إستحقّ لبنان لقب “طائر الفينيق” بسبب ما تعرّض له، دوماً، من حروب واغتيالات وأذيّة. واللبنانيون الذين إعتادوا هذا اللقب، تعايشوا معه وباتوا يحوّلون أي حادثة أو كارثة، إلى طرفة ومصدر فرح توثّق إستحقاقهم لهذا اللقب.
فقد اشتهر اللبنانيون بحسّهم الفكاهي، عند تعرّضهم لأية أزمة لا حلول لها. وكما انهالت النكات على وضع شوارع لبنان، الغارقة بالمياه، لدى تساقط الأمطار للمرة الأولى، مع بداية فصل الشتاء، كذلك الأمر، مع تسجيل درجات حرارة مرتفعة جداً، في اليومين الأخيرين.
أثبتت الدراسات النفسية مؤخراً، أن الضحك علاج جديد وجميل ومثمر، لأنه يساعد على تدفق المزيد من الأوكسيجين في الدم، الأمر الذي يرفع من طاقة الفرد وينعشه من جديد. فضلاً عن أنه يساعد على تغيير نظرة الإنسان للأمور ويزيد شعوره بالأمل والحيوية… إلخ.
“الضحك” أوفر العلاجات في لبنان، يعتمد عليه اللبنانيون في كل المواقف. ويحوّلون المبكي منها فعلاً، إلى مضحك!
أكبر مثال على ذلك، تحويل الحالة الهستيرية، التي سيطرت على اللبنانيين، بسبب إرتفاع درجات الحرارة، إلى نكات متعددة الإتجاهات، برّدت الجوّ والقلب، نسبياً. وكان لمواقع التواصل الإجتماعي من “فايسبوك” و”واتساب” و”إنستغرام”، الفضل الأكبر في انتشارها.
وكما يربط اللبنانيون كل المواقف ببعضها البعض، إستهلوا إطلاق نكاتهم عبر الفيديوهات والصور, أو حتى المقاطع الصوتية. وكان للسياسة حصّة كبيرة، خصوصاً “حزب الله” وإيران المتهمين الأولين دائماً ودوماً. فأتت النكات على الشكل التالي:
- خلّي كل العالم تعرف الحقيقة، هالشوب هو مخطط إيراني مع “حزب الله” لبيع صفقة مكيّفات ومراوح صنع إيراني.
- أكيد أميركا دازّة الشمس لعنّا، حتى تتهّم “حزب الله” بأنو عم يستعمل سلاح كميائي بسوريا. وعم يتفاعل بكترة الحرارة بلبنان.
ومن السياسة إلى الجغرافيا، إنهالت النكات ومنها:
– عزيزتي الشمس، هون لبنان، أفريقيا لقدام شوي، على إيدك الشمال.
– إفتح كتاب الجغرافيا للصف السادس، صفحة 25 السطر الخامس، راح تلقى جملة “يمتاز لبنان بمناخ معتدل”، هذه الجملة بالذات، أشطب أم أمها، طلعت إشاعة. والحقيقة إنو الطقس في لبنان من حار إلى مشوي جزئياً، مع إحتمال سقوط عصافير بروستد.
– درجات الحرارة المتوقعة غداً: العظمى: مشوي، الصغرى: مقلي، أما المتوسّطة فمسلوق .
– أما الطرفات التي فيها من التحدّي ما يدلّ على طبع اللبنانيين وصفاتهم، فكان من أكثرها انتشاراً:
– في سيبيريا يرمون الماء المغلي في الهواء ويصورونه وهو يثلج من شدة البرد! قريباً سنريهم في لبنان كيف نرمي الدجاجة مجمدة في الهواء وتنزل بروستد مع أربعة بيبسي.
– التهكّم الواضح في لهجة اللبناني تُرجمت كالتالي:
– عاجل: وصول حالات طارئة عديدة إلى المستشفيات تعاني من ذوبان السيليكون.
– من قوة الحرارة بيض الدجاج عم ينزل مقلي.
– نظرا لارتفاع درجة الحرارة، تم تركيب مروحة في الـ group … لسنا الوحيدين لكننا الأفضل؛ نعمل لأجلكم.
– بالنسبة لأغنية عبد الحليم حافظ “ماسك الهوا يإيديا” … في مجال تتركو، لأن متنا من الشوب؟
– النزعة الطائفية – الدينية في لبنان، لا تغيب عن بال اللبنانيين، حتى في هذه الحالات. ومن أبرز النكات، صلاة تبجّل المكيّف لما يقوم به من تضحية عظيمة في هذه الفترة، وهي:
السلام عليك يا مبرّد قلوب العالمين … السلام عليك يا مذكّرنا بجنّات النعيم … السلام عليك يا مريحنا من حرارة الجحيم… السلام على هوائك العليل وعلى صوتك قمة الحنين، على مراوحك الدائرة، على كهربائك الوالعة … طيّب الله هواك. آمين.
- أما الزجل، تراث لبنان المنسي منذ سنوات، الذي يحاول مؤخراً بعض الشعراء إعادة إنعاشه، فكان منه ردّة للمبرّد:
قم للمكيّف وفّه التبجيلا
لولا المكيّف لكنت الآن قتيلا
يعطيك من حلو النسائم برده
وبكل حب يحتويك قليلا
لا نوم إلا بعد همسة صوته
مهما شكرنا فالثناء قليلا.
ما زال فصل الصيف في بداياته، وبينما تغلي الماء في كوز تموّز، سيأتي آب اللهاب. وكما تخطّى اللبنانيون الأسبوع الأخير، بنكات سهّلت مرور الأيام، هناك توقّعات بأيام لاهبة أخرى، في الفترة المقبلة. ويبقى لسان حال اللبنانيين: نحن لها!