كسر “حزب الخضر اللبناني” جدار الصمت حيال الانتهاكات البيئية المستمرة، وحرك الماء الراكد لاستنهاض الهمم ومواجهة التدمير الممنهج لبيئة لبنان وطبيعته، في خطوة تصعيدية تخطت السائد في مواجهة الفساد المشرع للتجاوزات، إذ أعلن الحزب استعداده، في حال عدم الاستجابة لمطالبه، وهي مطالب جميع اللبنانيين، للتوجه إلى محكمة الجنايات الدولية.

وعقد الحزب يوم أمس مؤتمرا صحافيا في “ساحة النجمة”، بعد أن خرقت مجموعة من الحراك الشعبي بشكل سلمي الحصار المطوق للبرلمان منذ خمس سنوات، وتلت رئيسته ندى زعرور بيانا داخل الساحة، وأطلقت صرخة بوجه المسؤولين والقضاء اللبناني للتحرك في القضايا التي وضعها “الخضر” بين يديه، بشأن القضايا المتعلقة بالاعتداءات على البيئة في لبنان ومحاسبة مرتكبيها ورفع الغطاء والحماية السياسية عنهم،  قبل التوجه الى محكمة الجنايات الدولية.

 

زعرور: طفح الكيل

 

وأشارت زعرور لـ greenarea.info إلى “أننا أمام إبادة جماعية للشعب اللبناني من خلال الجرائم البيئية التي ترتكب يوميا وتمس حياة المواطن وتهددها”، وقالت: “إننا أمام طريقة ممنهجة لتهجير هذا الشعب وإغراقه بالديون والأمراض المختلفة تمهيدا لقتله، وما نشهده من تغيير جغرافي لطبيعة الأرض لمآرب خاصة، والمواطن هو الضحية، هذا بالإضافة إلى أننا نشهد موتا لضمائر المسؤولين الذين لم تحركهم على سبيل المثال 600 حالة إصابة في بلدة بر الياس جراء التلوث من الليطاني، والمحارق وإشعال وحرق النفايات المستمر، في الوقت الذي تستدعي مثل هذه الممارسات تدخل الدولة”.

وأضافت زعرور: “نحن كلبنانيين نقتل تدريجيا مع تغييب ومحاولة إخفاء الإحصاءات حول عدد الوفيات الناتجة عن الأمراض التي تعود معظم أسبابها لتلوث الهواء والماء والغذاء”، ولفتت إلى أن “الجرائم ضد الإنسانية ليست محصورة ضمن مناطق النزاعات والحروب فحسب، فنحن نقتل في زمن السلم بسبب طمع وجشع الحكومات المتعاقبة، التي قامت بتلزيم وتسليم معظم مشاريعها لشركات خاصة بهدف تقاسم الحصص على حساب المواطن وصحته”.

وأردفت: “لقد تابعنا معظم القضايا البيئية خلال العشر سنوات الأخيرة ضمن دولة المؤسسات والقانون، ومع جميع المعنيين والمسؤولين وصولا إلى تقديم شكاوى أمام القضاء اللبناني، كما أننا سعينا لفصل الجرائم البيئية من خلال النيابة العامة عن باقي الجرائم لإعطائها أولوية قضائية، ولكن للأسف ما زلنا بانتظار صدور المراسيم التطبيقية ليصار الى وضع القانون ضمن إطاره التنفيذي والتطبيقي، فعلى سبيل المثال، وفي شكوانا ضد التعديات على الأملاك العامة البحرية ما زلنا بالانتظار وسط التأجيل المقصود رغم الوضوح في كامل معطيات الشكوى بالأسماء والمواقع ومختلف التفاصيل، مما يؤكد لنا أن ضغطا سياسيا يمارس على القضاء، ففي الرملة البيضاء شهدنا خرقا فاضحا لقرار مجلس شورى الدولة، والملفات البيئية تترك في الأدراج لفترات زمنية، لذلك وبعد أن أصبحت هذه الجرائم تهدد أمننا القومي كلبنانيين طفح الكيل، وقررنا التوجه نحو مراجع دولية لوضع الجرائم البيئية المرتكبة في لبنان تحت المجهر الدولي، بدءا من أزمة النفايات، المكبات والمطامر، تلويث المياه الجوفية والانهار والبحيرات، تلويث البحر وردمه، التعديات على الأملاك البحرية الرملية على طول الشاطئ اللبناني، المقالع والكسارات في مختلف المناطق، الصرف الصحي، المحارق، السدود  وصولا إلى ما لا نهاية له في قائمة لا تنتهي من الاعتداءات”.

في وداع البرلمان

 

وجاء في بيان “حزب الخضر”: “في وداع البرلمان الممدد لنفسه مرتين متتاليتين والفاقد للشرعيتين الدستورية والوطنية، وبعد انقضاء ثماني سنوات لا بد من تسليط الضوء على أهم القضايا البيئية والوطنية التي تهم المواطن، والتي بقيت كما هي ولم تلقَ أي اهتمام أو متابعة نتيجة فقدان المجلس لدوره التشريعي والرقابي على أعمال الحكومة، بسب مشاركة نفس القوى السياسية بالمجلس وبالحكومة ما أدى إلى عدم وجود معارضة حقيقية، وبقيت التجاذبات والمصالح الضيقة هي السائدة والفساد والهدر مستشريان بدون أي حسيب او رقيب، وأصبح المجتمع المدني بكل تلاوينه هو المعبر عن مصالح المواطنين والمطالب بحقوقهم من أجل حياة كريمة في وطن يتهجر أبناءه قسرا بحثا عن لقمة العيش، وتدمر بيئته”.

وأضاف البيان: “إن أهم تلك الملفات التي لم تأخذ نصيبها من الحل هي الملفات البيئية، هناك الكثير من التعديات والانتهاكات والتي تعتبر جرائم بيئية بامتياز، أصبح النظر في الجرائم البيئية من صلاحيات المحكمة الدولية التي تصدر الأحكام بشأن تلك الجرائم البيئة التي تقع في 139 دولة صادقت على الإتفاق، ولبنان من بين تلك الدول التي صادقت عليه، وتعتبر الجرائم البيئية من أولويات المحكمة الجنائية الدولية كتدمير البيئة واستغلال المصادر الطبيعية، والسلب غير القانوني للأراضي بحجة إقامة مشاريع ضخمة، والجرائم التي ترتكب من قبل شركات استثمارية خاصة بتسهيل ومساندة ودعم من الحكومات المحلية مصنفة جرائم ضد الإنسانية، وما كان سابقا يعتبر سعيا لتحقيق الأرباح في زمن السلم أصبح يعتبر بمثابة جرائم ضد الإنسانية”.

واعتبر البيان أن “من شأن هذه الخطوه الجريئة من قبل المحكمة الدولية النظر بالجرائم البيئية أن تؤدي الى سوق شركات من القطاع الخاص وأفراد الى العدالة الدولية، بسبب تلك الجرائم التي ترتكب وتساهم في تدمير واسع للنظم البيئية، كتدمير الغابات وتسميم وتلويث المياه وبناء السدود ومشاريع التنقيب عن النفط، وقد سجلت في قلم المحكمة العديد من الدعاوى من بلدان العالم تشمل عناصر جرمية تتعلق بتدمير البيئة والمعالم الثقافية”.

وتابع البيان: “إننا في حزب الخضر اللبناني نطلب من الجهات اللبنانية المختصة أخذ الإجراءت القانونية الجازمة والواضحة بخصوص الانتهاكات والتعديات والجرائم البيئية الحاصلة، والطلب إلى هيئة التفتيش القضائي التحرك لاتخاذ التدابير المناسبة، وفي حال عدم أخذ أي تدابير في ملف الجرائم البيئية سيضطر حزب الخضر اللبناني بصفته الرسمية إلى الإدعاء على الجهات المعنية وكل ما يظهره التحقيق في ارتكاب جرائم ضد بيئة لبنان أمام محكمة الجنايات الدولية، ووضع لبنان تحت مجهر العدالة الدولية، مع علمنا المسبق أن ذلك سيضر بسمعة لبنان عامة، ولكنه يصبح الإجراء الوحيد للمحافظة على أدنى حقوق الانسان وحماية البيئة في لبنان”.

وختم البيان: “إننا متأكدون أن على المستوى البعيد سوف تشكرنا الأجيال القادمة، ويحفظ ما تبقى من طبيعة لبنان وبيئته، وإننا في حزب الخضر اللبناني أردناها صرخة من أجل الإنسان في زمن تغتصب فيه حقوقنا الدستورية والبيئية في لبنان وقبل أن تصبح الجغرافيا من التاريخ”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This