وضعت “منظمة الصحة العالمية” قوانين صارمة لتداول تقانة زرع الخلايا الجذعية stem cells، لعلاج الامراض المستعصية وتعويض الاعضاء المفقودة، كما وضعت أسساً علمية فرضت اتباعها عند ترخيص اي بنك لجمع وحفظ الخلايا الجذعية من دم الحبل السري، كذلك فرضت منظمة NETCOED في الاتحاد الاوروبي، ومنظمة الغذاء والدواء الأميركية FDA ومؤسسة اعتماد العلاجات الخلوية الأميركية FACT.
التعريف الدقيق
الخلايا الجذعية خلايا غير متخصصة وغير مكتملة الانقسام، ولكنها قادرة على تكوين خلية بالغة بعد أن تنقسم عدة انقسامات في ظروف مناسبة.
تكمن أهمية الخلايا الجذعية في أنها تستطيع تكوين أي نوع من الخلايا المتخصصة، وذلك بسبب مقدرتها على التجدد الذاتي، إضافة لقدرتها على التمايز إلى العديد من أنواع الخلايا.
أنواعها
تقسم الخلايا الجذعية اعتماداً على ما يسمى بـ”العمر الجنيني” لجسم الخلية ذاتها:
1- الخلايا الجذعية التي تولد بقدرة لصنع نوع معين من الخلايا .
2-الخلايا الجذعية كلية القدرة: تستطيع صنع غالبية أنواع الأنسجة البشرية.
3- الخلايا الجذعية البالغة: تتكاثر فقط لتصنع نسيجا معيناً للجسم، كالكبد، نخاع العظم (يعتبر العلاج بالخلايا الجذعية الأكثر استخداماً) أو الجلد… الخ.
التجربة السورية
يوجد في “مشفى التوليد” بدمشق بنك للخلايا الجذعية منذ سنوات، ولكن اليوم يتم العمل على مشروع زرع الخلايا الجذعية “الغيري” عند الاطفال، حول هذا المشروع تحدثت الدكتورة تهاني العلي – رئيسة مخبر زرع الخلايا الجذعية في مشفى الاطفال – جامعة دمشق الى greenarea.info قائلةً: يشهد“مشفى التوليد” في دمشق أكثر من 25 ألف ولادة سنوياً، فكرنا بالاستفادة من جزء من هذه الولادات، وذلك بقطف دم الحبل السري، من الخلايا المخزنة في بنك حفظ دم الحبل السري الموجود في “مشفى الأسد الجامعي”. ويهدف مشروعنا الى اجراء عمليات زرع الخلايا الجذعية “الغيري” لآلاف الأطفال المرضى، وخصوصا منهم المصابون بأمراضٍ مثل “فقر الدم المنجلي، عوز المناعة، التلاسيميا، عجز النقي وقصور النقي”.
ورداً على سؤال في ما إذا كانت الإمكانيات الفنية والطبية لهذا المشروع، متوفرة الأن؟ قالت الدكتورة العلي: “عملياً نحن نجري اليوم عمليات “زرع نقي العظم الغيري” للأطفال، ولكن المشروع المستقبلي، هو جزء من هذا العمل الحالي، ورغم أنه كان يمكننا المباشرة بالعمل منذ سنتين، لكن العقوبات الاقتصادية، المفروضة على سوريا، صعّبت عملية تأمين المواد الأولية وكبحت التقدم قليلاً، إلا أنني أؤكد أن كل الإمكانيات الفنية (خزانات التبريد، المواد المخبرية)، والمادية متوفرة حالياً، بالاضافة الى فريق عمل مختص في عمليات الزرع، ويمكننا في مخبرنا هذا اجراء كل الاختبارات على العينات المقطوفة (تحتاج إلى 6 أشهر للتأكد من سلامة العينة من الأمراض الوراثية والمعدية)، كما يمكننا إجراء تحاليل للمولود الذي تم قطف الدم من حبله السري .وسنباشر العمل خلال أقل من ستة أشهر.
وعن النجاحات ونسب الفشل، تابعت قائلة: “إن مانقوم به ليس تجارباً أو أبحاثاً، بل نحن نطبق تقانة أثبت العلم في كل الدول المتطورة أنها ناجعة في العلاج، لذلك فإن حالات الفشل عندنا معدومة كلياً، واليوم في مشفى الأطفال نحن نقوم بعمليات “زرع الخلايا الجذعية الذاتي”، وقد أجرينا خلال العامين الماضيين ثماني عمليات زرع من منشأ ذاتي، ولدينا أربع حالات أخرى تنتظر، ونحن نقدم العلاج لأكثر من 8 آلاف مريض مصاب بالتلاسيميا سنوياً”.
وينكب الباحثون في مختبرات العالم أجمع، على تطوير تقنيات استخدام الخلايا الجذعية، ذلك لما وجدوا من نتائج مبهرة، فهي تدخل في كل فروع الطب على الاطلاق، وقد اثبتت نجاحات أزاحت خطر الموت تحت العمل الجراحي، وخطر السرطان المرعب، ففي الهند شفي الكثيرون من العمى، وتم زرع أكباد لأناس مرضى في استراليا، وأكد الطب في الولايات المتحدة الاميركية عبر مجلة العلوم Science أنهم نجحوا في زرع خلايا جذعية لدى بعض المرضى ممن لديهم تلف في عضلة القلب، وعن كيفية الحصول على هذه الخلايا وحفظها تحدث الدكتور محمد مخلوف الأخصائي بأمراض العقم وطفل الأنبوب، قائلاً: “قبل قطع الحبل السري وحدوث الولادة بثوانٍ، يعمل الأطباء على سحب مايعادل 80 ملليلتراً من الدم من أوردة الحبل السري، ويقومون في الحال بنقله بواسطة حافظات خاصة، ليتم تجميده خلال 24 ساعة من لحظة سحبه. ويتعرض الكثير من هذه الخلايا الى التلف السريع، لذلك يجب تجميد الدم الحاوي على الخلايا الجذعية وفق شروط دقيقة بدرجة 196 مئوية تحت الصفر، وفي النتروجين السائل، لذلك تكون تكلفته المادية باهظة”.
إن اكتشاف تقنية زرع الخلايا الجذعيه STEM CELLS، خطوة إبداعية رائعة في علاج الصحة البشرية، فهي ساعدت على إنتاج خلايا العظام، الغضاريف، العضلات، خلايا الكبد وبطانة الأوعية الدموية، فهل يتوصل العلماء يوماً الى خلق كائن بشري فيما لو طوروا بحوثهم في هذا المجال؟