أكدت تقارير منظمة الصحة العالمية، موت أكثر من عشرة ملايين شخص سنوياً، بسبب العمل أو العيش في بيئات غير صحية. وتقدر تلك التقارير، أن في الوطن العربي يموت حوالى نصف مليون إنسان سنوياً، بسبب التلوث البيئي الشديد وقلة الغذاء والماء والعناية الصحية والاجتماعية.
تقارير أخرى أشارت إلى أنه في السنوات الخمس والعشرين الفائتة، واجهت المنطقة العربية 275 كارثة طبيعية (زلازل، فيضانات، مجاعات، إنهيارات جبلية…الخ). وقع حوالى 40 في المائة منها خلال السنوات الخمس الماضية. وقد أثرت على أكثر من 37 مليون نسمة في المنطقة.
كل هذه الارقام وغيرها من الصور والمعطيات الأخرى، أوجدت فكرة إصدار أطلس للتغيرات البيئية، فعمّا يتحدث وماهي أهميته؟
أطلس التغيرات البيئية
أصدر برنامج الأمم المتحدة للبيئة UNEP)) ومبادرة أبوظبي العالمية للبيانات البيئيةAGEDI) )، في عام 2014 تقريراً بعنوان: “المنطقة العربية: أطلس بيئتنا المتغيرة”، يدرس كل التغيرات البيئية التي حدثت في أكثر من ثمانين موقعاً، على إمتداد العالم العربي برمته.
إستخدم معدوا الأطلس، كماً هائلاً من الصور لثمانين موقعاً في الوطن العربي. وصوراً أخرى التُقطت بالأقمار الإصطناعية، حديثة وقديمة، يعرضها الأطلس كلها بلغة علمية ممتعة، مقدماً تحاليل علمية شاملة لأسباب ودوافع هذه التغيرات البيئية. وتشمل تلك التغيرات: التوسع في حقول النفط، إزالة الغابات وفقدان الغطاء النباتي، التصحّر، تخضير الصحراء وزيادة الزراعة المروية، إنتشار الحشرات، الآفات الطبيعية، التغير الهيدرولوجي، تقلص مساحة المياه وكميتها، خسارة الموائل، تأثير المناخ على الحياة بشكل عام، تسارع النمو السكاني الحضري الكبير، تطوير المناطق الساحلية، تلوث البحار والانهار والآثار الناجمة عن الظواهر الجوية المتطرفة.
كما يسلط الأطلس الضوء على قضية نفاذ الموارد الطبيعية وما طرأ من تغير في إستخدام الأراضي. وكذلك، يركزعلى مسألة هشاشة المجتمعات العمرانية، إزاء الكوارث الطبيعية ومخاطرها، الأمر الذي يوفر معلومات حول التحديات البيئية التي تواجه المنطقة؛ ويعطي رؤية في كيفية مواجهتها.
ويشير الأطلس إلى أن 19 دولة عربية تعاني ندرة المياه، حيث تنخفض الهطولات المطرية بشكل مخيف. وإن 17 دولةً عربية أصابها التصحر وتدهور الأراضي الزراعية، ما يجعل تلك الدول في مهب الآثار السلبية للتغير المناخي، خصوصاً أن التوقعات كلها، تشير الى إنخفاض نصيب الفرد من المياه للنصف، بحلول عام 2050م.
كما يحذر الأطلس من تدهور الموائل وخسارتها، ما أنعكس سلباً على التنوع الحيوي، حيث وصل إجمالي الأنواع المهددة بالانقراض في الوطن العربي المعروفة الى 1746 نوعاً.
يقول معدو التقرير(الأطلس) أنهم أصدروا هذا الأطلس كي يعتمد عليه أصحاب القرار، في السياسات البيئية، المنظمات غير الحكومية المهتمة بالبيئة، الأكاديميون وغيرهم، من أجل وضع سياسات وبرامج ناجعة، لتأمين مستقبل أكثر استدامة.
ماذا بعد الأطلس؟
أدت الحروب الدائرة في المنطقة (سوريا، اليمن والعراق)، إلى تفاقم المشاكل البيئية، فتضررت كل مصادر الطاقة، إزدادت الأمراض بسبب إنعدام الرعاية الصحية، تدهورت نوعية التُرَب الصالحة للزراعة، أصبحت المساحات محدودة جداً، كما تضاعف عشرات المرات، عدد الأصناف المهدَّدة بالإنقراض وتم تدمير العديد من المحميات، فيما أحرقت الحرب أكثر من 60 في المائة من الغطاء الحرجي. لذلك يرى الخبراء والمهتمين بالشأن البيئي، أنه لا بد من أطلس جديد، يتلافى الثغرات والنواقص التي لم يأت عليها الأطلس القديم. ويضيف مقترحات وخططاً جديدة، لتحقيق الاستدامة الشاملة في العالم العربي.