نعيش الارهاب النفسي يومياً، من دون رحمة ولا بد من وضع حدّ يمنع تفاقمه. هذا ما أعلنه الأطباء النفسيين لـ greenarea.info  وشددوا على أن هذا الكابوس من الخوف، لا يعيشه لبنان فقط، بل العالم ككل، سواء البلدان العربية التي يمر البعض منها بنزاعات مسلحة، إلى العالم أجمع، الذي يعيش وسط إرهاب متنقل. إلاّ أن الأهم، ما يمر به لبنان في ظل غياب السلطة الفاعلة الحامية لهيبة الدولة. ويشعر اللبناني برعب يومي مما قد يحدث له، إذا تنقل بسيارته، على سبيل المثال، بأن يعتدي عليه أحد، سواء بالتعنيف الجسدي أو القتل. ولا من يردع تلك الظاهرة التي يواجهها كل لبناني، بخوف عميق توقف أمامه عدد من الأطباء النفسيين والمعالجين النفسيين، متسائلين: كيف يمكن أن نحد من انتشار هذه الظاهرة النفسية، السائرة إلى ازدياد. وهي تهدد المجتمع بأكمله بالانهيار؟

دائرة رعب

بكل أسف، نحن نعيش في دائرة خوف، لا بد من مواجهته. هذا ما تشرحه بالتفصيل وتحذر منه رئيسة نقابة المعالجين النفسانيين، الدكتورة ماري أنج نهرا، لـ greenarea.info قائلة: “نحن نعيش يومياً الإرهاب النفسي، إذ نتعرض لأشد الاعتداءات النفسية نتيجة التلقي اليومي لأخبار مخيفة، من قتل وجريمة وقيادة جنونية للسيارة. والعنف حولنا ضمن دائرة صغيرة من الرعب. لذا نشدّد اليوم على ضرورة المواجهة، بصرخة قوية مدوية أطلقناها عبر مؤتمر عالمي عقد في بيروت، عنوانه  مواجهة الرعب النفسي. لأن المشكلة  تكمن بأننا نخاف مما يخيفنا، فلا نتكلم عنه ولا نواجهه. عندها، لا نستطيع المعالجة، كأن نقول “هيداك المرض” ولا نقول “سرطان”، كوننا نخاف منه، حتى في ذكر الإسم. لذلك، قررنا اليوم  مواجهة الأذية بتخفيف الشعور بالخوف وبتحويله إلى جرأة في المواجهة.  وعلى الناس التحليل الجيد لما يصدر عن الآخرين من ردات فعل. كل ذلك، يتوقف حسب شخصية الإنسان الذي نحتك فيه”.

تضيف الدكتورة نهرا: “لا يمكننا فرض الأفكارعلى الناس لمواجهة الإرهاب النفسي. إنما نعمل على  توعيتهم، لأنه لا يجوز بعد اليوم السكوت عنه، بعد ما وصلنا إلى خط أحمر يهدد نفسياً المجتمع اللبناني بأكمله.   وبكل أسف نقول، الدليل على ذلك أن جيلاً من الأولاد يعيش العنف الإرهابي بأشكال متعددة”.

علاج لأكثر من سنتين

بدوره، الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور سمير جاموس، يشرح لـ greenarea.info كيفية تخطي الإرهاب النفسي، من خلال علاج خاص لأكثر من سنتين. يقول: “إن الإرهاب النفسي يتفاعل إذا كان عنصر الخوف متطور وقوي عند الإنسان؛ يسيطر على تفكيره ومفهومه للحياة مما يعيشه، كحالة مرضية. على سبيل المثال، شخص لديه خوف من الخروج من المنزل، أو مشاهدة الأفلام المرعبة، فيتملك فيه الإرهاب النفسي وردة الفعل تجاه ذلك، حسب شخصية كل إنسان. كيف يعيش هذه الحالة النفسية المتأزمة، كأن يتخيل أن المطرقة على رأسه، فأما أن يستسلم لها من دون مقاومتها، فتقتله، او يواجهها فيعيش. هذا الصراع النفسي، لا بد له من علاج مناسب، بإعطاء المريض أدوية نفسية خاصة، ليخرج من هاجس الخوف والرعب، الذي يجعله مكتئباً ومريضاً نفسياً بمرض إسمهPTSD .

يضيف: يتزايد هذا المرض في أكثر البلدان التي تشهد نزعات مسلحة، أو أزمات إجتماعية حادة، فيكون العلاج بإعطاء المريض النفسي  مضادات الاكتئاب لمدة سنتين، على الأقل. واذا لم يشفى خلال  هذه الفترة، نستمر في إعطائه الأدوية النفسية المناسبة، حسب كل شخص، كيف يعيش  هذه الحالة النفسية وما مدى تأقلمه  معها، كون الحلول مازالت نظرية”.

العالم في خطر

الاختصاصي في الطب النفسي، الدكتور أنطوان بستاني، يرى بأن العالم بأسره، يعيش الخوف العام والقلق على المصير. يقول: “بكل أسف، نحن نعيش الإرهاب النفسي، ليس في لبنان فقط، بل في العالم أجمع، نظراً للقلق العام على المصير. فالجو العالمي مهدد باللاستقرار. والناس يعيشون الخوف، مما يؤثر على تصرفاتهم اليومية. ويتوقف ذلك حسب نوعية الشخص، كيف يؤثر عليه ذلك النوع من الإرهاب، قلق بصورة مرضية وتخيلات سلبية حول ما سيحدث في ما بعد، على سبيل المثال، كالخوف من انفجار ما، أو حادث قد يحصل؟ مما يجعل الناس مضطربة التصرفات ولا تتحمل بعضها البعض . أما في لبنان، يستطيع  اللبناني التأقلم في أي حالة  تغيير، إلاّ أن ذلك ليس قاعدة، فالمهم معرفة أن الإنسان يجب ألَّا يتعامل مع الآخرين بردات فعل سلبية، لأن لا شيء يتغير في الواقع.  والمهم معرفة كيف نواجه الأمور بعقلانية، كي نستطيع السيطرة على السلبيات”.

وزارة الصحة

من جهته، يشدد مستشار وزير الصحة، الدكتور بهيج عربيد، على أهمية دعم المصابين بالأمراض النفسية. ويشير إلى وجود مراكز صحية نفسية أنشأتها وزارة الصحة. يقول: إن الجمعية اللبنانية للمعالجين النفسيين عقدت مؤخراً مؤتمراً عن الإرهاب النفسي، برعاية وزارة الصحة، لأن هذا المرض إلى ازدياد في لبنان، نظرا للظروف التي عشناها منذ 1975حتى اليوم، من دمار وخسائر بشرية واغتيالات ونزوح. ويضيف: للنزوح السوري اليوم تداعياته على الاقتصاد وزيادة الفقر بين شرائح الشعب اللبناني، فمن الطبيعي، أن تكون هذه الأجواء السلبية ملائمة وتؤدي لاضطرابات نفسية مرعبة. لذلك، سعت وزارة الصحة إلى إطلاق البرنامج الوطني للصحة النفسية سنة 2014. وتم وضع استراتيجية  لسنوات خمس، على مستوى الرعاية الصحية الأولية. وأنشأنا ثمانية مراكز للصحة النفسية الاجتماعية، موزعة على مناطق عدة، للعمل على معالجة الاضطرابات النفسية الأولية. وعدا عن صدور القانون سنة 2017، في شهر شباط، عمدنا إلى تنظيم عمل المعالجين النفسيين. وهناك قانون سيصدر قريباً، لحماية المرضى النفسيين الذين لهم الحق في العلاج”.

يضيف الدكتور عربيد: ” نعاني اليوم، في هذه المرحلة الصعبة، من هجرة الشباب والأدمغة، ممن يتخرجون من الجامعات. إذ أن 90 في المائة منهم ليس لهم مجال عمل، فيهاجرون للعمل والعيش في الخارج. وتخسر عائلات أولادها. والوطن أيضاً يخسرهم. هذه الأمور المتراكمة تزيد الصراع داخل الفقير اللبناني والنازح. وتضخم الدين العام. ولاتوجد موازنة فعلية لخلق فرص عمل. والحل يكون بتشديد وتفعيل الرعاية الصحية الأولية،  في المراكز الصحية. وبإنشاء وحدة اجتماعية قريبة من الناس، للعلاج النفسي .وهذا ما تسعى اليه وزارة الصحة اليوم، في استراتيجيتها الصحية الفاعلة”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This