تمتلك سوريا عدداً لا بأس به من الأنهار، إذا ما قورنت بباقي البلدان العربية. وتستهلك الزراعة في سوريا، حوإلى 88 في المائة من الكتلة المائية في البلاد. غير أن الحرب الدائرة منذ عام 2011 وبحسب ماكشفته دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة ستانفورد – كاليفورنيا، كان لها تأثيراً كبيراً على تدفقات تلك الأنهار، في كل الأراضي السورية، حيث عبث الإرهابيون، أينما سيطروا، بكل منابع المياه العذبة وآبار المياه الجوفية. كما كانت لها آثاراً كارثية، على محطات تنقية وتحويل المياه وعلى شبكات الري عموماً والبنية التحتية.
هنا، سنورد أهم مصادر المياه التي عبثت بها الحرب واستخدمتها المجموعات المسلحة كوسيلة ضغط، خصوصاً في المناطق التي تقع ضمن أحواض الفرات، العاصي، وبردى.
الفرات
يمر نهر الفرات في مدن: جرابلس، مسكنة، الرقة، دير الزور وينتهي في البوكمال، لكي يتابع مسيرته في العراق. تعتمد عليه الحكومة السورية، بشكل رئيسي، في إستثمار المنطقة المسماة حوض الفرات، زراعياً. أقيم على مجرى النهر سد الفرات (يقع في محافظة الرقة، بالقرب من مدينة الثورة النموذجية. يبعد عن مدينة الرقة حوالى 50 كيلومتراً. يبلغ طوله أربعة كيلومترات ونصف الكيلومتر وارتفاعه أكثر من 60 متراً. تشكلت خلف السد بحيرة كبيرة، هي بحيرة الأسد ويبلغ طولها 80 كيلومتراً ومتوسط عرضها 8 كيلومترات).
إستباحت فصائل المعارضة المسلحة، كل أرياف حوض الفرات تقريباً، من جرابلس إلى البوكمال. كما سيطرت على سد الفرات. هنا بدأت الكارثة الكبرى، فهم لايعرفون إدارة السد، لذا، بدأوا يفتحون العنفات بشكل عشوائي ويحبسون المياه لفترات طويلة، لدرجة أن جدران السد بدأت بالتصدع. عدا عن أن آلاف الهكتارات الزراعية قد جفت تماماً. وقد هددت تلك المجموعات الإرهابية، مرات عدة، بتفجيرالسد. (انظر مقالتي “الطوفان المدمر…ماذا يحدث لو انهار سد الفرات؟” على الرابط التالي https://greenarea.com.lb/ar/203034).
العاصي
ينبع نهر العاصي من أعالي سهل البقاع في لبنان، يدخل إلى الأراضي السورية عند بلدة ربلة، متابعاً مسيرته في الأراضي السورية، داخلاً إلى بحيرة قطينة، في حمص. يستمر بعدها في جريانه، ليصل بلدة الرستن، حيث أقيم عليه سد الرستن (يخزن نحو 250 مليون متر مكعب). ومن ثم يمر بسهل الغاب الخصيب، تاركاً الاراضي السورية في منطقة جسر الشغور ودركوش.
أيضاً، سيطر الإرهابيون على معظم مجرى نهر العاصي. وما يزالون يسيطرون على مدينة الرستن ويهددون بتفجير سدها. وتقوم الفصائل الإرهابية، بمنع الفلاحين من ري أراضيهم، ما يسبب تراجعاً كبيراً في المحصول وجفاف نسبة كبيرة من الأراضي.
بردى
يبلغ طول نهر بردى حوالى 70 كيلومتراً. ينبع من بحيرة نبع بردى، في جنوب الزبداني، على سلسلة الجبال السورية، شمال غرب دمشق. ويصب في بحيرة العتيبة، جنوب شرق مدينة دمشق، ماراً بمدينة دمشق وغوطتها.
أكثر ما يتذكره السوريون من عبث الإرهاب بنبعي بقين وبردى، أن معركة السيطرة على وادي بردى، الذي يعتبر مصدر معظم المياه في دمشق، شهدت قطع المسلحين للمياه عن خمسة ملايين شخص، في العاصمة والغوطة وبساتينها، فهددوا بذلك حياة البشر ومزروعاتهم
ومما لاشك فيه، أن النزوح الكثيف من مناطق الجفاف، أفقد مئات آلاف المزارعين أراضيهم. وحوّل سوريا من دولة مصدرة للقمح، إلى مستوردة له. ومن بلد ينعم بالأمن المائي، إلى بلد على شفيير هاوية، تكاد تودي بأهله عطشاً.