فيما بدأ الحديث عن مصير “اتفاق باريس” للمناخ، وعدم استبعاد ترنّحه وسط المشهد الحاجب لرؤية ما يخطط له خلف ستارة المصالح، مع طغيان دور الشركات الكبرى وتوجهها الرامي إلى تقليم أظافر المؤسسات الدولية التي تقود معركة المناخ، بات واضحاً أن الاتفاق دخل مسار تسوية جديدة بين الدول الكبرى، خصوصا وأن بعضها يتلطى بموقف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وهي الدول عينها التي عطلت في مؤتمرات المناخ السابقة اتخاذ قرارات كبيرة، ذوداً عن مصالحها.
أما الولايات المتحدة، فتواجه بدورها إرباكا، بعد أن أرجأت بت قرارها إلى أجل غير محدد، حيال انسحابها من “اتفاق باريس”، ويبدو أن ثمة أموراً ستتضح في الأيام القليلة المقبلة، إن لجهة رفد الاتفاق بجرعة أوكسيجين وإعلان الولايات المتحدة عدم انسحابها من الاتفاقية (بشروط معينة!)، وإن لجهة تبني خارطة طريق جديدة تضع اتفاق باريس على مشرحة التعديل ومبضع مصالح الحكومات.
مؤتمر بون يواصل أعماله
وسط هذه الأجواء واصل مؤتمر تغير المناخ في بون أعماله، وفي هذا السياق، وبحسب مصادر الأمم المتحدة، اجتمع فريق العمل المعني باتفاق باريس لتيسير التفاعل بين الأطراف مع ممثلي لجنة التكيف وفريق الخبراء المعني بأقل البلدان نمواً واللجنة الدائمة المعنية بالتمويل والصندوق الأخضر للمناخ. كما اجتمعت خلال الفترة نفسها جلسة عامة مشتركة غير رسمية للهيئة الفرعية للتنفيذ والهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية والفريق العامل المخصص، وانعقدت المشاورات غير الرسمية والأحداث المقررة على مدار اليوم، اقترح أحد الأطراف إدراج إتاحة السلع بجودة وأسعار متشابهة ضمن المبادئ، في حين عارضت بعض الأطراف إدراج مبادئ، مشيرة إلى أن “اتفاق باريس يحدد المبادئ بالفعل”.
وطلب العديد من المندوبين إدراج نص حول تجنب الازدواجية في العمل في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وغيرها من المنتديات متعددة الأطراف، وطلب عدد قليل من البلدان تضمين أمثلة على النهج غير السوقية مثل السياسات والاستراتيجيات. وتباينت وجهات نظر الأطراف حول ما إذا كانت جميع النهج غير السوقية تحتاج إلى تحقيق الأهداف المدرجة في اتفاق باريس.
في مشاورات غير رسمية، تساءل البعض ما إذا كانت الاستثمارات التي تعبئها أطر الدعم ينبغي أن تحسب ضمن موارد تمويل المناخ أم لا، في حين دفع بعض مندوبي البلدان المتقدمة بضرورة ذلك. وقال مندوب أحد الفرق أنه لا ينبغي أن يكون كل الاستثمار الزائد من ممول واحد فقط. وأشار آخرون إلى التحديات، بما في ذلك تحديد السببية، ونسب الدعم للمصارف الإنمائية متعددة الأطراف.
لجنة باريس المعنية ببناء القدرات
واعتمدت لجنة باريس المعنية ببناء القدرات مقررات بشأن جميع بنود جدول الأعمال المتبقية (PCCB/2017/1/4-9)، بما في ذلك: خطة العمل الدورية للجنة خلال الفترة 2017-2019، إرشادات وتوجيهات حول بوابة بناء القدرات، وأوجه الترابط مع الهيئات المشكلة الأخرى والكيانات العاملة في الآلية المالية. وأوضح الرئيسان المتشاركان للجنة باريس أن خطة العمل تشكل نهجاً عاماً، وأشارا إلى أنه سيتم الانتهاء من صياغة التفاصيل في ما بين الدورات، مع وضع مدخلات المراقبين في الاعتبار، حسب الاقتضاء.
تدابير الاستجابة
قدمت الأمانة ورقة عن التحول العادل لفريق العمل (FCCC/TP/2016/7) وعلق الكثيرون على جدواها، ودعا العديد من مندوبي البلدان النامية إلى إعداد دراسات حالة، والعمل في ما بين الدورات، ومواصلة العمل من جانب فريق الخبراء التقنيين. وقد عارض مندوبو بعض البلدان المتقدمة ذلك، مشجعين على العمل أثناء الدورات وإلى مزيد من التوضيح خلال مراجعة 2018، واقترحوا الخروج بنتائج “محايدة”. واتفقت الأطراف على أهمية التعاون مع المنظمات الدولية.
ورداً على الأسئلة المطروحة وعلى أمور أخرى، سلطت اللجنة الدائمة المعنية بالتمويل الضوء على أن عمليات التقييم التي تجرى كل سنتين، توضح الثغرات وتدفقات تمويل المناخ ذات الصلة بعمل الفريق العامل المخصص بشأن قياس الدعم والإبلاغ عنه والتحقق منه. وأوضحت لجنة التكيف أنها تقدم تقارير إلى مؤتمر الأطراف العامل بوصفه اجتماع أطراف الاتفاقية من خلال مؤتمر الأطراف.
دفع الحياة في اتفاق باريس
وفي ختام الأسبوع الأول، تأمل أعضاء الوفود في كيف يمكن أن يساعد هذا الاجتماع على دفع الحياة في اتفاق باريس. ورحب كثيرون بالروح الطيبة والمشاركة الإيجابية في الأيام القليلة الماضية، ولا سيما في التقييم المتعدد الأطراف، حيث أدرك أعضاء الوفود الموقف الصعب للأطراف في المشاركة بطريقة بناءة وودية.
ومع ذلك، تم الاستماع إلى مخاوف بشأن التوازن غير المتكافئ للتقدم المحرز في جميع بنود جدول الأعمال، والتي أشار إليها جو تيندال الرئيس المشارك للفريق العامل المخصص المعني باتفاق باريس، قائلا إن رؤساء الهيئة الفرعية للتنفيذ، والهيئة الفرعية للمشورة العلمية والتكنولوجية، والفريق العامل المخصص المعني باتفاق باريس هم إعادة تجسيد لفرقة “اتجاه واحد”.
وبالنظر إلى العمل المعقد الذي يجب القيام به، قال أحد أعضاء الوفود ذوي الخبرة أننا قد تضطر إلى أن ندرك أن الفرقة تعزف “نغمات متعددة”.