يفترض أن يبصر النور قريباً، مشروع مبتكر لتعزيز نظام “الإنذار المبكر الزراعي” في سهل البقاع اللبناني. يستند هذا المقترح، إلى تقييم الاحتياجات الذي تم إجراؤه عام 2016، من قبل مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية اللبنانية، بالتعاون مع وزارة البيئة اللبنانية؛ ومشروع “كليما ساوث” المموّل من الاتحاد الأوروبي. الهدف من ذلك، تحسين الرصد الجوي الزراعي، الذي ساعد في تخفيف الأضرار الناجمة عن الظروف المناخية المدمرة. وبالتالي، زيادة مصادر الدخل لدى المزارعين. ويتم حالياً، عرض مقترح المشروع، بميزانية مقدارها 2.84 مليون دولار، على الجهات المانحة المحتملة لتأمين التمويل.

ويهدف مشروع “كليما ساوث” Clima-South، إلى تعزيز الحوار والتعاون بشأن تغير المناخ، بين الاتحاد الأوروبي وبلدان جنوب وشرق المتوسط. ودعم عملية الانتقال في البلدان الشريكة، نحو اقتصاد منخفض الكربون؛ ومرونة التكيف مع المناخ.

ومن المتوقع أن يكون التأثير الاقتصادي لتغير المناخ، على الزراعة اللبنانية، قاسيًا، نظراً للتغيرات المناخية المتوقعة في الوقت الراهن. ومن المحتمل أن ينخفض الإنتاج الزراعي إلى حوالى 80 مليون دولار أميركي، حتى عام 2020، مما يؤثر على المحاصيل الرئيسية في البلاد؛ وعلى وجه الخصوص، الحبوب، أشجار الفواكه، الزيتون، الشمندر السكري، التبغ والبطاطس. وخلال العام الماضي، تضاعفت أعمال الريّ وازدادت الأراضي المروية، نظراً للحاجة لتلبية متطلبات الغذاء الإضافية، بسبب النزاع في سوريا.

التحديث المقترح لنظام الإنذار المبكر، سيزود المستخدمين المسجلين، بالتنبيهات والنصائح حول خيارات الري الفعّال. وسوف يزود نظام الإنذار المبكر، المستخدمين أيضاً، بخدمات زراعية على أساس تعاقدي.

يدعم نظام الإنذار المبكر الحالي، المزارعين في مواجهة آثار التقلبات المناخية على أعمالهم، من خلال مشاركة معلومات الرصد الجوي الزراعي، عن طريق الرسائل القصيرة والهواتف الذكية والتطبيقات المستندة لـ”ألويب”. يبلغ عدد المشاركين في هذه الخدمة، في الوقت الحالي، حوالى 14 ألف مستخدم. وسوف يستهدف نظام الإنذار المبكر المحدّث، 35 ألف مزرعة في سهل البقاع، حيث سيستفيد منه حوالى 300 ألف شخص من السكان المقيمين، بالإضافة إلى الجمعيات الزراعية وخدمات الإرشاد الزراعي.

سوف يعمل الإنتاج المتوقع، على زيادة استخدام المياه. في حين أنه سيقلّل من هدر المياه والمغذيات والطاقة. وسوف تدعم البنية التحتية الجديدة، لنظام الإنذار المبكر، تدفق المعلومات بناء على شبكة الأرصاد الجوية الزراعية المحسّنة؛ والإجراءات المبسطة، للحصول على أرصاد جوية من مزودين دوليين. تستكمل هذه الإجراءات، من خلال اعتماد بروتوكولات لإدارة الجفاف والمياه، على المستويين المحلي والإقليمي؛ ومستوى المنطقة البيئية الزراعية؛ ومستوى  الأرض الزراعية.

وكان المشروع قد نفّذ في محطة تل عمارة، في لبنان، في كانون الأول (ديسمبر) 2016، دورات تدريبية  لباحثين وفنيين من معهد البحوث الزراعية اللبنانية. وركزت الدورات على “جدولة الري للمحاصيل الإستراتيجية” و”أنظمة دعم القرار لإدارة المياه”. ويهدف هذا التدريب، الى تحسين الرصد الجوي للأغراض الزراعية؛ ومساعدة المزارعين على تخفيف الأضرار، التي قد تنشأ عن الظروف المناخية المدمرة. كما تضمن تقديم  معلومات نظرية وتطبيقية حول جدولة ري المحاصيل الإستراتيجية، في منطقة البحر الأبيض المتوسط، باستخدام تربة وظروف مناخية وبيئية مختلفة؛ والمبادئ والطرق والأدوات المرتبطة بأنظمة دعم القرار لإدارة المياه.

تبلغ مساحة الأرض الزراعية في لبنان 231 ألف هكتار، حوالى 50 في المائة منها مروية. وفي سهل البقاع، تبلغ مساحة الأراضي المروية في محافظة بعلبك- الهرمل 31.7 ألف هكتار. وحوالى 30 ألف هكتار في البقاع (إحصاء زراعي 2010). وفي السنوات الماضية، تضاعفت النشاطات الزراعية وازدادت مساحات الأراضي الزراعية، نظرًا للحاجة إلى تلبية متطلبات الأغذية الإضافية، بسبب النزاع الدائر في سوريا.

وساهمت الأنشطة الزراعية بـ 3,3 في المائة من الانبعاثات الوطنية. ونشأت هذه النسبة بالأساس: من التربة الزراعية (55 في المائة)، الماشية المحلية عن طريق التخمر المعوي (23 في المائة) وإدارة السماد (22 في المائة). وتشكّل الزراعة المصدر الرئيسي لانبعاثات أكسيد النيتروس في لبنان (66 في المائة). والناجمة أساساً عن استعمال: الأسمدة النيتروجينية الاصطناعية، مخلفات المحاصيل، روث الحيوانات في التربة ومن ترسب الأمونياك وأكاسيد النيتروجين في الغلاف الجوي. وكذلك، من الرشح والجريان السطحي للنيتروجين ورعي الحيوانات.

لكن الزراعة ليست مصدراً رئيسياً لانبعاث الغازات الدفيئة في لبنان. ولا تصدر إلاّ 3.3 في المائة من الانبعاثات الوطنية. ومع ذلك، يوفّر التخطيط لأنشطة مناسبة للقطاع الزراعي، فرصة إدارة الموارد (المياه، الأسمدة، البذور والوقود) بكفاءة؛ وزيادة الدخل في المناطق الريفية والحفاظ على سبل العيش لـ 170 ألف مزارع. وكذلك، الحد من الانبعاثات وزيادة المرونة في التكيّف على نحو أفضل، مع آثار تغير المناخ. وقد أظهر استخدام الممارسات الزراعية البسيطة، مثل الزراعة الصونية والتسميد لنوع محدود من المحاصيل ومنطقة الحصاد، القدرة على الحدّ من انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة عشرة في المائة، في العام 2020 و27 في المائة في العام 2040.

وتعد الزراعة الصونية، مثالية، من خلال صَون خواص التربة طبيعياً، من خلال توطيد النُظم الايكولوجية الطبيعية للتربة؛ والحد من عمليات تحريكها، من خلال الشقّ والحرث، حيثما يكون ذلك ممكناً.

بالإضافة إلى أن الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة؛ والمساهمة في إدارة الموارد بكفاءة؛ والتنمية الريفية المستدامة، يساهم اعتماد الزراعة الصونية والتسميد، في زيادة صافي الإيرادات. وأظهرت مشروعات تجريبية، زيادة تتراوح بين 400 و980 دولاراً أميركياً، للهكتار الواحد من: مزارع الشعير، الكرسنة والذرة، باستخدام الزراعة الصونية في البقاع. مع صافي ربح قدره 3،096 دولاراً أميركياً لكل هكتار سنوياً، في مزارع البطاطا، باستخدام التسميد.

وبحسب البلاغ الوطني الثالث للبنان، إلى مؤتمر الأطراف، في الاتفاقية الإطارية للحد من تغير المناخ، الصادر عن وزارة البيئة عام 2016، ثبت أنّ استخدام الأراضي وتغيير استخدام الأراضي والحراجة، تشكل حوضاً رئيسياً لامتصاص الغازات الدفيئة، بمعدل 3,321 جيغاغراماً في السنة، من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، موزعة على فترة الجردة، من العام 1994 إلى العام 2012. ومع ذلك، تم تسجيل انخفاض صافٍ قدره 12 في المائة في عمليات إزالة ثاني أكسيد الكربون، بين عاميْ 1994 و2012. ويرجع ذلك أساساً، إلى تحويل الأراضي المزروعة إلى مستوطنات وإلى حرائق الغابات.

وتشتمل الخيارات المحتملة لزيادة المرونة والتكييف مع تغير المناخ: زيادة كفاءة استخدام المياه في الري، تطوير أنواع وهجائن أكثر تحملاً لارتفاع درجات الحرارة والجفاف، تغيير توقيت الزراعة والري والحصاد، اعتماد الممارسات الزراعية المستدامة وتقنيات متكاملة لمكافحة الآفات، تطوير ممارسات إدارة المراعي التي تتكيف مع آثار تغير المناخ، تزويد المزارعين بمعلومات أفضل وفي الوقت المناسب، بشأن توقع الظواهر الجوية المتطرفة.

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This