بدأ باحثون وعلماء واطباء يطلقون الانذرات، بأن الامن الصحي العالمي في خطر، وذلك بسبب ازدياد مقاومة البكتيريا للادوية العلاجية، وابرزها المضادات الحيوية، حيث ستصبح هذه الاخيرة اقل فاعلية في مواجهة خطر البكتيريا، والاسباب متعددة، منها عشوائية تناول المضادات الحيوية، انما السبب الابرز كثرة الحروب، خصوصا في البلدان التي تشهد نزاعات مسلحة كالعراق وليبيا وسوريا واليمن، حيث ان المواد السامة التي تنتج من الاسلحة المستعملة تزيد من التغيير الجيني للبكتيريا لتجعلها تقاوم بشراسة مفعول المضادات الحيوية، كما وان لبنان لا يسلم من هذه التداعيات، لان جسمه الطبي غير مؤهل بعد لجهة كيفية التعاطي والحد من الهجوم الشرس للبكتيريا في القطاع الصحي.
تلك النقاط الهامة والاساسية بحثنا عنها مع ذوي الاختصاص في علم الجراثيم والاوبئة، فما هي تلك التحذيرات الواجب الاخذ بها؟
الشرق الاوسط مهدد صحيا
“تحذيرات من نمو البكتيريا المقاومة للدواء في مستشفيات الشرق الأوسط”، صرخة أطلقها أطباء من لبنان والعراق وسوريا واليمن وفلسطين والصليب الأحمر الدولي، و”منظمة أطباء بلا حدود” خلال “مؤتمر طب النزاعات الأوّل” في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، وقام بتنظيمه رئيس قسم الجراحة التجميلية والترميمية في المركز الدكتور غسان أبو ستا الذي شرح لـgreenarea.info أنّ “أغلبية المنشآت الطبية في منطقة الشرق الاوسط لا تمتلك القدرة المختبرية التي تخوّلها تشخيص البكتيريا، فهناك مشكلة نواجهها اليوم، ألا وهي مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، والاسباب متعددة منها تناول المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب، وكما وانه خلال الحروب كان هناك تأثير المعادن الثقيلة التي احتوت عليها الأسلحة والذخائر المستخدمة، ومنها السلنيوم والتنغستين والزئبق على جسم الإنسان على المدى البعيد، وايضا سببت في تحول جينات البكتيريا التي جعلت منها مقاومة لاي علاج من المضادات الحيوية”.
وقال: “للاسف هذه المشكلة الصحية موجودة بكثرة في كل من دول العراق وسوريا واليمن على سبيل المثال، وتبين لنا ان 65 بالمئة من المصابين وقتلى الحروب هم من العالم العربي، وان الامن الصحي مهدد فيها، خصوصا وان العلاجات الطبية لم تعد تفيد، لذلك نسعى اليوم الى تطوير المناهج التعليمية الطبية والابحاث العلمية، بهدف تحصين الجسم الطبي، لان المشكلة التي نعاني منها اليوم تتمثل في أن ليس هناك من ابحاث كافية سواء في لبنان او في المنطقة العربية داعمة لتدريب الجسم الصحي في كيفية تهيئته علميا حول تعاطيه تجاه الامراض الجرثومية المقاومة، حيث انه حصل بكل اسف تغيير في الجغرافيا العلاجية في العالم العربي، مع انهيار النظام الصحي في كل من العراق وليبيا وسوريا واليمن، وظهرت بالمقابل بيروت وعمان كمركزين علاجيين يستقطبان الجرحى المصابين في العالم العربي، وعلى سبيل المثال يعمل الاردن اليوم على تعزيز السياحة الصحية التي تشكل بنسبة 10 بالمئة في العالم العربي، لكي تستفيد من اكبر عدد ممكن المرضى للعلاج، عكس مما هو عليه الأمر في لبنان، إذ ليس هناك اهتمام كاف من تعزيز السياحية الطبية بل هي مهملة من قبل الدولة”.
لا لعشوائية المضادات الحيوية
أما الاختصاصي في طب الجراثيم الدكتور بيار ابي حنا، فشدد على ضرورة تجنب التناول العشوائي لادوية المضادات الحيوية، وقال لـ greenarea.info: “في ظل النزاعات المسلحة يكثر الجرحى في المستشفيات، ما يتطلب المزيد من المضادات الحيوية، وسوء استخدامها قد يزيد من مقاومة البكتسريا لها”.
الجدير ذكره، بحسب ابي حنا ان “البكتيريا نوعان منها الجيدة ومنها المؤذية، وكل ذلك يتوقف حسب كيفية تناول المضادات الحيوية، وتناولها بشكل عشوائي وغير مدروس من دون وصفة طبية ومراجعة الطبيب يؤثر سلبا على المناعة، وبالتالي تقتل البكتيريا الصديقة في الجسم، والنتيجة عجز في علاج الامراض، خصوصا الجرثومية نظرا لمقاومة البكتيريا لعلاج المضادات الحيوية، عدا سهولة تناول هذه الاخيرة عشوائيا ما يقتل البكتيريا الصديقة، وتبقى البكتيريا المؤذية وتفتك بمناعة الجسم”.
خطر صحي عالمي
وقال الاختصاصي في طب المختبرات الدكتور مارك زبليط لـgreenarea.info: “ان موضوع مقاومة البكتيريا للادوية العلاجية ليس بجديد، انما هو قديم، ونعاني منه نتيجة التناول العشوائي للمضادات الحيوية، حيث ان المقاومة اليوم صارت اكثر شراسة من قبل، لذلك تتركز حاليا الابحاث العلمية على ايجاد مضادات حيوية جديدة، لاننا سنصل الى مرحلة تصبح فيها كل المضادات الحيوية التي نعرفها والتي تستهلك دون جدوى في العلاج، لذلك نشدد على حسن تناول الادوية المضادة الحيوية”.
وقال الاختصاصي في طب المختبرات الدكتور جورج افتيموس لـ greenarea.info: “سنصل الى وقت نعجز فيه عن مقاومة البكتيريا بالادوية العلاجية، لذلك اذا لم نتخذ اي اجراءات وقائية او اطلاق حملة توعية مكثفة للحد من التناول العشوائي للمضادات الحيوية فلن نسيطر على الوضع الصحي المأزوم”.