البحر ملوث ولا من يكشف عليه باستمرار لمعرفة حجم تلوثه المتعدد المصادر، سواء من النفايات المرمية فيه على أشكال وألوان، أو من مجارير الصرف الصحي، في غياب تنفيذ أي خطة إستراتيجية طارئة، لإنقاذ، ليس فقط الثروة البحرية وإنما صحة الإنسان المهددة في حال توجه إلى السباحة في مياه الشاطىء اللبناني، من دون أن يعلم ماذا ينتظره من شتى أنواع الملوثات. وفي حال لجأ إلى المسابح، ليس الحال أفضل، إذ لا توجد رقابة على كميات الكلور التي توضع في مياهها. ولا أحد يوضح للمواطن ما هي تداعياتها على صحته عند سباحته فيها.

هذه النقاط الحساسة والدقيقة صحياً وبيئياً، حاولنا إلقاء الضوء  عليها مع المعنيين، علّهم يزودوننا بالإرشادات الطبية المناسبة، خصوصاً أن الأكثر عرضة للضرر هم ذوي المناعة الضعيفة كالأطفال وكبار السن.

أين تسبح؟

يعيش مليونان ونصف المليون من الشعب اللبناني، على الخط الساحلي، ما يعني أن هناك إحتمالاً كبيراً بتلوث البحر من مياه المجارير، التي تصب مباشرة من المنازل إلى الشاطئ، الذي أصيب بنوعين من التلوث، الأول كيميائي خطير، ليست نسبته عالية وإنما مخاطره شديدة. والثاني عضوي بكتريولوجي، أخف خطراً، لكن نسبته كبيرة وينتشر بكثرة على طول الشاطئ اللبناني، حيث محطات تكرير المياه الآسنة والمبتذلة غير كافية.

تجاه هذا الواقع الدقيق بيئياً وصحياً، يحدّد الخبير البيئي الدكتور ولسن رزق، الأماكن الأكثر تلوثاً، التي يجب تجنبها أثناء السباحة  لحماية الصحة من عدة أمراض جرثومية قد تحصل له ويقول لـ greenrea.me: “إجمالاً، الأماكن الأكثر تلوثاً على الشاطىء، هي برج حمود والكوستا برافا. ومن المفضل التوجه إلى ما بعد  منطقة جبيل، الأقل تلوثاً. مقابل ذلك، نجد أن المسابح مازالت الأفضل، لأنها تضع الكلور، الذي بدوره يصبح مضراً للجهاز التنفسي ويسبب حساسية جلدية في حال زاد استعماله. كما إن النفايات المنتشرة في البحر، تزيد من تفشي الأمراض الجرثومية، إلى حد التخوف من الكوليرا وغيرها من الأمراض المعدية كالتيفوئيد التي يلزم لعلاجها دخول المستشفى. وهنا ننصح بعدم التوجه إلى الأماكن الموبؤة في البحر، لأن التيارات البحرية تنشط من الجنوب إلى الشمال، ناشرة التلوث مع المزيد من الأمراض”.

الفطريات الأكثر انتشاراً

ويلفت الإختصاصي في الأمراض الجلدية، الدكتور جورج خوند، إلى “أن أبرز  النصائح لتفادي الأمراض الجلدية، ألا نمشي حفاة في الاماكن الرطبة، حول المسابح وبالقرب من غرف الإستحمام، لأن الفطريات تعيش في  هذه الاماكن الرطبة. عدا عن ضرورة الإستحمام بالمياه الحلوة، بعد السباحة في المسابح، للتخلص من كمية الكلور العالقة في الجلد، تجنباً لأي حساسية قد تصيب السباح. كذلك، من الضروري وضع كريم مرطب للجسم، بعد السباحة، للتعويض عن الجفاف بفعل أشعة الشمس ومياه الكلور والمياه المالحة. أما الشعر، فتكمن حمايته باستخدام بعض الزيوت،  لتفادي إنعكاس قوة تاثير الشمس عليه، أو أضرار المواد الكيمائية الموجودة في البحر.

للمناعة دورها

ويرى الإختصاصي في المختبرات الطبية، الدكتور مارك زبليط:  أن التقاط الجراثيم في البحر، يكون حسب مناعة الجسم.  ولذلك، يجب التأكد من سلامة المياه وبعدها عن المجارير والمياه المبتذلة، التي تحمل الجراثيم المتعددة، مثل أوكولي، سالمونيلا وأشيريشا كولي، لأن خطر التعرض لإلتقاط الجراثيم في براز المياه المبتذلة، يصبح أكبر. وليس هناك دواء وقائي لتفادي الأمراض المعدية في البحر. علماً أن نسبة الإصابة ترتفع حسب مناعة الجسم، لأن هناك أشخاصاً يسبحون في مياه قد تكون ملوثة ولا يلتقطون الأمراض؛ وآخرين لا يتحملونها، فيصابون بشتى أنواع الأمراض الجلدية والمعوية”.

إصابة الأطفال

ويشدد الإختصاصي في طب الأطفال، الدكتور روني  صياد، على أهمية حماية صحة الأطفال، سواء من التلوث البحري أو من مياه الكلور في المسابح. ويقول: “بما أن البحر ملوث، من الأفضل  إختيار السباحة في المسابح، لأنها تعقم المياه بالكلور. لكن ننصح بعد سباحة الاطفال في المسابح، أن يتم الإستحمام فوراً، كي لا تبقى مادة الكلور عالقة على أجسامهم، ملحقة بهم الأذى. كذلك، يجب أن يكون لباس البحر (المايوه) ناشفاً وليس رطباً ومبللاً بالمياه طوال الوقت، تفادياً للإصابة بالفطريات. مع أهمية تجنب السباحة بين الساعة 11 ظهراً والثالثة من بعد الظهر، كي لا يلحق الأذى بالجلد، كون أشعة الشمس حارقة جداً في هذا الوقت. ويجب الجلوس تحت شمسية، للحد من أي تداعيات صحية على الجسم، مع ضرورة وضع كريمات حماية كل ساعتين وشرب المياه”.

ويشدّد الإختصاصي في طب الاطفال، الدكتور روبير صاصي “على ضرورة أن يكثر الأولاد من شرب المياه، أقلّه كل ساعتين، تجنباً لأي جفاف قد يصيبهم من حرارة الشمس الحارقة. وألا ينزلوا إلى البحر في ساعات الظهيرة. والإستحمام مباشرة بعد السباحة،  لحماية الجلد من كلور المسابح”.

ويعتبر الإختصاصي في طب الاطفال، الدكتور فيليب شديد: “أن البحر هو المكان الأكثر وباءً، لأن هناك حشوداً من الناس تتوجه إليه، أكثر من المسابح. كما أن هذه الاخيرة، تكثر فيها إحتمالات إلتقاط الفطريات، حتى لو وضعت فيها كميات من الكلور، الذي يخفف من حدّة التلوث”.

ويقول الإختصاصي في الطب الداخلي، الدكتور عبدو فرام: “حسب معلوماتنا، إن المسابح، في أكثريتها، تتوفر فيها المعايير الصحيحة المحددة لكمية الكلور، في مياه بركها. أما بالنسبة لتحديد الأمكنة الأكثر نظافة على الشاطىء، فيعود ذلك إلى ما حدده “مركز علوم البحار” بدءاً من الشمال إلى الجنوب”.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This