يبدو أن حمّى تعذيب الكلاب والحيوانات الأليفة وقتلها لا تقتصر على دولة بعينها فحسب، فمن لبنان إلى مصر المشاهد الصادمة النافرة تتكرر، وربما في دول عربية عدة أيضا، فهذا النزوع إلى الجريمة الموصوفة قد لا يكون منفصلا عن ما نشهد من جرائم وسط الحروب القائمة، وهي تقدم صورا مروعة عن القتل والإجرام والتنكيل، وغير منفصل أيضا عن البيئة الاجتماعية في مجتمعاتنا العربية، وتراجع منظومة القيم الانسانية، خلافا لما هو قائم في الغرب الذي تمكن في حدود كبيرة من تخطي مشكلة الكلاب والحيوانات الشاردة، حتى الكلاب المسعورة لا تقتل جهارا، وإنما تستخدم حيالها وسائل القتل الرحيم.
لم تعد هذه المشكلة مجرد تعذيب وذبح الحيوانات الأليفة فحسب، لأنها تشكل عودة إلى حياة بدائية تجرد الإنسان من إنسانيته، ما يعني أن هذه الجرائم تغذي في النفس البشرية روح الإجرام، وما يترتب عليها من سلوك عدواني يعبر عن نفسه في النزوع نحو الجريمة أبعد من قتل حيوان، وهنا مكن الخطر الذي يجب أن تتنبه له الدول، فالدعوة إلى تعميم الوعي حيال التعامل مع الحيوانات الضالة، يعتبر مقياسا لمدى تحضر مجتمعاتنا.
وحصل اليوم موقعنا greenarea.info على صور صادمة من ناشطين مصريين، تصور كلبة مرضعة وقد انغرزت فيها عصا طويلة من الفم وظهرت من كتفيها، وقد أثارت الصور ردود فعل شاجبة على مواقع التواصل الاجتماعي.
زادة: صدمت من هول المشهد
وفي هذا المجال، قال مدير “مأوى الجمعية المصرية لإنقاذ الحيوان” Cairo animals Rescue Team المعروفة اختصارا باسم “كارت” CART عمرو زادة لـ greenarea.info: “توجهت وزميلتي في الجمعية نانسي حكيم أول أمس الى مكان الحادثة في ميدان المساحة في الهرم (القاهرة – مصر)، بعد ان رصدنا بلاغ استنجاد على صفحات الرفق بالحيوان، وعندما وصلنا صدمت من هول المشهد، وكان من أبشع الحالات التي رأيتها في حياتي”.
وأضاف: “نفقت الكلبة بعد وصولنا بخمس دقائق ولم نستطع حتى ادخالها الى السيارة، وقد بدا انها عذبت وهي حية، وبدت انها مرضعة، وكنا قد قمنا كما في الحالات السابقة بالتنسيق مع عيادة بيطرية لاستقبالها لكننا لم نفلح في انقاذها”.
قانون عقيم
وأشار زادة إلى “اننا “نواجه الكثير من الحالات المماثلة لتعذيب الحيوانات، ولدينا حالات نعالجها، وهناك كلاب وجدناها مذبوحة، وكلاب استخدمت في المضاربات وتعرضت لتشوهات واعطاب”. وقال: “لم نستطع الوصول للفاعل ولا احد يتحرك لمساندتنا، نعمل الآن مع المحامين على تقديم بلاغ رسمي بالرغم من ان القانون عقيم (حبس 6 أشهر وغرامة 100 جنيه مصري اي ما يعادل 5 دولارات أميركية) ووزارة البيئة هي الجهة المسؤولة، ولكننا لا نلقى منها تعاونا، لذلك نعمل على تفعيل القانون ونطالب بالتشدد في تطبيقه في اسرع وقت”.
ولفت زادة إلى أن “هذه الممارسات في تزايد مستمر، يقوم بها بعض المواطنين ويشجعهم في ذلك قيام المسؤولين والجهات الرسمية في نفس الممارسات”، وقال: “منذ اقل من شهر قام رئيس جامعة القاهرة جابر نصار بتسميم الكلاب وقتلها في الجامعة، واستنكرنا حينها (وقلبنا الدنيا عليهم)، كما اننا وثقنا هذه الحادثة”.
فيلم وثائقي
واضاف: “في مصر لا يوجد اي اهتمام في الحيوان، وهناك جهل ظهر في الممارسات الوحشية التي رصدناها والحالات المعنفة، ويعود هذا الجهل لقلة التربية وغياب الحس الانساني والوعي بالدين والاخلاق ونتيجة كبت نفسي عن الكثيرين، لذلك نقوم بعملنا من منطلق انساني، نجمع التبرعات لنرعى الكلاب ونعالجها، ونقوم بعمليات تعقيم للكلاب الشاردة بحسب امكانياتنا المادية، ونحضر أيضا لحملة توعية على مستوى مصر موضوعها الرفق بالحيوانات”.
وأشار إلى “اننا نقوم ايضا بتجهيز فيلم وثائقي حول تجاوزات الدولة والافراد ضد الحيوانات”، لافتا إلى أنه “يلزمنا تفعيل القانون ليكون اشد صرامة، وتطبيقه من قبل الاجهزة المعنية”.
وختم زادة: “إن التصرفات مرفوضة ومجرمة دوليا، ونطالب الجميع بعدم المضى قدما فى إيذاء الكلاب، وأنه حيال تعرض أحد الأشخاص للإيذاء من خلال الكلاب الضالة فعليه أن يخطر الجمعيات المعنية بالرفق بالحيوان بدلا من هذه التصرفات الوحشية”.
