يبدو أن مشكلة المياه في العالم في تفاقم مستمرّ، لأسباب منها طبيعية تحصل بسبب التغيّر المناخي، وأخرى سياسية أمنية تهدّد أوضاع السدود خصوصاً في العالم العربي، الأمر الذي يجعل عنوان الحروب المقبلة في العالم ” ندرة  المياه” .

في هذا الإطار، توقّع خبراء البيئة أن يصطدم العالم خلال نصف القرن المقبل، بعجز في كميات المياه العذبة، ودعوا الى  تنشيط العمل للحفاظ على موارد المياه.

وبعد التخوّفات من انهيار سدّ الفرات، ها إن بحيرة طبريا في شمال شرق فلسطين المحتلّة تنازع فهل تلفظ قطراتها الأخيرة؟

فترات الجفاف التي سيطرت على المنطقة في السنوات الأخيرة، أدّت بشكل رئيسي الى انخفاض مستوى المياه، ومنذ ربيع العام  2004، وحالة البحيرة تسجّلل تراجعاً مستمراً، ففي ذاك الوقت، انخفض منسوب المياه فيها الى 208,92، ليعود وينخفض في العام 2008 الى حدود الـ 214,06 ، الأمر الذي يدلّ على فقدان البحيرة أكثر من خمسة أمتار  .

فقد سجّل عاما 2007-2008 أكثر فترة جفاف وانخفاض في مستوى المياه في بحيرة طبريا، التي لم تثمر محاولات الحدّ من تفاقم المشكلة بأي بادرة إيجابية.

هذا الانخفاض الذي لم يسبق له مثيل أدى الى توقّف منسوب المياه على 5,25  متراً من الخط الاحمر في العام 2008، الذي يعتبره الخبراء الحد الادنى المقبول.

اليوم في العام 2017، دقّ ناقوس الخطر، فقد وصل مستوى المياه في البحيرة الى أدنى معدلاته منذ  قرن،  وبلغ الـ  20 سم تحت “الخط الاحمر”.

أمير جفعاتي من سلطة المياه في الجيش “الإسرائيلي” نبّه من خطورة هذا الوضع بعد أربع سنوات متتالية من شحّ الأمطار، وأكّد أن هذا الجفاف الإقليمي سيؤثّر على منطقة الشرق الأوسط بكاملها.

ربما ليست بحيرة طبريا الأولى التي تعاني من الجفاف، فغالبية الدول كمصر، تونس، إثيوبيا عانت من انخفاض مستوى البحيرات والانهار فيها، الأمر الذي يدفع بالتنبّه الى التقارير العالمية التي تصدر دورياً حول واقع المياه في العالم، والذي بات في السنوات الأخيرة يطلق صرخات إنقاذية علّ السامعين من دولة ومواطنين يتحرّكون لتفادي الأزمات وبالتالي الحروب التي تلوح في الأفق.

ونعود بالتاريخ الى العام 2015، حيث كشف تقرير صدر من معهد الموارد العالمية عن أن العديد من الدول ستعاني من نقص شديد في المياه بحلول عام 2040. وأوضح التقرير أن هناك 33 دولة ستواجه أزمة مائية شديدة القسوة بحلول عام 2040 منها 14 دولة تقع في منطقة الشرق الأوسط 9 منها حصلت على الحد الأقصى البالغ 5 نقاط وهي الدول التي تقع جنوب شرق آسيا وفلسطين ولبنان.

ولخص التقرير أن أزمة المياه الشديدة جداً ستخلق بيئة تعول فيها الشركات والمزارع والمواطنون بشدة على كميات محدودة من المياه وسيكون هؤلاء عرضة لأبسط التغيرات في الإمدادات وهذه المواقف ستهدد بشدة أمن المياه الوطني والنمو الاقتصادي.

في جهة أخرى، مظاهر ندرة المياه بدأت تتجلّى في المناطق التي بدأت تعاني من تلك المشكلة، وما انتشار الأمراض والأوبئة في اليمن وغانا من كوليرا وايبولا إلا أكبر دليل على أن حماية تلك الموارد باتت ضرورية لحماية استمرارية البشرية .

اقتربت تداعيات التغيّر المناخي من حدود الدول العربية، وكأنّ الحروب السياسية لا تكفيها، ليأت سلاح الإرهاب البيئي ويقضي عليها .. فهل من سامع ومجيب؟؟

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This