هناك ما يقارب 65 دولة حول العالم تخطّط للاستثمار في الطّاقات المتجددة، وقد وضعت سّياسات خاصة لتطوير وتشجيع الاستثمار في هذا المجال. كما ازداد الإهتمام بالطاقة المتجددة في السنوات الأخيرة في بلدان الشرق الأوسط وخاصة المملكة العربية السعودية حيث قامت دولاً كثيرة بضخ مبالغ ضخمةً للإستثمار في قطاع الطاقة المتجددة.

 

وتنتج الطّاقات المتجددة من الرياح والمياه والشمس، كذلك تنتج من حركة الأمواج والمد والجزر أو من طاقة حرارة الأرض (يدرس العلماء إمكانية استخراج الطاقة من البراكين). ويجري حاليا ً إنتاج معظم الطّاقة المتجددة في محطات القوى الكهرمائية بواسطة السّدود الكبيرة المبنية على الأنهار ومساقط المياه، وتستخدم الطّاقة الشمسيّة وطاقة الرياح على نطاق واسع في البلدان المتقدّمة وبعض البلدان النّامية، وقد أصبح استخدام وسائل إنتاج الكهرباء مصادر الطّاقة المتجددة مألوفاً في الآونة الأخيرة، وهناك بلدان عديدة وضعت خططاً لعام  2020 كي تزيد نسبة إنتاجها من الطّاقة المتجددة بحيث تغطي احتياجاتها من الطّاقة بنسبة 100% (ألمانيا وسويسرا مثالاً). كما اتفق في مؤتمر كيوتو باليابان معظم رؤساء العالم على تخفيض إنتاج ثنائي أكسيد الكربون مستقبلاً لتجنب التّهديدات الرئيسيّة لتغيّر المناخ.

فمع مرور الوقت وارتفاع حدة التلوث في العالم، تزداد التحديات أمام الجهود الرامية لتقييد معدل الاحتباس الحراري العالمي عند درجتين مئويتين كحد أقصى خصوصاً في ظل ارتفاع حجم الإنبعاثات الكربونية الناجمة عن الأنشطة الصناعية، ووسائل المواصلات، وتوليد الطاقة، وأنظمة التدفئة والتبريد، ومحطات التحلية وغيرها من الأنشطة البشرية الأخرى الآخذة بالازدياد وسط تسارع نمو التعداد السكاني واستمرار جهود الدول للإرتقاء بمستوى معيشة شعوبها.

 

وتذكر إحصائيات الوكالة الدولية للطاقة (IEA)، أن هناك 1.3 مليار شخص في العالم أي ما يعادل تعداد سكان جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) يفتقرون إلى الطاقة الكهربائية وذلك لعدة أسباب من أهمها، في معظم الحالات، غياب نموذج اقتصادي عملي، قابل للتطبيق، يتيح للدول الفقيرة مد شبكات الكهرباء لتغطي المناطق النائية والمحرومة. وفي حالات كثيرة، يتطلب توليد الطاقة محلياً نقل الوقود إلى مثل هذه المناطق، وبالتالي ترتفع تكلفة الكهرباء بما يفوق القدرة المالية للسكان المحليين. ويقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية مشتركة ليس فقط تجاه الحد من انبعاثات غازات الدفيئة لتخفيف ظاهرة الاحتباس الحراري، بل يجب علينا أن نتكاتف جميعاً للمساهمة في توفير الكهرباء لمن يفتقرون إليها في وقتنا الحالي.

كما تثيرالأرقام الحالية، بصرف النظر عن مستقبلها العظيم، الدهشة بالفعل. فقد ورد في التقرير الجديد الذي أعدته الوكالة الدولية للطاقة المتجددة، نشر في الاجتماع الثالث عشر لمجلس الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (ايرينا) 2016، أكثر من تسعة ملايين شخص يعملون في قطاع الطاقات المتجددة.

ويتم العمل بشكلٍ واعدٍ جداً على الصعيد العالمي، وتحت عنوان “الطاقة المتجددة وفرص العمل”.  ورغم أن هناك تركيزاً كبيراً، في البلدان الأسيوية كلها، فإن الصين تتصدر تلك الدول، وذلك لأن هذا القطاع يشهد تقدماً ملحوظاً فيها.

وركزت كلاً من الصين والبرازيل والولايات المتحدة والهند واليابان وألمانيا على استثمار معظم تلك القطاعات لخلق فرص عملٍ جديدة، والتمنية المستدامة، حيث بلغ عدد الوظائف المؤمنة حسب التقرير في عام 2016 مايقارب أربعة ملايين فرصة، أي بزيادة تصل الى 12 في المائة عن 2015. ويعود ذلك الى أن معظم الناس هناك يستخدمون تقنيات التكنولوجيا الضوئية منذ العام الماضي.

ويؤكد التقرير أن الولايات المتحدة وحدها قد أمنت  حوالي 260.000 فرصة عمل جديدة ، بنسبة نمو تبلغ  24.5 في المئة على 2015، أي مايعادل 17 مرة أكثر.

وتجدر الإشارة الى  ما جاء في التقرير حول أن الصين  تتبؤ مركز الصدارة في هذا المجال بنسبة 44 في المئة من إجمالي الاستثمارت في العالم، وخاصة في مجال الطاقة الشمسية الفولتاضوئية. فيما يستثمر الإتحاد الأوروبي ما يقارب الـ 14 في المائة، تليه البرازيل، حيث تبلغ النسبة 10.5 في المائة، فالهند بنسبة  9.3 في المائة.

ويشير التقرير أن مزارع الرياح الجديدة وحدها قد أمنت ما مجموعه 12 مليون فرصة عمل على الصعيد العالمي.

 

في أوروبا ، تبرز ألمانيا بـ 334,000 وظيفة، تليها فرنسا، بحوالي 162,000 وظيفة، وتليها في المركز الثالث في المملكة المتحدة، بمايقارب 110,000 فرصة عمل ووظيفة.

 

24 مليون فرصة عمل في 2030

 

يقول معدو التقرير أنه بحلول عام 2030، يمكن لهذا القطاع أن يؤمن حوالي 24,000,000 وظيفة. وتوقع التقرير أنه نظراً للوضع الإقتصادي الحالي علي الصعيد الدولي، فإن الفرصة مواتيه للتعجيل بالانتقال نحو مجتمع عالمي خالي من الكربون.

وفي حال صدقت هذه التوقعات، فإن قطاع الطاقة الإيكولوجية لن يكون محركاً للاقتصاد العالمي فحسب، بل سيساعد أيضاً على تعويض الوظائف الضائعة في قطاع الطاقة الأحفورية المنحط. بل سيؤدي في الوقت نفسه إلى خلق الثروة وتحسين مستوى الحياة على هذا الكوكب.

قد يبدو الحديث في هذا الشأن والأرقام الواردة، الى حدٍ ما أفلاطونية، إلا أن الخبراء مستمرون في بذل الجهود لإثبات صحة فكرتهم في أن الإستثمار في مجال الطاقات البديلة، سيكون المحرك الأول والأعظم لإقتصادات العالم أجمع، فهل ينجحون في ذلك؟ من يعش ير.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This