تشير إحصائيات الأمم المتحدة، إلى أن حجم المياه المتبخرة من البحار والأنهار، تبلغ حوالى نصف مليون كيلومتر مكعب يومياً، يتكفل الهواء باختزان نصفها، فيما يسقط النصف الاخر على شكل أمطار. ويفوق حجم الماء الموجود في الهواء، حجم مياه كل أنهار الأرض مجتمعةً، إذ وجد العلماء، أن كل كيلوغرام من الهواء، يختزن نحو 16 غراماً من الماء(يحتوي الهواء على 3.1 مليارات غالون من الماء بشكل مستمر).
ويعود الفضل في أول جهاز لاعتصار الماء من الهواء، إلى المهندس الالماني هوبرت هامز، الذي اخترع جهازاً يجمع بين تقنية أجهزة تجفيف الغسيل وتقنية مكييفات الهواء، حيث يرسل الجهاز الهواء عبر شبكة معدنية ذات ثقوب دقيقة، باردة جداً، يتكثف عليها الماء الموجود في الهواء على شكل قطرات.
إنتاج المياه
تعتمد تقنية إنتاج الماء من الهواء Air to Water Harvest على العلاقة بين نسبة الرطوبة «الرطوبة النسبية» RH ودرجة الحرارة في الجو، لأن العلاقة بين هذين العاملين، تؤدي للحصول على ما يعرف بالرطوبة المطلقة، التي هي كمية الماء بالغرام في المتر المكعب من الهواء. و تتراوح كمية الماء المكثف بهذه التقنية، التي تزداد حسب حجم الثقوب في الشبكة، بين 24 ـ 6000 لتر من الماء يومياً. فهي تكنولوجيا صديقة للبيئة، لأنها تضمن امتصاص الرطوبة من الهواء؛ ومن ثم تكثيفها وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب؛ والقضاء على جميع الفيروسات والبكتيريا الموجودة في الهواء، قبل تحويله الى ماء. وفيما يلي سنسلط الضوء على ثلاثة مشاريع ناجحة ومثيرة للإهتمام، تعمل بتقنية إنتاج الماء من الهواء Air to Water Harvest.
تعتبر صحراء أكاتاما، في تشيلي، أحد أكثر الأماكن جفافاً في العالم. لذلك، هناك حاجه كبيرة للمياه. فالمطر في تلك المنطقة نادر جداً، على الرغم من تساقطه في حالات استثنائية. والغيوم تمر محمّلة بالرطوبة، لكنها لاتمطر.
وقام باحثون من كلية الهندسة بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بالتعاون مع الجامعه الكاثوليكية في سنتياغو دي تشيلي، ببناء نظام قائم علي الشبكات المعلقة على سفوح التلال الرملية، حيث يوجد ضباب كافٍ، لاستخراج الماء اللازم، لإمداد القرى والتجمعات المحلية بمياه الري والاستخدام المنزلي (أكثر من 7000 لتر/اليوم).
كما قامت شركة فوج كويستFog Quest في عام 2005، بنصب شباك عملاقة على سفوح الجبال، في الصحراء الكبرى، على ارتفاع 1,225 متراً فوق مستوى سطح البحر، تقوم بتجميع أكبر قدر ممكن من الماء بعد تكثيفه، من الضباب الكثيف، الذي يصل مع الرياح الساحلية (تجلب الرياح الضباب الكافي لإنتاج الماء لمده ستة أشهر). ويحقق النظام عائداً متوسطاً هاماً يبلغ 6,300 لتراً في اليوم، حيث استفاد 92 منزلاً من الماء الصالح للشرب. ويجري التوسع فيه.
توأم الصحراء
قام فريق فيرغن الهولندي، بتنفيذ فكرة حصاد الماء من الهواء، في الصحراء الكبرى (مالي)، حيث تندر الرطوبة.
كان المشروع مصمماً للعمل في هولندا، حيث درجة الرطوبة أعلى بكثير، مما هي في مالي. فعمل الفريق، عبر الأقمار الاصطناعية، على تحديد المكان المناسب في الصحراء. واطلق على المشروع إسم SunGlacier وهو يعمل بجهازين متناظرين متشابهين (توأم)، أحدهما ينتج الطاقة اللازمة لتشغيل الجهاز الأخر( 50 فولت)، الذي يتولى تكثيف الهواء كي يدور بسرعة هائلة، مكثفاً الهواء إلى قطرات ماء. إلاّ أن النتائج التي حصل عليها الفريق، في البداية، كانت محبطة، لأن المشروع كان مصمماً لهولندا، غير أنه وبعد تجارب عديدة على الجهاز، تقرر الاستمرار به.
الأخطار التي تواجه الأرض كثيرة، لكن الأفكار الخلاقة والحلول المقترحة تعطي الكثير من الأمل، فهل سيكون هناك حلول لكل المشاكل البيئية التي ستنتج عن التغير المناخي، خصوصاً في ظل جنون “السيد ترامب”؟