قضية الإحترار المناخي، التي تحوّلت الى أزمة عالمية، باتت أسبابها معلومة في مختلف أطياف الأرض، وقد جاهرت اللجنة الدولية للتغيرات المناخية بأن غازات الدفيئة الناتجة عن الممارسات البشرية هي المسؤولة عن معظم ارتفاع درجة الحرارة الملاحظة منذ منتصف القرن العشرين !!

بالحديث عن المصادر الرئيسية لانبعاثات الغازات السامة التي تتسبّب بها الانشطة البشرية، ووفق مؤسسة الموارد العالمية، تتبوّأ  الدول الصناعية ألمراكز الأولى في مسؤوليتها عن الإختلال المناخي بسبب كثرة انبعاثات الغازات السامة.

تأتي الصين في الطليعة، تليها الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، وتلحق بهم كل من الهند، روسيا، اليابان والبرازيل لتنتهي لائحة الدول العشر الأكثر تلويثا للجوّ بإيران، إندونيسيا وكندا، وتشكّل انبعاثاتها  70 % من انبعاثات الغازات العالمية.

أصابع الإتهام تتجّه مباشرة نحو الدول الصناعية الكبرى، إلّا أن الدول الفقيرة والنامية، ورغم غياب المسبّبات الصناعية الرئيسية فيها، فهي بشكل أو بآخر، وضمن إمكانياتها المحدودة، تساهم بشكل أكبر من المتوقّع في زيادة نسبة الإحترار المناخي، ربما بمعرفة أو عن غير يقين.

وبينما يمثّل غاز الكربون 76% من الإنبعاثات العالمية، إتّهمت دراسة، نشرت في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم PNAS ، الماشية في الدول النامية بأنها من أكثر المصادر المسبّبة للإحترار المناخي !!!

إتهام مستغرب، تكمن حقيقته في التفاصيل، ففي تقييم شامل أولاً للطعام الذي تتناوله الأبقار والأغنام والخنازير والدواجن والحيوانات الزراعية الأخرى، وثانياً لمنتجات تلك المواشي من حليب وبيض ولحوم، ثبت أن  كمية غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من الماشية في بعض البلدان الفقيرة، يمكن أن تصل إلى 100 مرة أكثر من تلك الموجودة في الدول الغنية لكل كيلوغرام يتم إنتاجه من البروتين !!

الدراسة التي أعدها علماء من المعهد الدولي لبحوث الثروة الحيوانية ILRI، ومنظمة ألكومنولث للبحوث العلمية والصناعية  CSIRO، والمعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية ILASA، توصّلت الى أن الماشية في البلدان النامية تنتج 75 % من الإنبعاثات العالمية التي تصدر من تلك الحيوانات بالتحديد، و56%  من الإنبعاثات العالمية التي تنتجها الدواجن والخنازير.

وقد وجد العلماء أن الماشية التي تتم تربيتها لإنتاج لحوم البقر أو منتجات الألبان، هي أكبر مصدر لانبعاثات غازات الدفيئة من الماشية في العالم، وهي مسؤولة عن 77 % من إجمالي تلك الإنبعاثات، بينما تعتبر الخنازير والدواجن مسؤولة عن 10 بالمائة فقط.

أما السبب  بزيادة انبعاثات غازات الإحتباس الحراري في البلدان النامية، فيعود إلى استهلاك الحيوانات للأعلاف ذات النوعية الرديئة، وكمية الطعام المستهلك، فضلاً عن سوء الحالة الصحية للحيوانات.

هذه الحقيقة، ليست جديدة العهد، بل إن الحديث في هذا المجال قد بدأ منذ سنوات عديدة، وفي العام 2006، صدرت دراسة  سويسرية تناولها الرئيس الاميركي السابق جورج بوش في مؤتمر كويتو العالمي لحماية البيئة، مفادها أن البقرة أكثر ضرراً بالبيئة من السيارة وأن غاز الميثان في براز الأبقار أخطر 21 مرة من غاز ثاني أوكسيد الكربون الذي ينطلق من السيارات.

تفاصيل هذه الدراسة تمحورت حول ما سمّاه الباحثون “حساب الميزان البيئي للبقر”، الذي يظهر بمعادلة بسيطة أن إنتاج كيلوغرام واحد من لحم البقر، يلحق ضرراً بالبيئة يعادل ضرر سيارة تمشي مسافة 1600 كيلومتراً .

قد يتلقّف الرعاة أو أصحاب مزارع الأبقار الخبر بطريقة متفاوتة، إلّا أن صاحب مزرعة في أميركا، حرصاً منه على البيئة، أنشأ مزرعة في العام 2015 سعى فيها للتخفيف من تبعات تربية الماشية على التغير المناخي. والتزم أساليب عضوية في إطعامها العشب الذي ينمو في مزرعته، بطريقة لا تؤدي إلى خلخلة التربة وتحدّ بالتالي من إنبعاثات الكربون الأمر الذي يجعله غير مضطرّ  لحراثة الأرض. (فيديو)

قد لا تقتصر الدراسات على نوع من أنواع الحيوانات، وقد يكون هنالك مصادر أخرى ملوّثة، الا أنه بين المسبّبات البشرية، والأخرى الحيوانية، تبقى النتيجة السلبية نفسها، وتغيير مفاهيم العيش ونشر الوعي حول الخطورة تبقى هي الأساس .

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This