف المشاركة فيه إلى مناقشة منع التجارة بها لأنها مهددة بالاختفاء كليا نتيجة الصيد الجائر. ويواجه هذا القرار الرفض من قبل عدد من الدول المستهلكة لها، مثل اليابان والصين كون التونة جزءا أساسيا من وجباتها المترفة، مثل السوشي إلى جانب أنها جزء من اقتصادها الذي تعتمد عليه.
ووفقا لدراسة نشرت في أوائل شهر تموز (يوليو) 2016 من قبل الاتحاد الدولي لصون الطبيعة، فإن من بين أنواع التونة الـ 8 التي تم إحصاؤها 5 منها صنفت في فئتي “مهددة أو شبه مهددة” في القائمة الحمراء، وبالتالي فالتونة الحمراء في جنوب الأطلسي هي من فصيلة التونة المهددة بالانقراض. وكذلك الحال بالنسبة للتونة الحمراء لشمال الأطلسي والتي هي في خطر. أما التونة السمينة فهي مصنفة في خانة “قابلة للانقراض”، وأعلن أن التونة الصفراء شبه مهددة بالانقراض، وكذلك الحال بالنسبة للتونة البيضاء.
منع الصيد
ويرى الدكتور كينت كاربنتر مدير “وحدة التنوع البيولوجي البحري” وأحد واضعي الدراسة أن هذه الأنواع الثلاثة من التونة مرجحة للانهيار بسبب ضغوط الصيد الجائر. ومع أمل ضئيل في البقاء، فإن سمك التونة الأحمر الجنوبي يبدو أنه يسير في هذا الاتجاه.
كما أن ممارسات الصيد الحالي لم تتغير والمخزون من أسماك تونة المحيط الأطلسي الحمراء مهدد أيضا بالانهيار. ومنذ الانخفاض الكبير الذي شهدته السبعينيات من القرن الماضي، فإن التونة لم تظهر علامات انتعاش في مجموعتها وأعدادها.
وقد تقلصت أعداد التونة الحمراء الجنوب أطلسية إلى درجة أن الحل الأنجع أصبح متمثلا في منع الصيد إلى أن تتم إعادة الوضع إلى ما هو أحسن ويتم تفادي الانهيار، إن مثل هذا القرار من شأنه أن يولد صعوبات اقتصادية كبيرة ويمكن أن تؤدي إلى زيادة الصيد غير المشروع. لكن من الممكن إعادة مخزون السمك كما يتضح ذلك في حالة أسماك التونة الحمراء المتواجدة في الجانب الشرقي من المحيط الأطلسي التي تم استغلالها بمستوى يعادل ثلاثة أضعاف المردود الأعلى الدائم.
غرينبيس
دعت منظمة السلام الأخضر “غرينبيس”، وجماعة الحفاظ على البيئة في تايوان، إلى قيام تايوان بخفض عمليات صيد أسماك التونة، وذلك لأن الإفراط في صيدها قد يتسبب في انقراض أسماك التونة بحلول عام 2048.
وعقدت “غرينبيس” مؤتمراً صحافياً مماثلاً في كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي، كما تعتزم مطالبة اليابان قريباً بخفض صيد التونة. وخلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في تايبيه، حثت منظمة “غرينبيس” وجمعية البيئة والحيوان في تايوان بشكل مشترك الحكومة التايوانية على الانضمام إلى المجتمع العالمي في خفض صيد أسماك التونة في المحيط الهادئ بنسبة 50 بالمئة.
ويحذر العلماء من أنه إذا استمرت الاتجاهات الحالية في استغلال صيد الأسماك، فإن كل أنواع الأسماك التجارية يمكن أن تنقرض بحلول عام 2048.
وقال ستيفن كامبل المتحدث باسم “غرينبيس”، أنه إذا لم نتخذ إجراءات فورية الآن، لن تتبقى أسماك تونة للأجيال المقبل، ويذكر أن اليابان هي أكثر دول العالم صيداً لأسماك التونة، بينما تأتي تايوان في المركز الثاني.
وقد عبرت المغرب إلى جانب اليابان وتونس عن تأييدها لمقترح تقدم به الاتحاد الأوربي وتبنته اللجنة الدولية للمحافظة على سمك التونة الأطلسي، بتقليص حجم الاصطياد السنوي بنسبة 40 بالمئة بالنظر إلى خطر الانقراض الذي يتهدد هذا النوع من الأسماك، إلا أن بعض مناصري البيئة اعتبروا أن هذا الإجراء غير كاف لضمان تجديد مخزون التونة الذي تعرض للاستنزاف بفعل الصيد المكثف.
ويقضي الاقتراح بخفض الكمية المصطادة من 22 ألف طن إلى 13.500 طن، بالإضافة إلى ذلك فإن مدة موسم الصيد بالنسبة إلى السفن التي تستعمل الشباك الكيسية ستتقلص شهرا واحدا، وسيحظر على كافة البلدان تمديد موسم الصيد.