نود إطلاع الرأي العام والدولة اللبنانية على حقيقة ما جرى ويجري في بلدة كفرسلوان، الواقعة في المتن الأعلى قضاء بعبدا، محافظة جبل لبنان، على ضوء ما ورد في البيان الصادر عن رئيس بلدية كفرسلوان، بسام رفيق حاطوم، بتاريخ الخامس من شهر تموز2017.
إن جل ما ورد في بيان رئيس بلدية كفرسلوان، هو كلام غير دقيق جملة وتفصيلاً. مثل “بموضوع إزالة الجسر العثماني الأثري في بلدة كفرسلوان، إن الدولة اللبنانية إزالته في العام 1972”. هذا كلام غير دقيق. والصحيح أنه تمت إزالة هذا الجسر الأثري، بتاريخ التاسع من شهر حزيران 2017 ونقلت أحجاره إلى جهة مجهولة، بغية إخفاء الأدلة. الدليل القاطع على أن هذا الجسر كان ما يزال موجوداً، للتاريخ الذي ذكرت أعلاه، أن هناك عشرات الشهود، الذين يؤكدون ذلك. ونرفق صوراً فوتوغرافية التقطت في العام الماضي، عندما سقطت حافلة لنقل الركاب، بين الجسر الأثري والجسر الحديث، الذي أنشأته الدولة اللبنانية في العام 1974. وهذه الصورة، توضح أن الحافلة عند سقوطها، إستقرت بين الجسرين. وصورة الجسر الأثري، ظهرت بوضوح والحافلة ملاصقة له، فكيف يكون هذا الجسر أزيل في العام 1972 والحافلة يعود تاريخ صنعها للعام 2012؟
يحاول رئيس البلدية تشتيت الحقائق أمام للدولة اللبنانية والرأي العام، بإنكاره وجود الجسر الأثري، للتهرب من المساءلة حيال هذه الجريمة النكراء، التي ارتكبت بحق الآثار في بلدة كفرسلوان. وتصرفه بإستهتار وإستهزاء في هذا الموضوع، البالغ الأهمية وكأنه أمراً عادياً.
أما توجيه رئيس البلدية، الملامة إلى وزير البيئة، طارق الخطيب وإتهامه بأنه لم يبادر إلى سؤال البلدية عن حقيقة ما جرى ويجري، في بلدة كفرسلوان، سيما أنها هي السلطة المحلية، كما قال رئيس البلدية، فنسأل: لماذا يطلب من الوزير أن يسأل البلدية؟ هل لتقوم بتزويده بالمعلومات غير الصحيحة؟ أو لتكليف أحد المندوبين زيارة البلدة والإطلاع على حقيقة الأمر والطلب من الوزير زيارة البلدة. وهنا لا بد من توجيه التحية إلى وزير البيئة، الذي قام بواجباته حيال هذا الموضوع، فيما تنصل غيره من القيام بواجباته. ونوجه دعوة لمعالي الوزير، ليشرفنا بزيارة بلدة كفرسلوان والقيام بجولة ميدانية في البلدة. والإطلاع على مدى الدمار والخراب، الذي لحق ببيئة وجمال البلدة. وعلى موقع الجسر الأثري، الذي أزيل. والتأكد من أن كلامنا صحيح، لا يقبل الشك.
الجدير ذكره، أن هناك قراراً صادراً عن وزير الثقافة السابق، سليم ورده، يعتبر فيه منطقة كفرسلوان العقارية، منطقة أثرية، يمنع قيام أية أعمال فيها، تتطلب حفراً، أو نقباً، أو خلافه، أو إصدار تراخيص بناء، قبل مراجعة المديرية العامة للآثار. وبالطبع، تجاهلت البلدية قرار الوزير وضربت عرض الحائط بهذا القرار. وقامت بإزالة هذا الجسر الأثري وتصرفت وكأن ما حصل أمر إعتيادي.
يقول رئيس البلدية “أن لديه الكثير من المشاريع مع وزارة البيئة”، فنسأل: ما هي مشاريع رئيس البلدية، سوى أنه مدمّر للبيئة وجمال الطبيعة ومستغل لمواردها؟ فهو في العام 2012 إستحصل على ترخيص لمحفار رمل صناعي، لمدة خمس سنوات، على العقار 2233 في منطقة كفرسلوان العقارية، بإسم نجله، لإستخراج ما كميته ستة آلآف متر مكعب من الرمول، من هذا العقار، الذي لا يحتوي أصلاً، على الرمول. على أن يحافظ على البيئة وجمال الطبيعة. وللأسف، قام بإستغلال هذا الترخيص وعمل بحجته، مستتراً به في ثلاثة عشر عقاراً متقارباً ومتباعداً، في منطقة كفرسلوان العقارية. وأرقام هذه العقارات بحوزتنا، من ضمنها عقارات مشاعية يمنع الدخول اليها، وفق قرار مجلس الوزراء رقم 41 الصادر في العام 2001 .
كما قام بحفر ونقل وبيع، أكثر من مائتي ألف متر مكعب من الرمول، من دون دفع أي أموال للدولة اللبنانية، أو للبلدية، ملحقاً الدمار والتشويه، بعقارات البلدة وبيئتها وجمال طبيعتها وطرقاتها، التي لحق بها الخراب، بسبب الثقل الزائد لشاحنات نقل الرمول. وبعد أقل من عام على تأهيلها، بكلفة بلغت أكثر من أربعة مليارات ليرة. فكان أن تعرضت للخراب، بسبب نقله للرمول. فمن يتحمل المسؤولية؟
قمنا بالإدعاء عليه. وتم إلغاء الترخيص، بقرار من وزارة البيئة ورئاسة مجلس الوزراء، بعد الكشف على المنطقة. كما جرى منع إقامة محافر الرمول ومقالع الصخور والكسارات، في منطقة كفرسلوان العقارية بأكملها.
أما عن موضوع الكسارات، التابعة لمشاع بلدة كفرسلوان، الواقعة في منطقتي الرمثانية والتويته العقارية، في قضاء زحله، فإنها تدمر البيئة وتشوه الطبيعة وتنهب مقدرات هذه العقارات، التي تقدر بعشرات مليارات الليرات، بتلاعب واضح وفاضح على القانون. ويقوم رئيس البلدية والمجلس البلدي، بالسماح لأصحاب هذه الكسارات، بالعمل، مقابل إتفاقيات خارجة على القانون وسلطة الدولة، بمبالغ غير معلومة لأحد. ويقوم رئيس البلدية بقبول الهبات، من دون مراجعة، أو موافقة الدولة اللبنانية، متجاوزاً بذلك سلطة الدولة. وهذا تجاوز وخرق فاضح، لسيادة وسلطة الدولة. وبالطبع، هناك أمور مريبة تجري، مع أصحاب هذه الكسارات، التي وصلت إرتفاعات القطع فيها، لأكثر من 150 متراً عمودياً. ومناظر التشويه، مرعبة. وكميات البحص المستخرجة، من هذه العقارات، تقدر بملايين الأمتار المكعبة. والمضحك المبكي، أن تقارير الأجهزة الأمنية، تشير إلى أن هذه الكسارات، متوقفة عن العمل ومختومة بالشمع الأحمر. فيما أصحابها يعملون ويقومون بأعمال التفجير، الممنوعة أصلاً. ويقدمون الهبات لرئيس البلدية. وطبعاً، بأرقام لا تحاكي أرض الواقع. وبالطبع، رئيس البلدية يخفي الحقيقة عن الدولة، لأسباب معلومة للجميع. لذلك، نضع هذه المعلومات برسم الدولة اللبنانية، بأكملها. ونطالبها بالتحرك السريع، لوقف هذه الجرائم، التي ترتكب على مرأى ومسمع وموافقة رئيس وأعضاء مجلس بلدية كفرسلوان. ولا من يسأل. والأسباب كما ذكرنا، معلومة. والآن، هل علمتم ما هي مشاريع رئيس البلدية البيئية والتنموية. إن مشاريعه: تدمير البيئة، تخريب الطبيعة، إستباحة المشاعات وإستغلال مقدراتها. وبالطبع، ليس لمصلحة البلدة وأهلها.
الجدير بالذكر، أن في حوزتنا قراراً قضائياً يأمر بإقفال هذه الكسارات، إلاّ أنه لم يطبق، للأسف الشديد. ولا نعلم لماذا زج رئيس البلدية إسمي وزير الداخلية والبلديات، نهاد المشنوق ووزير الدولة لحقوق الإنسان، أيمن شقير، في موضوع كسارات التويتة، غير الشرعية.
إن قول رئيس البلدية، أن كفرسلوان تمتلك قرابة الـ 400 بركة ترابية، تستخدم في مجال الزراعة، هو أمر صحيح. لكن جميع هذه البرك، هي في الأملاك الخاصة. وقد أقيمت في الأماكن التي تحتوي طبيعتها الترابية على “الدلغان”، أو سيليكات الماغنيزيوم، أو سيليكات الألمينيوم، التي تمنع تسرب المياه من خلالها، لا في المناطق ذات الطبيعة الرملية، كما يخطط رئيس البلدية، لإقامة بحيرة أو اكثر، في هذه المنطقة. وبالتأكيد، مشروعه ليس لمنفعة المزارعين، بل لأستثمار الموارد الرملية وبيعها. وما كلامه بهذا الخصوص، إلا كلام حق، يراد به باطل، فطبيعة المنطقة، التي ينوي أن ينشئ عليها البحيرة، لا تصلح، على الإطلاق، لا من الناحية الجغرافية ولا من ناحية طبيعة التربة الرملية، التي هي أصلاً لا تحتجز المياه. والسبب واضح وفاضح وهو إستغلال الموارد، بحجة إقامة البحيرات لتخزين المياه.
الموضوع الذي لم يتطرق اليه رئيس البلدية، هو إنشاؤه مكباً للنفايات، في منطقة حرجية في بلدة كفرسلوان، من دون مراجعة وزارة البيئة ومن دون دراسة الأثر البيئي. وهذا المكب، هو عبارة عن حفرة إستحدثت في الأرض وتم رمي النفايات فيها، بشكل مباشر. كما تم ردمها بالتراب، من دون وضع أية عوازل. علماً أنه يوجد في المنطقة وأسفل المطمر مباشرة، واحد من أهم المجاري المائية الجوفية في لبنان. وبالطبع، إن هذه المياه ستتلوث. وبالتالي، إن هذا الأمر يشكل خطراً على الصحة والسلامة العامة للوطن. نضع هذه المعلومات بعهدة وزارات: البيئة، الطاقة والمياه، الزراعة، الداخلية والصحة العامة. ونطالب بالكشف الفوري على هذا المكب وإتخاذ الإجراءات اللازمة بهذا الخصوص، لما فيه خير وصحة وسلامة اللبنانيين.
هذا ما علم. وما خفي، قد يكون أعظم. نضع كل هذه المعلومات، بالإضافة إلى موضوع توجيه التهديد والوعيد لنا، من قبل عدد من المحسوبين على رئيس البلدية، في عهدة الدولة اللبنانية وعلى رأسها: رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزارء سعد الحريري، النائب وليد جنبلاط والمسؤولين والوزارات والإدارات والأجهزة الأمنية والرقابية للدولة اللبنانية، طالبين إتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذا الواقع المر؛ وإنزال العقوبات بحق المخلين، الذين يدمرون البيئة ويعبثون بالآثار والطبيعة والمال العام؛ والصحة والسلامة العامة والأمن والإستقرار. وحفاظاً على ما تبقى من بيئة وطبيعة وجمال في وطننا الغالي لبنان.
* ناشط بيئي من بلدة كفرسلوان