جيد أن يتنبه “حلف شمال الأطلسي” إلى تغير المناخ باعتباره مشكلة عالمية تستهدف الحياة على الأرض وتقوِّض الأمن والاستقرار بين الدول، لكن ما يثير التساؤل: بأية خلفية ينظر الحلف إلى تغير المناخ؟ وهل يريد توظيف “عدو” جديد يبرر تدخله في الصراعات الدولية حتى حدود القطب الشمالي، حيث الثروات الطبيية المختزنة ستكون موضع نزاع بين العديد من الدول؟ ومن ثم أين الحلف من سياسة الولايات المتحدة وتراجعها عن التزاماتها الدولية في هذا المجال؟

في الجو العام، يأتي هذا التنبيه على لسان الجنرال (الفرنسي) ديني ميرسييه في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، يوم الأربعاء 3 أيار (مايو) الجاري، حين أكد أن “تغير المناخ يشكل تهديداً أمنياً عالمياً يجب على كل الدول مجتمعة محاربته”، معبراً عن هواجس ليست بجديدة، ولا غبار عليها، لكن ماذا وراء الأكمة؟

 

الحلف عبء ثقيل على الولايات المتحدة

 

لا يمكن فصل ما أدلى به الجنرال ميرسييه عن مواقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عندما اعتبر أن حلف شمال الأطلسي أصبح “يمثل عبئاً ثقيلاً على الولايات المتحدة التي تدفع ضريبته أكثر من أي دولة أخرى”، وإن عاد وصوب لاحقا، قائلا بأن “كل شيء بيد الحلف”.

ويبدو مما تقدم أن حلف شمال الاطلسي ينظر بتوجس إلى مواقف ترامب المتناقضة، ليس في موضوع تغير المناخ فحسب، وإنما حيال مشاركته في 25 أيار (مايو) الجاري في أول قمة يعقدها حلف شمال الأطلسي منذ توليه منصبه، إذ يتوقع كثيرون أن يبدد ترامب مخاوف حلفائه حول التزام إدارته بالحلف من جهة، وتصريحاته حول التقارب مع روسيا من جهة ثانية.

وقال ميرسييه، القائد الأعلى لعمليات التحول بالحلف (قائد القوات الجوية الفرنسية سابقا)، على هامش مؤتمر في “نورفولك” في ولاية فرجينيا الأميركية، أن “ثمة ضرورة شديدة بأن تظل الأمم المتحدة تضم كل الدول وتنسق أعمال كل الدول”.

 

ميرسييه يغمز من قناة ترامب

 

وتأتي هذه التصريحات في وقت يقترب الرئيس الأميركي من اتخاذ قرار بشأن الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، خصوصا وأن المؤشرات تميل أكثر نحو إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاقية.

وغمز ميرسييه من قناة ترامب والولايات المتحدة، دون أن يذكرها بالاسم، حين قال “إذا كانت دولة واحدة ولا سيما الدولة الأكبر لا تعترف بمشكلة ما، فسنواجه صعوبة في التعامل مع أسباب تغير المناخ”، في إشارة إلى أن الولايات المتحدة هي صاحبة أكبر اقتصاد في العالم، وثاني أكبر الدول من ناحية انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بعد الصين.

ويدرس ترامب ما إذا كان ينبغي للولايات المتحدة البقاء ضمن اتفاق باريس للمناخ الذي وقعته حوالي 200 دولة في العام 2015، بهدف الحد من ارتفاع درجات الحرارة في العالم، خصوصا وأنه يشكو من أن الولايات المتحدة لم يتم التعامل معها بإنصاف في الاتفاق، لأنها ستتحمل نصيباً أكبر من الدول الأخرى في مكافحة ارتفاع درجة الحرارة في العالم.

 

أزمات تتفاعل داخل الحلف

 

وأشار ميرسييه إلى أن “مهمة الحلف في ما يتعلق بتغير المناخ هي محاولة التنبوء بتأثيراته على الاستقرار الجيوسياسي في العالم، وبذل جهد عالمي للتصدي لتغير المناخ يساعد العالم في تجنب تلك الأزمات والصراعات”، لافتا إلى أن المخاطر تشمل ارتفاع منسوب مياه البحار وندرة المياه وإتاحة الوصول إلى موارد القطب الشمالي، وهي كلها عوامل من المرجح أن تخلق صراعات جديدة قد تشارك فيها دول الحلف.

ويبدو في مدى اللحظة القائمة، أن مواقف ترامب المتناقضة والمحكومة بمزاجية موصوفة، بدأت تميط اللثام عن أزمات تتفاعل داخل الحلف، مع ما يتبنى الرئيس الأميركي من سياسات لما يزل يكتنفها الغموض، ما يؤشر إلى تحولات قد تكون خطيرة على صعد مختلفة، مع الإشارة إلى أن ثمة أسئلة ستظل دون إجابات واضحة في المدى القريب!

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This