3لا نكتفي في موقع greenarea.info في رصد المخالفات والتعديات البيئية فحسب، وإنما نتابعها دأبُنا الوصول إلى حلول مجدية، وكنا بتاريخ 27 حزيران (يونيو) 2015 قد تابعنا ميدانيا التعدي لأول مرة على مجرى النهر الشتوي بين بلدتي جدايل وحصرايل، وأتبعناه بتقارير بتاريخ 14 تموز (يوليو) 2015، و 8 حزيران (يونيو) 2016، وكنا على تماس مع مأساة المواطنين مع قدوم الربيع والصيف في هذه المنطقة، لجهة قطع الأشجار وتغطية المجرى بالحصى والأتربة، فضلا عن عمل عدة كسارات مستحدثة تتسبب بأضرار تطاول مواطنين في أكثر من 100 وحدة سكنية بالأمراض التنفسية، والتلوث البيئي والسمعي، إضافة إلى تعبيد هذا المجرى لاستخدامه من قبل الشاحنات ليلا ونهارا دون مراعاة لحرمة هذا النهر ولا لوجع السكان، ومؤخرا تم استحداث جبالة باطون (إسمنت) وهو ما يهدد هذه المنطقة وتنوعها بكافة أنواع الملوثات.
ملخص الملف
تقع عدة منشآت على مجرى النهر الشتوي بين بلدتي جدايل وحصرايل منها زريبة مواشٍ ومعامل وكسارات، وعلى الرغم من أن على كل بناء قرب مجرى النهر ووفقا للقانون الإبتعاد مسافة تبلغ على الأقل 12 مترا عن النهر، إلا أنه في هذه الحالة وتماديا في المخالفات، بنيت مبان عدة، وعلى الرغم من تسطير مخالفات بحقها وقرارات بإزالتها، فقد بقيت واستمرت في العمل، كما أنه تم توثيق قضم جبل ارتفاعه 60 مترا، إلا أنه مع قدوم الربيع يجف المجرى، ما يؤدي لاستخدامه من قبل الشاحنات لنقل مواد المنشآت الموجودة، وإثارة الغبار والأتربة الناتجة عن أعمال الكسارات، التي تؤدي إلى يباس الأشجار والنباتات نتيجة تعطل عملية التمثيل الضوئي، ما يلحق أضرارا فادحة بالمزارعين والغطاء النباتي.
ورصد الأهالي قطعا للأشجار، منها شجرة خرنوب معمرة يتجاوز عمرها الـ 100 عام، كما أن أثر هذه الأعمال على السكان، ولا سيما على الجهاز التنفسي، خصوصا لمن يعانون من أمراض الربو والحساسية وكبار السن والأطفال، وليس هذا فحسب، بل إن المجرى أصبح ساحة مفتوحة للردميات والنفايات التي يحملها النهر شتاء ليصب في البحر، عدا عن الصرف الصحي، ولكن مع الطقس الجاف لا سبيل لتصريف هذه المياه نحو البحر، فيعاني السكان مزيجا من الروائح المزعجة والغبار والحشرات.
أما مؤخرا فقد بادر البعض لتعبيد هذا المجرى في تحد واضح لكل القوانين وإمعانا بالأذى البيئي، بقضم ضفاف النهر، وإنشاء جبالة في العقار رقم 70.
أبي عبدالله… انتحار جماعي
وفي هذا السياق، قال مختار بلدة جدايل بيتر أبي عبدالله لـ :greenarea.info: “نتابع الخطوات لكسر لعبة الكر والفر التي تتعلق بهذه القضية، فقمنا بإعادة مراجعة للملف، وتنظيم الأحداث بتسلسل معين، ونتيجة لذلك كانت الفكرة أن نعمل على توعية الرأي العام بصورة أكبر، خصوصا المعنيين مباشرة ضمن نطاق البلدات المتضررة، وهي: جدايل وشيخان وغرزوز والمحيط، وبالوسائل المتاحة، عبر استحداث حساب على موقع you tube، وصورنا فيديو خاص لفترة 6 دقائق يلخص الفترة بين 2009 واليوم، وكيف كان النهر في السابق، وحجم التعدي على مجرى النهر حاليا”، وأضاف: “يأخذ هذا التعدي عدة أوجه وتسميات منها كسارة حجارة، زفاتة وجبالة… إلخ، وتظهر الصور التعدي الفاضح، فضلا عن الرخص المخالفة لأنها تستخدم مجرى النهر، فمداخل بعض الأبنية على مجراه، كما استحدثت بعضها مآرب (كاراجات) ومستودعات وغيرها، ولم تتوقف هذه الكسارات خلال الفترة التي منع بها العمل، ليلا نهارا، دون مراعاة للسكان في الجوار، وبعد إبلاغ القوى الأمنية بررت الأمر بأن لديهم رخصا، وتوقف العمل لعدة أيام لتعود دون توقف، ولكن الجريمة الكبرى تمثلت بإنشاء مجبل باطون على المجرى، وبالتحديد في العقار 70”.
وقال: “نضغط حاليا اجتماعيا وسياسيا، وبيئيا وإعلاميا، لوضع حد لهذا الملف وبشكل نهائي، واتبعنا الفيديو الأول بفيديو ثانٍ، يظهر حجم الجريمة البيئية المرتكبة، وحاليا نسرع خطواتنا ونعيد التواصل مع الوزارات المعنية والنواب والسلطات لإحياء الزخم المطلوب حول هذه القضية، وسنتابع عملنا بهدف إيجاد حل نهائي”.
وأضاف أبي عبدالله: “يحاولون من خلال تعبيد مجرى النهر تشريع الأعمال وتكريس الأمر الواقع، وذلك بالتسويق لتعبيد المجرى كطريق بديل للشاحنات، وقد بلغ التعدي مسافة حوالي كيلومترا ونصف الكيلومتر، كما طاول التعدي أملاكا خاصة من جدايل، وبالمجمل فكل التبريرات لشق هذه الطريق التي تتسبب بضرر بيئي بامتياز غير منطقية، خصوصا وأن التراخيص التي يزعمون أنها (شرعية) معظمها يخالف القوانين لجهة تصنيف الأراضي وغيرها، وصدرت قرارات من الوزارات المعنية بهذا الشأن، ومنها الطاقة والمياه والبيئة لإزالة التعديات، ولكن لم يتم ذلك، وإن استمرت هذه الطريق فأنا اعتبرها بمثابة انتحار للجميع، فالضرر البيئي سيؤثر على سكان المنطقة ككل، ويمكن للجميع مشاهدته بالصور”.
وختم: “سنعمل ما في وسعنا للمضي قدما بإزالة التعدي وأن يستعيد هذا النهر طبيعته كما كان، ونتمنى على كل المواطنين الغيورين على البيئة والمسؤولين التواصل معنا للإستفسار، ونناشد المعنيين التجاوب مع هذه القضية لتصل إلى خواتيمها المرجوة”.