باتت قضية الاحترار المناخي تشكّل أزمة حقيقية تخصص لها الاجتماعات والقمم بشكل دوري، وقد تركّزت مختلف الابحاث والدراسات في السنوات الماضية حول معضلة ذوبان الثلوج في القطب الشمالي والنتائج الكارثية التي قد تنتج عنها، وحول إيجاد سبل للتخفيف من حدتها.

فبعد ان وصل ذوبان ثلوج القطب الشمالي إلى أعلى مستوياته عام 2016، لم يعد  يتجاوز الغطاء الجليدي فيه سماكة 2 إلى 3 سنتيمترات، وبالتالي فهو يتآكل باستمرار نتيجة الاحترار المناخي. وقد حذرت بعض الدراسات من ان يختفي الجليد بحلول عام 2030 في فترة الصيف، الامر الذي سينعكس بدوره على مناخ الارض ويؤدي إلى تسارع في ارتفاع درجات الحرارة.

في هذا الاطار، فإن الحد من ذوبان الجليد سيؤمّن أثراً ملموساً على تباطؤ درجة الحرارة في كافة أنحاء العالم، وقدم علماء في جامعة بولاية أريزونا اقتراحاً لمعالجة الاضرار الناجمة عن الاحترار المناخي، والتي تطاول بشكل خاص القطب الشمالي، عبر زيادة سماكة الغطاء الجليدي باستخدام الملايين من المضخات التي تعمل بالرياح لنقل مياه البحر إلى سطح الجليد، على أن يتم استخدامها في الشتاء حيث تتجمد بسرعة.

هذه الفكرة ليست جديدة، ولكن الحجم الضمني للتقنية الذي ينطوي على إنتاج الجليد على ملايين الكيلومترات المربعة قد يدعو إلى إجراء المزيد من التحقيقات.

آلية العمل متعددة الاتجاهات، فتشير الدراسة التي نشرت في موقع world pumps  إلى انه بما أن نصف المحيط المتجمد الشمالي يتميز بالجليد الذي تقل سماكته عن 1.5 متر في المتوسط، يقدّر أن إضافة متر واحد من الجليد كل فصل شتاء في جميع أنحاء الـ 10 بالمئة من المحيط المتجمد الشمالي، من شأنه أن يعوّض النقص الحالي في سماكة الجليد الملاحظ منذ العام 2000. وبالتالي فإن زيادة سماكة الجليد بمقدار 1.0 م، تتطلب ضخ حوالي 1.3 متر من المياه، أي ما يعادل حوالي 1.4 متر من الجليد.

وينص الاقتراح على أن المضخة التي تعمل بالرياح على العوامة الكبيرة، يمكن أن تؤدي وظيفة التقاط طاقة الرياح لضخ مياه البحر إلى السطح.

أمر تصميم المضخات قريب من منصات توليد الكهرباء بالطاقة الهوائية، حيث تتكون من 10 ملايين شفرة بطول 6 أمتار، معلقة على جذع حديدي وذات محرك يسمح لها بالدوران، وتمتد على مساحة 1,0 كلم مربع، وتشمل المكونات الأساسية للجهاز عوامة كبيرة، توربينات الرياح ومضخة، خزان لتخزين المياه ونظام تسليم يأخذ المياه المتدفقة دوريا من الخزان ويقوم بتوزيعه على مساحة واسعة.

هناك طاقة رياح كافية في القطب الشمالي لتوربينات رياح واحدة بشفرات قطرها 6 أمتار، لضخ 1.3 متر من المياه على مساحة حوالي 1.0 كلم مربع فوق الجليد القطبي الشمالي. ولذلك سيتعين على نحو 10 ملايين مضخة تعمل بالرياح تغطية 10 بالمئة من المحيط المتجمد الشمالي، أو مليون جهاز سنويا، على أن تكون فترة التنفيذ 10 سنوات.

يتطلّب تطبيق هذا المخطط تصنيع هذه الأجهزة والحفاظ عليها في بيئة قاسية في القطب الشمالي، أما التحديات الهندسية التي تواجه هذه المهمة واضحة، ولكن مسألة مماثلة بنفس القدر تتعلق بجدوى تمويلها.

في هذا السياق، تبلغ كلفة هذا المشروع 50 مليار دولار سنويا على مدار عشر سنوات، بتكلفة إجمالية قدرها 5 تريليون دولار اميركي، إلا ان مطلقه العالم الفيزيائي ستيفن ديش على رأس فريق من العلماء، يبرّر قائلاً: “كلفة المشروع مذهلة ومرتفعة، إلا ان المخطط قد يصبح ضرورياً اذا اردنا مواجهة الكارثة التي تواجه القطب الشمالي نتيجة تغير درجات الحرارة في المنطقة”، مشدداً على أنّ “زيادة سماكة الجليد تعني ضمان استمراريته لفترات أطول، وبالتالي تساهم في زوال خطر اختفاء الجليد في القطب الشمالي في فصل الصيف بشكل كبير”.

 

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This