بعد رصد كمية من المواد السامة على “جزيرة البلان” في طرابلس، مساء أمس الأول، كان لا بد من التحرك والاستجابة لمناشدات مواطنين، ناشطين، محضونا ثقتهم، وصولاً إلى ضرورة فتح تحقيق في الحادثة، المفترض ألاّ تمر مرور الكرام، خصوصاً أنها إن دلّت على شيء، فعلى انعدام المسؤولية في تركها على الجزيرة، لاستعمالها لاحقاً، أو التخلص منها، بما يرقى إلى جريمة بيئية وصحية موصوفة.
لا بد من الإشارة، في هذا المجال، إلى أن مبادرة فردية نشطت مؤخراً في طرابلس، لتنظيف وحماية الشاطئ، أطلقها الناشط سليم كبارة، لينضمّ إليه لاحقاً، عدد من الناشطين. واستطاع بجهود وإمكانيات محدودة، أن يحوّل أماكن عبث بها الملوِّثون، إلى أماكن نظيفة، من خلال عمله التطوعي اليومي. وقد رصدت عين greenarea.info هذه المبادرة، منذ بداياتها. وتابعت عمل المتطوعين، الذين اطلقوا على أنفسهم إسم #مسعفون_بيئيون.
كي لا تتمادى يد العبث
ليل الأحد الماضي وخلال قيامهم بعملهم التطوعي، رصد المتطوعون مواداً سامةً على إحدى الجزر. يقول الناشط كبارة، في حديثه لـ greenarea.info “قمنا بإبلاغكم وتزويدكم بالصور، آملين تحركاً سريعاً كي لا تتمادى يد العبث أكثر”. ويتابع: كنّا أبلغنا البلدية، التي ردت بادئ الأمر، بأن الجزر والشاطئ من مسؤولية وزارات: الأشغال والنقل، الزراعة والبيئة. ثم وعدتنا بوضع القضية بين يدي المدعي العام البيئي.
ويؤكد الناشط هلال سفرجلاني لـ greenarea.info، أنه عثر “على أكياس لمواد سامة، في جزيرة البلان (جورة طرزان) وقام بتصويرها. وكانت منتشرة على الصخور وبعضها تسرب إلى الماء”. ويلحظ سفرجلاني “وجود طير نافق بالقرب منها. وريش لطير النوارس”، مما لفت انتباهه إلى خطورة هذه المواد وضرورة التبليغ عنها، حرصاً على صحة المواطنين من رواد الجزيرة. وحماية للثروة السمكية والتنوع الاحيائي على الجزيرة.
قديح: مادة سامة
“جمعية Green Area الدولية” وفور ورود البلاغ، قامت بإطلاع وتبليغ مراقب وزارة الزراعة في طرابلس، في الشمال اللبناني، سامر جوهر، بالتفاصيل، فبادر إلى التحرك فوراً من خلال إدارته.
ويؤكد مستشار greenarea.info، الخبير في مجال علوم الكيمياء والسموم، الدكتور ناجي قديح، أنه “وبحسب ما ظهر من كتابات على العبوة وشكل المادة، في الصور التي زودتموني بها، فهي Aluminium phosphide. وهي مبيد حشري ومبيد للقوارض، دخاني. ويستخدم فوسفيد الألومنيوم مخبرياً لتحضير الفوسفين. ويستعمل لتعقيم الانتاج الزراعي ومخازن الحبوب. وهو مادة سامة حتماً، يجب التعامل معها بحذر لتحريره غاز الفوسفين السام. وهو مفيد للقضاء على الحشرات، في مختلف مراحل نموها وبجميع أنواعها. لا يؤثر على النباتات والحبوب، إذا استخدم بطريقة علمية ومدروسة. واستعماله خلافاً لذلك، يؤدي حتماً، إلى نتائج غير مرجوة”.
ويلفت قديح إلى أنه “لم يسجل أي مرة، استخدام هذه المادة في الصيد البحري، فهي مادة معروف أنها تتسلل في الارض لتكافح الحشرات، أو تعقّم بها المخازن”.
وزارة الزراعة
من جهته، يوضح مصدر في وزارة الزراعة لـ greenarea.info، بالقول: “تابعنا الموضوع وقمنا بتبليغ مخفر الشواطئ. وجرى فتح تحقيق لمعرفة مصدر هذه السموم وسبب وجودها على الجزيرة. ولحظ التحقيق أن هذه المادة مسموح استيرادها وتستعمل لأغراض زراعية في لبنان. إنما بشكل عبوات وحبوب وليس على شكل بودرة، كالتي عثر عليها”.
يضيف: “التعرض لها واستنشاقها، قد يؤدي إلى تسمم وعقم عند الرجال. ولهذه الاسباب، توجب العمل سريعاً وبطريقة دقيقة وصحيحية، لرفع هذه السموم من على الجزيرة، مع الجهة المخولة رفعها، ضمن معايير السلامة العامة”.
وعلم موقع greenarea.info، بأن التحقيق مستمر وأصبح برسم المدعي العام البيئي في الشمال، بعد أن عاينت القوى الامنية المكان والمواد السامة، على أن يكلف اليوم، خبير ويصار إلى رفع هذه المواد خلال النهار.
البيئة
يشار أيضاً، إلى أننا خلال متابعتنا للحادثة، قمنا بالاتصال بالآنسة لارا سماحة في وزارة البيئة، للاستسفسار ووضع الوزارة في جو التحقيقات، فأوضحت سماحة لــ greenarea.info أن “الوزارة مخولة التدخل والعمل ضمن نطاق الجزر الثلاث المحمية فقط”.
المرعبي
وفي هذا السياق، يشير الغواص والناشط البيئي خالد المرعبي، إلى أنه تابع الحادثة مع نقيب الصيادين في الشمال. وأن موضوع استعمال السموم في الصيد، هو قيد الاهتمام والمتابعة منذ مدة. وينوه المرعبي “بعمل المسعفين البيئيين وتعاون وزارة الزراعة في مختلف القضايا البحرية والبيئية في طرابلس”.