لم يمنع الزي الديني الشيخة رنا نجد أبو منصور من أن تكون سباقة في مجال الأعمال، بل كان دافعا لمد اليد ومساعدة نساء أخريات على تحقيق أحلامهن، فضىلا عن مساعدة حالات اجتماعية صعبة على تحقيق الإستقلال المادي والمعنوي، والإتجاه نحو حياة منتجة ومثمرة، وتأمين دخل خاص بهن، ولا عجب أن تنظر إليها هذه النساء كأم وهي أصغرهن سنا، خصوصا أن تشجيعها ونشاطها غدا حافزا لهن لينتجن أكثر وتحقيق أمور لم يحلمن بتحقيقها.
ولا عجب أن شبهها الكاتب الفرنسي Poncin Philippe خلال معرض في القاعة الزجاجية التابعة لوزارة السياحة في منطقة الحمرا بـ “زهرة التوليب”، وقد لفتت بنشاطها رواد المعرض الذي شمل نتاجا لنساء من كافة مناطق لبنان، وأثنى الجميع على تنوع وجودة إنتاج هذه المجموعة من النساء.
دعم اتحاد بلديات جبل الشيخ
وقالت أبو منصور لـ greenarea.info عن مسيرتها: “لم أقنع بحياة الجمود وعدم الإنتاجية، إلا أن الفائدة تكون مضاعفة إن عممت، وكانت الفكرة خلق فرص عمل للمرأة، ومشروع يكون قريبا من بيوتهن في منطقة راشيا، وهنا أتت فكرة انتاج مادة نستعملها يوميا وهي الصابون، وعملت على إحضار مدربين لدورة مكثفة لمدة عشرة أيام، وتابع عدد من النساء الدورة وقمنا بجولات ميدانية في منطقة جبيل وصيدا، وبعد هذه الدورة جمعنا 11 صبية للعمل في خط إنتاجي للصابون، أما بعض النساء الأخريات فقد أصبحن ينتجن انتاجا خاصا”.
وأضافت: “لا يمكن أن ننسى اتحاد بلديات جبل الشيخ الذي دعم المبادرة كونها صناعة محلية وتنموية لتمكين النساء، وذلك بالمساهمة بدفع رواتب السيدات لمدة ثلاثة أشهر والإستثمار بالمشروع الذي كلف حوالي 25 ألف دولار، كما ساعدتنا منظمة Mercy Corps الخيرية ضمن مشروع “إنتاج” التنموي في التدريب وتأمين المعدات، وأطلقنا اسم صابون جبل الشيخ على منتجاتنا، وقد شاركنا بعدد من ورش العمل مع مختصين في اكثر من ميدان زراعي صناعي، شمل صناعة الصابون والتقطير وغيرها من الصناعة البلدية الفنية المتطورة بهدف إيصال إنتاجنا نحو الإكتفاء الذاتي”.
وأشارت أبو منصور إلى أنه” راعينا ظروف النساء العائلية والإجتماعية فهن يداومن لفترة 3 أيام من الشهر من الساعة 8 حتى الواحدة، وبذلك لا يقصرن في حياتهن العائلية، وبعد هذه الفترة وجب علينا أخذ زمام المبادرة والبدء بتسويق الإنتاج لدفع الأجور، لذا فنحن كمجموعة سننتدب ثلاث سيدات منا للمشاركة في دورة في مجال الإدارة والتسويق تقام في مدينة زحلة مقدمة من منظمة Mercy Corpsأيضا، لتسويق إنتاجنا بصورة متكاملة وصحيحة، وترافقنا المنظمة في كل خطوة لأنها آمنت بمشروعنا وحماسنا وتوجهنا”.
الاستمرار
وقالت: “ستشارك 50 سيدة بدورات لصناعة السيراميك، والحفر على المرايا والـ Faux Bijoux برعاية (رابطة سيدات جبل الشيخ) وأنا رئيستها، وبدعم من مؤسسة Cherie Blair Foundation for Women بهدف إنتاج منتجات حرفية، لعبوات خاصة للصابون، لتسويق إنتاجنا بجودة وبشكل فريد يميزه عن الإنتاجات الموجودة بالسوق”، ولفتت إلى أن “نوع زيت الزيتون المستعمل هو من أفضل الأنواع ومعصور على البارد، وبذلك نحافظ على جودة وتميز إنتاجنا، وإن كان هذا يقلل من هامش الأرباح، لكننا نتجه لزيادة الإنتاج والمحافظة على الجودة باعتماد المواد الطبيعية وأجود أنواع الزيت والعطور”.
ولفتت إلى “اننا بدأنا الإنتاج في كانون الأول (ديسمبر) من العام الماضي، وشاركنا بمعرضنا الأول في 12 شباط (فبراير) في قلعة الاستقلال في راشيا الوادي، وكان من تنظيم اتحاد بلديات جبل الشيخ ولاقى اقبالا كبيرا، وتمكنا من بيع كمية كبيرة من الصابون، وحاليا لدينا 18 ألف صابونة للبيع وبأسعار متهاودة”.
وأضافت أبو منصور: “لدينا أنواع من الصابون تختلف أسعارها حسب أنواع العطور المستعملة واستخدامات وطرق صناعتها، وعادة فالصابون المستخدم على الجسم يصنع باستعمال النار لتسريع العملية، أما المصنوع على البارد فيستعمل في صابون الأطفال وعلاجات الوجه، كما نستعمل في منتجاتنا موادا مقطرة مثل البابونج والزعتر والغار وغيرها، فضلا عن خط انتاج آخر لصابون الوجه المصنوع مع زيت الأرغان المستورد ومستحضرات لتفتيح البشرة وعلاج حب الشباب والتجاعيد، وصابون للأطفال وكلها بأسعار رمزية، إيمانا منا بالربح القليل والإنتاج الكثير والجيد، واستقطاب أكبر عدد من الزبائن، لنستطيع الإستمرار”.
سوق الجنى
وأشارت إلى “اننا استطعنا انتاج 18 ألف صابونة، ولدينا حاليا 16 نوعا بلديا، غار، غاردينيا، فل، ياسمين، دوف، أرغان، لافاندر، إكليل الجبل، زعتر، نعنع، بابونج، ليمون وصنوبر”، وقالت: “تعاقدنا مع فنان للحفر على الصابون، ونفخر بأن أول طلبية أخذتها منا مدرسة حارة الشرفة بمناسبة عيد الأضحى”.
وأردفت أبو منصور: “شاركنا في معرضين في وزارة السياحة – القاعة الزجاجية، ومرة في عيد الميلاد في زحلة، وتتراوح رواتب السيدات بحوالي 350 ألف حتى 400 ألف، لمدة 12 يوما في الشهر، وخمس ساعات يوميا مع تأمين النقل من وإلى المعمل، ولدينا تأمين ضد الحوادث، وكوني رئيسة رابطة سيدات جبل الشيخ، وهي جمعية خيرية اجتماعية أخذنا فيها علم وخبر، ننوي إنشاء سوق للسيدات يوم السبت من كل أسبوع تحت اسم (سوق الجنى) في المدرسة الرسمية، لفتح الباب أمام السيدات للعمل في منازلهن وتسويق إنتاجهن في هذا المعرض، ولذا قمنا بدورات السيراميك والحفر والـ “فو بيجو” لتمكين السيدات من إنتاج أشغال يدوية وحرف مميزة لتسويقها، كما قمت بدورة لسلامة الغذاء برعاية وزارة الشؤون الإجتماعية وجامعة LIU ومؤسسة “شيري بلير”، ونلت عنها شهادة وأعطيت دورة للسيدات أيضا بهدف إنتاج مأكولات صحية للمعرض، وهذا السوق خصوصا لأولاد راشيا القاطنين خارج المنطقة للمساهمة مع أهاليهم وأخذ المنتجات المحلية وتمكين النساء، تحت شعار هيدا من أرضك نفع أهلك”.
وختمت أبو منصور: “هناك وقت مهدور لدى السيدات نحاول استثماره، وإنتاج مواد نوعية، وأؤمن بأننا نسير معا كأسنان المشط، فإن انكسر سن، يحل مكانه شخص آخر، فكل الفريق متمكن، المهم أن نستمر وننتج ونجعل حياتنا هادفة ومنتجة، كما أن لدينا 18 حالة من ذوي الحاجات الخاصة وهم طبقة منسية من المجتمع، وفرنا لهم جزءا من المعرض ليقوموا بتزيين الصابون وانتاج حرف يدوية خاصة بهم وعرض انتاجهم ودمجهم في المجتمع”.