ما عاد مجدياً وسط ثورة المعلومات أن يظل الإعلام متلقياً غير قادر على بلورة مفاهيم جديدة، خصوصا الإعلام البيئي الذي بدأ يرسخ حضوره في مختلف أنحاء العالم، وسط ما نشهد تحديات مشتركة، ومشكلات ليس ثمة من هو في منأى عنها، وإن تعددت أشكالها بين بلد وآخر، بمعنى أن هناك دورا على الصحافيين أن يضطلعوا به أبعد بكثر من مجرد سرد معلومة، وتغطية حدث، ذلك أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت تمثل “فضاءً إعلاميا” تخطى الإعلام التقليدي منذ سنوات عدة.
وقدم موقعنا greenarea.info في هذا المجال إضافة إعلامية، وتجربة تبني ركائزها على العلم والمعرفة، فدور الإعلام على سبيل المثال ى يمكن أم يكون مقتصرا على تغطية نفوق سلحفاة فحسب، وإنما البحث والتقصي لمعرفة أسباب هذا النفوق، ومد جسور التواصل مع العلماء والخبراء وذوي الخبرة والاختصاص.
وكان لموقعنا يوم أمس تجربة آثر خوضها دعما للبحث العلمي، عندما قام بتأمين سلحفاة نافقة بالتنسيق مع “جمعية Green Area الدولية” لطالبة من الجامعة اللبنانية تتابع دراسة الطب البيطري، واقتضى الأمر التنسيق مع وزارة الزراعة ومركز علوم البحار في البترون ومحمية صور الطبيعية وبلدية صور، المهم أن السلحفاة لم تدفن في التراب، وإنما هي الآن في متناول الطالبة، وستكون موضع دراسة بحثا وتشريحا.
وقائع اليوم الطويل
عثر أول من أمس على سلحفاة بحرية نافقة عند شاطىء الرميلة (قرب مدينة صيدا)، وتم إبلاغ “جمعية Green Area الدولية” بوجودها من قبل مركز الانقاذ البحري في الدفاع المدني، فتوجهنا لاستلام السلحفاة والتنسيق مع مركز علوم البحار في البترون لتشريحها والوقوف على أسباب نفوقها.
وعلم grrenarea.me أن عناصر الانقاذ البحري، بعد أن تبلغوا عبر الهاتف عن السلحفاة، توجهوا لتقديم المساعدة اللازمة، ولكن مع وصولهم إلى شاطىء الرميلة وجدوا السلحفاة نافقة، وعند معاينتنا لها تبين أنها تنتمي لفصيلة السلاحف البحرية ضخمة الرأس “كاريتا كاريتا” caretta caretta، وهي مدرجة على “القائمة الحمراء” The IUCN Red List من قبل “الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة” International Union for Conservation of Nature الـ IUCN.
وكنا قد أعلمنا بأن طالبة في الجامعة اللبنانية – كلية الزراعة والطب البيطري بحاجة لإجراء وتقديم دراستها التي تتضمن تصوير وتشريح سلحفاة، فبادرنا إلى الاتصال بها، وقمنا بالتنسيق مع وزارة الزراعة – مديرية الثروة الحيوانية – وأكد الدكتور داهج المقداد لـ grrenarea.me أن “لا مانع طالما ان الهدف علمي وان السلحفاة قد تم تسلمها نافقة من مؤسسة رسمية تابعة للدولة”، أي مركز الدفاع المدني.
وقمنا بنقل السلحفاة، وتطوع شابان لمساعدتنا من مدينة صور، بالتنسيق مع الطالبة ثريا دباغ، وكان لا بد من إجراء صورة الصورة الشعاعية، وقد اتصلت “جمعية Green Area الدولية” ونسقت مع الدكتور عمر خالد لاستقبالها في مركز التصوير خاصته في المدينة، وقد ابدى تجاوبا وتعاونا كبيرا بحيث استقبلنا فريقه الطبي مرحبا، وقام بإجراء الصور المطلوبة دون مقابل، في خطوة الهدف منها تشجيع البحث العلمي.
حماية السلاحف
وقالت دباغ لـ greenarea.info: “أتابع دراستي في الجامعة اللبنانية – كلية الزراعة والطب البيطري، وأنا بحاجة إلى تشريح وتصوير سلحفاة بحرية نافقة من نوع (كاريتا كاريتا) caretta caretta ليتم مقارنتها لاحقا بأخرى نهرية”.
وتسلمت دباغ السلحفاة وبدأت العمل على دراستها، ولأنه يلزمها اجراء صور اخرى غير متوفرة في مدينة صور، تقرر الاحتفاظ بالسلحفاة في إحدى الثلاجات.
وفي هذا المجال، قامت الجمعية وبالتنسيق مع رئيس بلدية صور ورئيس محمية شاطئ صور المهندس حسن دبوق للإبقاء على السلحفاة بعهدة المحمية التي أبدت تجاوبا لجهة بتأمين الثلاجة، كما وعرض دبوق استعداد المحية لتقديم المساعدات اللازمة، وأثنى على دور المحمية وعملها على موضوع حماية السلاحف.
وفي السياق عينه، كنا قد اتصلنا بالدكتور شريف جمعة من مركز علوم البحار في البترون وقد ابدى تعاونه في مساعدة دباغ واستعداده لاستقبالها.
