هي ممارسات ترقى إلى القرون الوسطى وإلى عصور غابرة، ولا تقرها الآن قوانين ولا أعراف، لكنها ما تزال قائمة في “ميدان سبق الخيل”، وتحت أنظار من ائتمنتهم الدولة على إدارة هذا القطاع، وبدلاً من أن يواكبوا تطور العلوم في معالجة الخيول الأصيلة، نراهم يعودون إلى بدعة “كي الخيول”، هذه الممارسة التي انتفت الحاجة إليها في عصر العلم والتطور.
والكيّ بدعة قديمة تزيد من معاناة الأحصنة، ولم تعد قائمة إلا خلسة، وفي ميدان سباق الخيل في لبنان، ويبدو أن “جمعية حماية وتحسين نسل الجواد العربي” المفترض أنها مؤتمنة على حياة تلك الكائنات “المعقود في نواصيها الخير”، تمعن في ممارسات ستفضي إلى ما يناقض أهدافها.
هي فضيحة موثقة بشريط فيديو، تستوجب إحالة الجمعية بكافة أعضائها إلى التحقيق، ورفع الحصانة عن نواب ومسؤولين غير بعيدين عن ملف الفساد الذي يطاول كل ما يجري في ميدان سبق الخيل، فـ “كيّ” الخيول ليس إلا مثالا عن “كيّ” آخر يستهدف جملة من الممارسات والمخالفات، وهي أكثر من أن تحصى، وكأن الجمعية تؤثر أن تفوز بسباق الفساد!

احتكار إدارة الميدان

أنشىء ميدان خاص لسباق الخيل في محلة بئر حسن (احدى ضواحي بيروت) عام 1885، ثم نقل هذا الميدان عام 1918 الى حرج بيروت مقره الحالي، ويعتبر مجلس بلدية بيروت الجهة الوحيدة في لبنان التي تملك هذا الميدان، وتبلغ مساحته 210 آلاف م2، كما انها المخولة قانوناً فتح ميدان مماثل واستثماره، وآثرت بلدية بيروت الاستعانة بمالكي الخيول من أجل إدارة السباق، لأن الخيول تشكل العصب الرئيسي لنجاح اي ميدان للسباق. وهكذا تمّ التعاقد مع “جمعية حماية وتحسين نسل الجواد العربي” التي تأسست في العام 1967، وتم تمديد التعاقد معها منذ العام 1969 وحتى اليوم لأسباب تشبه التمديد الذي نعيشه في واقعنا السياسي اللبناني.
هذه الجمعية تشبه الى حد كبير مجلسنا النيابي، يرأسها النائب نبيل دو فريج، والمدير العام لميدان سبق الخيل نبيل نصرالله، في حرمة الميدان وتحت أعين الجمعية تنتهك في حرمة جمعيتهم، وتسجل اكثر الممارسات اللانسانية والممنوعة قانونيا، وهي علاج الجياد بالكي، فيما يفترض من الجمعية تحسين نسلها وحمايتها.

ممارسة غير انسانية

وثقت هذه الممارسات بوسطة شريط مصور أرسل لينا كموقع greenarea.info و”جمعية Green Area الدولية” وطلب منا التدخل لوقف ما يحصل، خصوصا وأن الكي ليس ممارسة غير انسانية تتم بدون تخدير فحسب، إلا أن هذه الوسيلة اثبتت عدم نجاعتها، وقد منعتها واوقفتها معظم دول العالم بعد ان كانت من العادات السائدة في الطب الشعبي.
اللافت للانتباه في هذا السياق، أنه وبحسب مصدر مسؤول في وزارة الزراعة، فإن “هذه الطريقة في العلاج غير معتمدة في لبنان ومرفوضة بالمطلق”، لافتا إلى أنه “لم يسمح بها يوما لتمنع الآن”.
وعند اطلاعنا على الفيديو تأكدنا أن الواقعة حدثت في لبنان، وتحديدا على أرض ميدان الخيل، ومن أظهرهم التسجيل بعضهم من موظفي الجمعية، ومن يقوم بالكي ليس طبيبا انما موظف يدعى (ع. ك) مما يطرح جملة تساؤلات وشبهات حول عمل الجمعية وقيام افرادها بهذه الممارسات، وما اذا كانت مخولة فعلا بتحسين نسل الحصان العربي وحمايته، أم أن الاسم لغير مسمى وغير أهداف وتوجهات، خصوصا وأن ثمة من أكد لـ greenarea.info أن المدعو (ع. ك) “بيطري مدعي صفة طبيب، وهو موظف في الجمعية”.
تجدر الإشارة إلى ان الجمعية المعنية والتي تكلف خزينة الدولة حوالي 500 مليون ليرة سنويا، عدا عما تجنيه من ارباح اسبوعية خيالية نتيجة المراهنات، بالاضافة الى تأجير بوكسات (اصطبلات) الخيول تطالعنا كل عام بأنها تكبدت خسائر، وملوحة بنية إقفاله!

العلاج الصحيح

يبدو من خلال المشاهد التي وثقها الفيديو ان الجمعية لم تلتفت بعد إلى ما حققه الطب الحديث من تقدم في مجال معالجة الخيول، ولا سيما منها تلك التي تستخدم في السباقات، وما تزال تصر – بحسب الفيديو – على اتباع ممارسات عفا عنها الزمن، وهذا في حد ذاته فضيحة نضعها برسم المعنيين.
فالمعروف أن مشاكل الأوتار عند الخيولTendon Injuries in Horses الحادة والمزمنة، هي نتيجة التحميل الزائد عليها أثناء الرياضات المجهدة أو نتيجة بعض الإصابات أو التحميل الخاطئ على القائمة.
كما يمكن أن تنتج إصابات الأوتار وخصوصا المزمنة منها عن خلل العناية بالحيوان والتمرين الخاطئ أو التنعيل وتركيب الحدوة وتقليم الحافر بشكل خاطئ، ومن أكثر إصابات الأوتار عند الخيول هي تلك التي تصيب الأوتار الإصبعية القابضة كالوتر القابض الإصبعي السطحي Superficial Digital Flexor Tendon أو الغائرDeep Digital Flexor Tendon أو الرباط المعلق أو ما يعرف بالوتر بين العظميSuspensory Ligament، أو الوتر الداعم للوتر الإصبعي الغائر. بينما تتعرض أوتار العظام السمسمانية أو الوتر الباسط الإصبعي العام بشكل أقل للإصابات.
ومن المهم – بدلا من الكي – وضع التشخيص الدقيق عند إصابات الأوتار، والذي يكون من خلال إستجواب صاحب الحيوان، ومن ثم التشخيص بالتصوير بالامواج فوق الصوتية.
وتشكل إصابة الأوتار مشكلة حقيقية وخطرة على مشتقبل الخيل وخاصة الرياضية منها إن لم يتم التعامل مع الإصابة بحرص وعناية وسرعة والتي تتعم عن طريق التشخيص السريع وتقديم العلاج المناسب من خلال الأدوية المضادة للإلتهاب غير الستروئيدية ومن خلال العلاج الموضعي بالضمادات المناسبة ومن خلال تقديم الراحة الكافية للحيوان، وبرنامج العمل بشكل دقيق بعد الإصابة والذي قد يستمر في بعض الحالات إلى أكثر من سنة لضمان نجاح العلاج.

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This