يتجه العديد من دول العالم، نحو تنفيذ مشاريع تخفف من حدّة تلوّث الهواء وتداعيات تغير المناخ، التي أصبحت واضحة وجلّية في معظم دول العالم. ففضلاً عن إستخدام الطاقة المتجددة، تعتبر المساحات الخضراء أحد أبرز الحلول المعتمدة، نظراً إلى تعدد وجهة إستعمالاتها.
في هذا السياق، تعمل دبي على وضع خطة طموحة لبناء حديقة عامة صديقة للبيئة، تبلغ مساحتها 1.43 كيلومتر مربع، ستكون هي الأضخم في الإمارة. وتوفر عند إكتمالها، مساحات متنوعة الأغراض، تتيح للناس ممارسة نشاطاتهم المفضلة على مدار السنة.
وتضم الحديقة: مسارات للجري بطول 20 كيلومتراً، ممرات بطول 30 كيلومتراً، أكثر من سبعة كيلومترات من الدروب الطبيعية، ما يزيد على 14 كيلومتراً من المسارات المخصصة للدراجات الهوائية، 45 ملعباً لمختلف أنواع الرياضات، خمس مناطق رئيسية لإقامة النشاطات، 55 منطقة لعب للأطفال، إضافة إلى مساحات مخصصة للمحلات والمطاعم والمقاهي.
حلول نظيفة
كذلك، ستعتمد الحديقة حلولاً نظيفة، تساعد في الحفاظ على البيئة ودعم جهود الإستدامة، حيث ستستخدم حلولاً مبتكرة، تساعد في الحد من إستهلاك المياه، لتصل إلى خمسة ليترات للمتر المربع الواحد، إلى جانب زراعة ما بين 10 آلاف و15 ألف شجرة محلية ومتأقلمة.
ولن تكون الحديقة مجرد وجهة رياضية وترفيهية، بل ستصبح مكاناً لإختبار الإبتكارات الجديدة وحلول الإستدامة البيئية، إذ من المخطط إستخدام حلول مبتكرة لتوليد الكهرباء في الموقع، تطبيق التناضح العكسي لتحلية المياه، تدوير النفايات، تقنيات الظل الطبيعي، بالإضافة إلى البطاقات الذكية الخاصة بالتذاكر والمشتريات وتقنيات الواي فاي. ومن المتوقع البدء بتنفيذ مرحلتها الأولى مع نهاية العام الحالي.
مدينة من 40 ألف شجرة
لا تعتبر هذه الحديقة أول مشروع عالمي من هذا النوع، إذ سبق ونشرت صحيفة “الإندبندنت” تقريراً يظهر خطة الحكومة الصينية لبناء مدينة مكوّنة من 40 ألف شجرة، تهدف إلى مواجهة تلوث الهواء الذي يعد أزمة كبرى في الصين، خصوصاً في العاصمة بكين، التي تشهد أياماً لا يستطيع المواطنون فيها الخروج من دون كمامات. وبمجرد إكتمالها، ستستضيف المدينة الجديدة 30.000 شخص.
ويجري العمل على المدينة في ليوتشو، في مقاطعة غوانكشي. وبفضل وفرة الأشجار والنباتات، ستكون قادرة على إمتصاص ما يقارب العشرة آلاف طن من ثاني أوكسيد الكربون و57 طناً من الملوثات. وستنتج نحو 900 طن من الأوكسيجين، سنوياً. وستحقق المدينة هذه الأرقام المثيرة للإعجاب، بفضل أكثر من مليون نبتة، تضم مائة نوع، فضلاً عن 40.000 شجرة مزروعة في واجهات، فوق كل الأبنية، تقريباً.
حديقة تلف مدينة
على المقلب الآخر، توجد في مدينة سنغافورة حديقة على الخليج، تعتبر رئة المدينة، إذ أن الرؤية الكبيرة لهذا المشروع، هي أن تغلف الحديقة المدينة كلها وتزيد كمية المساحة الخضراء في المناطق الحضارية.
وتنقسم حديقة الخليج إلى ثلاثة أقسام: جنوب وشرق ووسط الخليج، بمساحة 101 هكتار من الأراضي المستصلحة، وسط خليج مدينة سنغافورة . يقع 54 هكتاراً من مجموع مساحة الحديقة، في جنوب الخليج. وهو أكبر قسم من الحديقة، تم إفتتاحه في حزيران (يونيو) 2012 .بينما يعد الجزء الشرقي من الخليج، ثاني أكبر قسم من الحديقة، بمساحة 32 هكتاراً، يمتد بطول 2 كيلومتر على طول سواحل سنغافورة. وهذا القسم يعرض للزائرين منظراً درامياً لواحدة من حدائق عدّة مميزة على شكل ورقة.
وتتوزع الأشجار على إمتداد الجزء الجنوبي، الذي يحتوي 18 شجرة عملاقة، تبدو مثل أبراج بإرتفاع 25 إلى 50 متراً. وكل شجرة عملاقة، لها قلب من الخرسانة وإطار حولها من الصلب، تنمو عليه قمة تشبه المظلة.
الحد من الإنبعاثات الكربونية
من جهة أخرى، طرح البنك الدولي، وفق ما جاء على لسان رئيس مجموعة البنك الدولي، جيم يونغ كيم، مجالات رئيسية عدّة يمكن أن تساعد في الحد من محركات تغير المناخ، منها بناء المدن المرنة، التي تؤدي إلى إنخفاض الإنبعاثات الكربونية.
فوفق كيم “بالتخطيط الدقيق للنقل وإستخدامات الأراضي ووضع معايير لكفاءة إستخدام الطاقة، يمكن بناء المدن بأساليب تحول دون الوقوع في أنماط غير مستدامة. ويمكن أن تتيح فرص عمل وفرصاً للفقراء وتحد من تلوث الهواء”.
إضافة إلى إستخدام الطاقة المتجددة، إذ أن حوالى 1.2 مليار شخص، في أنحاء العالم، ليس لديهم كهرباء، يعتمد 2.8 مليار آخرين، على الوقود الصلب في الطهي، مثل الأخشاب والفحم النباتي والفحم الحجري، والذي يسبب أضراراً بالغة بتلويثه الهواء داخل المنازل.
وأخيراً، يتابع كيم: يجب التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره، عبر إعتماد الزراعة المراعية للمناخ، التي تساعد المزارع على زيادة إنتاجية المزرعة وقدرتها على الصمود، في مواجهة آثار تغير المناخ، كالجفاف. وفي الوقت نفسه، تصبح بمثابة خزانات لإمتصاص الكربون. وبالتالي، تساعد على الحد من الإنبعاثات. كذلك، تعدّ الغابات أيضاً، خزانات مفيدة، لإمتصاص الكربون وتخزينه في التربة والأشجار والأوراق”.