كم من حالات تسمم غذائي نسمع عنها، أو أن شخصاً ما تناول وجبة في المطعم الفلاني، غير المطابق للمواصفات، فأصيب بحالة تسمم حادة، أدت إلى وفاته، نتيجة عدم إتخاذ الاجراءات الوقائية الصحية الطارئة، حيث تبين، حسب خبراء الصحّة، أن المناطق النائية تشهد أغلبية حالات التسمم الغذائي، لأن الرقابة فيها خجولة. زد على ذلك، أن التسمم الغذائي يتفاقم كتيراً في الصيف، لأسباب متعددة، منها فقدان النظافة وتفشي الجراثيم تزامناً مع ارتفاع حرارة الطقس. لذا، لا بد من التقيّد بالتحذيرات الصحية الواجبة.
تسمم شبه يومي
حالات التسمم الغذائي تتزايد، حسب ما يشرح الإختصاصي في طب الطوارئ، الدكتور ناجي صعيبي. الذي يقول: “هناك يومياً حالات تسمم غذائي على صعيد الافراد، نتلقاها في أقسام الطوارىء. إضافة إلى حالات التسمم الجماعية. وما تجب معرفته، أن حالة التسمم الغذائي، تصيب الشخص حسب نوعية الغذاء. وأيضاً، حسب درجة مناعته، مثلما هي حالة كبار السن والاطفال، أو الذين يتلقون علاجاً كيميائياً، أو كورتيزون، هؤلاء أيضاً أكثر عرضة للتسمم الغذائي. والأهم ما تجب معرفته على سبيل المثال، أنه عند تناول (المايونيز) غير الجيدة، يتعرض الشخص للتسمم الغذائي، إلا إذا كان جهازه المناعي قوي لدرجة تجعله يتخطى حالة التسمم بسلام”.
يضيف: “عند تكاثر بكتيريا السالمونيلا بقوة، في طعام ما، يصبح وضع المريض دقيقاً، إذا كان يغسل الكلى. إذ يزداد احتمال إصابته بالتسمم الغذائي”.
إستفاقة الجراثيم
ويشرح الإختصاصي في أمراض الجراثيم، الدكتور الياس الهراوي، أهمية اتخاذ التدابير الصحية للحد من التسمم الغذائي، بدءاً من غسل اليدين. ويقول: “ألأهم هو الحفاظ على الأكل السليم وغسل اليدين. والتأكد من سلامة المياه ونظافتها قبل شربها. ولا يجب ترك الأطعمة التي تحتوي على المايونيز والبيض تحت أشعة الشمس، أو في الحرّ. مع ضرورة التأكد من أن المطعم الذي نتناول الطعام منه، مطابق للمواصفات الصحية السليمة”.
ويوضح الهراوي: إن أغلب حالات التسمم، تحدث في المناطق النائية، حيث هناك شبه رقابة. والبرادات التي تحفظ الأطعمة، لا تحصل على كهرباء بشكل متواصل. علماً أن أهم الجراثيم التي تسبب التسمم الغذائي، كالأشيرشياكولي، سالمونيلا التيفوئيد والشيغيلا، يمكن تجنبها من خلال النظافة وغسل اليدين، لأن هناك إحتمالاً بنقل الجراثيم من البراز إلى اليدين الوسختين. كما أن تعرض الطعام للإهمال وسوء الحفظ؛ وتركه في الهواء الطلق؛ وتحت أشعة الشمس، تزيد من تكاثر الجراثيم فيه وتسبب التسمم الغذائي.
ويستدرك الدكتور الهراوي بالقول: “التسمم الغذائي لا يؤدي إلى الوفاة، إلاّ بنسبة قليلة، لأن مناعة الإنسان تستطيع المقاومة، شرط ألا يتعرض للجفاف، نتيجة الإسهال الحاد والتقيوء، فالأهم شرب المياه وتناول المضادات الحيوية المناسبة”.
إرشادات ضرورية
وتتوقف الإختصاصية في الطب الداخلي، الدكتورة ديانا عون، عند أهمية إعتماد الإرشادات الصحية الضرورية، لتجنّب التسمّم الغذائي. وتقول: “لتفادي التسمم الغذائي في الصيف، يجب التقيد بالإرشادات التالية: غسل الخضار وتعقيمها، الابتعاد قدر المستطاع، عن مأكولات المطاعم، تجنّب اللحوم النيئة وطهيها جيداً، ضرورة الحفاظ على الاطعمة في البراد، بطريقة صحيحة ونظيفة ومعرفة مصدرها إذا كان موثوقاً وأخذ قسط من الراحة، بعد نهار من السباحة”.
تتضيف الدكتورة عون: “أكثر الحالات التي نراها خلال الصيف، هي حالات تسمم غذائي ناتجة عن الأكل في المطاعم، خصوصاً لدى الاطفال. وننصح الأهل بالتركيز أكثر على طهو الأطعمة في المنزل. أما في حال إضطرار العائلة للأكل في المطاعم، فعليها، قدر المستطاع، تجنب تناول اللحوم غير الموثوق بمصدرها. مع التشديد، على سبيل المثال، على حفظ الحليب في البراد ومعرفة مصدر المياه، إذا كانت صالحة للشرب. وأيضاً، الكريما، سواء في البوظة، أو في الحلويات، يجب التأكد من سلامتها قبل تناولها”.
كذلك، يرى الإختصاصي في الطب الداخلي، الدكتور إيلي فرح: “أن أهم المشاكل الصحية التي نواجهها في الصيف، تكمن عند الأشخاص ذوي المناعة الضعيفة، كالمسنين، أو أصحاب الأمراض المزمنة، كالضغط، السكري، أمراض القلب وغيرها. فعند تعرضهم للشمس، يصابون بجفاف داخلي، يؤدي إلى ضربة شمس، تصل بالمصاب بها إلى حد الهلوسة، نظراً للغيبوبة التي تصيبه. لذلك، يجب تفادي المناطق ذات الرطوبة الحارة، مع أهمية شرب المياه، تفادياً لأي مضاعفات صحية طارئة. أما من ناحية التسمم الغذائي، فيجب التحذير من وجبات المطاعم، لأن عملية غسل الخضار والفواكه فيها، غير كافية. كما أن طهوها للحوم غير جيد، مما يعرّض الإنسان إلى عوارض تسمم جرثومية، مثلما هو الحال إذا وضعنا الطعام من دون براد، لأن الجراثيم ستتكاثر بفعل إرتفاع درجات الحرارة. لذلك، من المفضل أن يتفادى أصحاب المناعة الضعيفة أكل السوق، لأنهم اكثر عرضة للتسمم”.
وتنبه الإختصاصية في الطب الداخلي، الدكتورة ألين طعمة، إلى: “أهمية أن تكون مياه الشفة نظيفة. وأن تغسل الخضار والفواكه بشكل جيد، مع الإبتعاد عن أجبان الماعز واللبن غير المحفوظ جيداً، مع التأكد من مصدره. وأكثر الأشخاص تعرضاً للتسمم الغذائي، هم ضعيفوا المناعة، كالأولاد والعجزة. ومن عوارض التسمم، إرتفاع درجات الحرارة، التقيوء، إسهال حاد وجفاف في الجسم، قد تضطر المريض إلى دخول المستشفى”.
خط ساخن
وتشدّد رئيسة دائرة مكافحة الأمراض الإنتقالية في وزارة الصحة، الإختصاصية في طب الجراثيم، الدكتورة عاتكة بري، على أن: “أهم شيء هو أن يتجنب الناس أكل المطاعم، خصوصاً المأكولات غير المطهوة بشكل جيد، كاللحوم. وهناك مخاوف من عدم غسل الخضار والفواكه بشكل جيد في المطاعم. كما يجب على الناس ألاّ يهملوا غسل أيديهم، مع التركيز على طهو الأطعمة في المنزل”.
وتشير بري إلى أن وزارة الصحة تكشف بشكل دائم على المطاعم ومحلات بيع المأكولات، بواسطة مراقيبن. لكنها تواجه مشكلة نقص عديد المراقبين، نسبة إلى كثرة أعداد المطاعم. لذلك، لا بد من مضاعفة العدد، ليتسنى الكشف الدوري والمستمر. كما أن الخط الساخن في وزارة الصحة 1214 جاهز لتلقي شكاوى المواطنين.