المراهقون الذين يعانون من الإكتئاب المزمن والحاد، معرضون لمخاطر الإدمان الشديد على استخدام القنب الهندي (الماريغوانا)، في مرحلة متأخرة من المراهقة وتحديداً، بين سن الـ 16 و 18 عاماً. وفقاً لدراسة علمية نشرت مطلع الشهر الحالي.
الدراسة التي نشرتها كلية العلوم الصحية في جامعة واشنطن، كشفت الآثار التراكمية للإكتئاب المبكر للمراهقين، في الإدمان على القنب واضطراب تعاطي الكحول، في أواخر مرحلة المراهقة.
تفرض تسع وثلاثون ولاية أميركية، بالإضافة إلى واشنطن العاصمة، على الأقل، بعض الأحكام لاستخدامات القنب الطبية، بل اتجهت كل من واشنطن، كولورادو، ألاسكا وأوريغون إلى أبعد من ذلك، بتقنين الإستهلاك الترفيهي للمخدر. ومن المتوقع أن تصوت ولايات أخرى ـ من ضمنها كاليفورنيا وماساتشوستس ـ على تدابير مماثلة للإستهلاك الترفيهي، بحلول نهاية عام 2017.
الدراسة ليست الاولى من نوعها، للآثار الصحية المرتبطة بتعاطي القنب الهندي، حيث وجد بعض الباحثين إرتباطاً بضعف الأداء الدراسي وانخفاض الحضور الإجتماعي، كالحالة المهنية مثلًا. ووجدت دراسة كريست تشيرش، للصحة والتطور ـ التي تابعت حوالى 1300 طفل ولدوا في نيوزيلندا عام 1977 ـ أن الأشخاص الذين تعاطوا القنب، يومياً، أكثر عرضة، بمعدل خمسين في المائة، للإصابة بأعراض ذهانية، عن غير المتعاطين. وهم أكثر عرضة لاحتمال عدم إكمال الدراسة.
وتوضح دراسة أخرى من نيوزيلندا، تابعت ألف شخص في ديوندن، منذ الولادة حتى سن الثامنة والثلاثين، أن الإستمرار في تعاطي القنب ـ خصوصاً إذا بدأ في سن مبكرة ـ يرتبط بإنخفاض أكثر حدة، في معدل الذكاء، في المراحل المتقدمة من العمر؛ ومشكلات في الذاكرة والمنطق، مقارنة مع الأشخاص الذين لم يسبق لهم إستخدام المخدر.
وأجرى الباحثون في جامعة واشنطن 521 مقابلة، مع طلاب في أربع مدارس في مدينة سياتل. واستندت الدراسة إلى قاعدة بيانات الطلاب، أثناء المرحلة العمرية 12 – 15 عاماً. ولاحقاً، عندما بلغ هؤلاء سن 18 عاماً.
ويقول أحد المشاركين في الدراسة، البروفيسور Isaac Rhew “أنه في حال إستطعنا منع، أو التخفيف من، الإكتئاب الحاد، خلال المرحلة الاولى للمراهقة، يمكننا أن نخفف من إمكانية إنتشار إضطراب تعاطي القنب، لدى المراهقين، في أواخر مراحل المراهقة. وتبين، بحسب نتائج الدراسة، أن خمسين في المائة من المستطلعين، الذين يعانون من الإكتئاب المزمن والحاد، عانوا من إضطراب تعاطي القنب، في وقت لاحق.
ويتجه العالم إلى قونة إستخدام مخدر القنّب، أو تقليل العقوبات المرتبطة به. وانتقلت أماكن بيعه من الأزقة الضيقة، إلى واجهات المتاجر الحديثة، باشراف السلطات.
في عام 2013، كانت أوروغواي أول دولة تقنّن تجارة الماريغوانا، بينما قللت بلدان أوروبية عديدة ـ مثل إسبانيا وإيطاليا ـ من العقوبات القاسية لتعاطي وحيازة المخدر.
ويدق الباحثون ناقوس الخطر، تجاه ضعف الدراسات المرتبطة باستخدام القنب. إذ أن الدراسات المجراة على التبغ والكحوليات، يبلغ عددها مائة ضعف الدراسات المجراة على القنب. ورغم إنتشارها بشكل واسع بين فئة الشباب، لا تحصل على الأولوية التي تستحقها، على مستوى البحث الطبي والإجتماعي والنفسي.
“وعلى رغم الإدعاءات المزعومة عن الماريغوانا، التي تتراوح بين كونها تعالج النوبات وتسبب الفصام، فإن الأدلة الواضحة على تأثيرها على الصحة والسلوك، محدودة ومتناقضة أحياناً. ويجد الباحثون صعوبة في الإجابة، حتى على الأسئلة الأساسية، المتعلقة باستخدامها ومخاطرها ومزاياها والتأثير الذي سيحدثه تقنينها”، بحسب ما يروي دانييل كريسي، في تقرير نشرته دورية “نايتشر”.
ويجمع العلماء على التأثيرات القصيرة المدى للمخدر، مثل إضعاف الذاكرة والقدرة على التنسيق. ويمكنه أن يسبب البارانويا (جنون العظمة)، خصوصاً في حالة النشوة، التي يسببها القنب والتي قد تمثل آثاراً صحية كبيرة. فقد وجدت الدراسات مثلاً، أن إحتمالات تعرض السائقين للتصادم، تتضاعف بنحو مرتين إلى سبع مرات، في حال تدخين المخدِّر قبل القيادة.
في المقابل، يقل وضوح تأثيرات المدى الأطول، لكن هناك تأثيرات قليلة يتفق عليها معظم العلماء. وخلافاً للعديد من المجادلات الرائجة، ثمة أدلة على أن القنب يؤدي إلى الإدمان، فحوالى تسعة في المائة من مستخدميه، يعتمدون عليه بمرور الوقت. وتظهر عليهم علامات معينة، مثل المعاناة من أعراض الإنسحاب عند التوقف عن تعاطيه. وفيما عدا ذلك، يصعب تحديد التأثيرات الطويلة المدى.
وهناك أيضاً مشكلات مماثلة، في الإرتباط المتجادل بشأنه بشدة، بين القنب والفصام. وأظهرت دراسات متعددة، زيادة خطر التعرض لاضطراب الصحة العقلية، لمن يتعاطون القنب، في مقابل من لا يتعاطونه. وفي دراسة أُجريت على 50,000 رجل سويدي، تتراوح أعمارهم بين 18 و20 سنة، وجد الباحثون أن المفرطين في إستخدام المخدر، كانوا أكثر عرضة للإصابة بالفصام، بنحو ثلاثة أضعاف، مقارنة بأولئك الذين لم يتناولوه على الإطلاق. وعلى الرغم من أن زيادة الخطر كانت كبيرة، إلا أن الخطر الإجمالي ما يزال منخفضاً. ويرى بعض المدافعين عن القنّب، أن الإرتباط قد يعود إلى الأفراد الذين يعانون من مشكلات مثل «العلاج الذاتي» وهو ما يصعب إثباته.