لطالما تناولنا بالنقد في greenarea.info العديد من الدراسات البيئية المشككة بظاهرة الاحتباس الحراري، أو تلك التي تتقصد التعمية حيال ما يتهدد كوكبنا من نتائج خطيرة بدأت تضرب بقوة في مختلف أرجاء العالم، من الأعاصير المروعة إلى موجات الجفاف غير المعهودة من قبل، إلى ارتفاع نسبة الوفيات في العالم لأسباب على صلة بتلوث الهواء والمياه، فضلا عن ظواهر عديدة باتت مسلمات مستندة إلى العلم كمعيار أساس.
وما يثير الشك والريبة، أنه تطالعنا من آنٍ لآخر دراسات لو تمعنا في خلاصاتها لعلمنا أنها ممولة من قبل الملوِّثين في العالم، فعلى سبيل المثال لا الحصر، صدرت منذ قرابة الشهر دراسة عن مركز أبحاث دولي، أكدت أن ذوبان الجليد القطبي يساهم في تنمية مناطق جديدة، عبر المسطحات المائية الجديدة الناجمة عن ذوبان الكتل الجليدية، دون الإشارة إلى الأخطار المتزايدة التي تهدد بغرق الدول الجزرية والمدن الساحلية، وإن كنا نرجح أن هذه الدراسة ممولة من كارتيلات المال والنفط التي تتطلع إلى التنقيب عن النفط والغاز في المناطق القطبية التي ما تزال في حدود معينة خارج دائرة التلوث، خصوصا وأن الخطط التي تعد لها الولايات المتحدة الأميركية وروسيا وبعض الدول الاسكندنافية لاقت، وما تزال، مقاومة ورفضا من قبل مؤسسات بيئية عالمية.
هذا فضلا عن دراسات تروج لاستخدام أنواع من المبيدات الشديدة السمية، قافزة فوق الحقائق والاعتبارات العلمية المثبتة، ما يؤكد أن ثمة “لوبي” عالمي يوظف أموالا في دراسات مشبوهة، والأمثلة في هذا المجال تطول، وتطاول قطاعات عدة، كالأدوية والمحاصيل المعدلة جينيا وغيرها.
تزوير الحقائ
ما يهمنا في هذا المجال، صدور كتاب يعزز شكوكنا، لا بل ويؤكدها، وهو بعنوان “تجار الشكوك” Merchants of Doubt للمؤلفين ناعومي أورسكس Naomi Oreskes، أستاذة الدراسات التاريخية والعلمية في جامعة هارفارد، وإيريك كونواي Erik Conway المتخصّص في علم التاريخ في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، عن دار “بلومسبري” Bloomsbury، تناولا فيه دور بعض العلماء في حجب الحقيقة حيال عن قضايا تتراوح ما بين تدخين التبغ إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.
وينتقد كونواي وأورسكس في كتابهما وهو يقع في 355 صفحة، شرذمة من محترفي التشكيك، لا تبادر إلى اتّباع منطق الرفض الحاسم، إنّهم يفضّلون أسلوب التشكيك والتأرجح بين جوانب التأكيد والترجيح والتكذيب، وهو ما يترك الجماهير في حال من البلبلة، وهو أيضاً ما يتم لصالح قوى كبرى، منها مثلاً شركات إنتاج التبغ واحتكارات استخدام الفحم في العمليات الصناعية، بحسب موقع “المساء” الجزائري.
ويرى الكتاب أيضا، وبحسب الموقع عينه، أنّ العلماء الذين يزوّرون الحقائق يعملون في خدمة مَن يستأجرهم، أو يدفع لهم من الشركات والمؤسّسات بهدف العمل على تهيئة وتجهيز وترويج الإحصاءات والأوصاف التي تستهدف إثبات أنّ المنتوجات الصادرة عن تلك المؤسّسات، تتّصف بأنّها مأمونة، بل ومفيدة أيضاً… إنّهم أقرب إلى مندوبي المبيعات.
ويخلص المؤلفان إلى أنّ منطق التشكيك الذي التزمته مجموعة من العلماء الباحثين، كان من نتائجه إحباط أي دعوات جادة لدفع السلطات المسؤولة على مستوى الفرع التنفيذي من الدولة (الحكومة)، إلى اتّخاذ الإجراءات الفعالة والمطلوبة لإصلاح الأحوال أو اتقاء الأضرار.