حياة الأطفال معرضة للخطر ولامن يحميها، وسط الإهمال واللامبالاة داخل المنزل! بكل أسف،هي حقيقة يعلمنا بها الإختصاصي في طب الطوارىء والجراحة، الدكتور رشيد رحمة، الذي يقول أنه “يصل إلى قسم الطوارىء ما بين 10 إلى 30 حالة، من الحوادث المنزلية، التي يتعرض لها الأطفال، لأسباب متعددة أبرزها الإهمال.
لماذا تتكاثر الحوادث المنزلية لدى الأطفال؟ ما هي الأسباب وراء تزايدها؟ وكيف نحمي حياة الأطفال من تداعيات متل هذه الحوادث؟
إصابات وإهمال
يوضح د. رحمة لـgreenarea.info : أن من أهم أسباب الحوادث المنزلية التي يتعرض لها الاطفال، إستعمال المطهرات للتنظيف، بعبوات يسهل فتحها، توجد في أمكنة قريبة منهم، على عكس مما هو عليه في الدول المتقدمة، التي تلجأ إلى استعمال زجاجات خاصة للمطهرات، من الصعب فتحها من قبل الأطفال. وهذا غير متوفر في لبنان. عدا عن أن الطفل، في كثير من الأحيان، يستهويه لون الأدوية، فيتناولها من دون إدراك، معتقداً أنها نوع من السكريات. لذلك، يجب وضع هذه الأدوية في أمكنة عالية ومقفلة، بعيداً عن متناول الأطفال، تفادياً لأي عارض صحي سلبي يؤثر عليهم عند تناولها، لأنها في كثير من الأحيان، تهدد صحتهم وحياتهم.
يضيف: الجيد في ذلك، أننا لم نشهد حالة وفاة نتيجة تداعيات الحوادث المنزلية، التي يتعرض لها الأطفال، كونها تعالج فوراً في أقسام الطوارئ، لأن أي تأخر في وصول الطفل المصاب في حادث منزلي، سيترك مضاعفات صحية خطيرة عليه. لذلك، لا بد من تكثيف حملات التوعية، خصوصاً في المدراس ووسائل الإعلام والجمعيات المعنية، أقله للحد من تزايد الحوادث المنزلية، التي تضرّ بصحة الأطفال.
خطورة المطبخ
ويشدد الإختصاصي في طب الاطفال، الدكتور روبير صاصي، على تكثيف التوعية عند الأهل، لافتاً إلى أن هناك شريحة مهمة من الأهالي لا يعتنون جيداً بأولادهم. ويقول: لاشك أن الحوادث المنزلية التي يتعرض اليها الأطفال إلى ازدياد. مما يترك تأثيراً سلبياً على صحتهم، سواء بالتسمم، أوغير ذلك. لذا، يجب ألا يدخل الطفل إلى المطبخ أو الحمام لوحده. ويجب إقفال الخزانة التي تحتوي على مطهرات التنظيفات وغيرها من السوائل السامة، مثل وضع قناني ” “eau de javelبعيدا عن متناول الطفل، كي لا يعتقد أنها صالحة للشرب. مع أهمية وضع ملصقات تحذيرية عليها. كما أن أدراج الخزائن، يجب ان تكون مقفلة. فالمشكلة التي نعاني منها اليوم، هي عدم وجود توعية كافية عند الأهل في التعامل مع أولادهم.
غياب الاحصاءات
المسؤول عن جمعية “لاسا” جو دكاش، التي تهتم بوسائل الوقاية وحماية الأطفال من الحوادث المنزلية، أكد على أهمية المشاركة الفعلية، بين جميع القطاعات المعنية، في التركيز على التوعية. وقال: حسب معلوماتنا، إن حوادث التنقل تحتل المرتبة الاولى، تليها الحوادث المنزلية، التي تصيب شريحة مهمة من الأطفال، نظراً لأن التوعية تتراجع في العائلة اللبنانية، إزاء الوضع العائلي والإجتماعي، الذي تغير في ظل غياب الأم عن المنزل، نتيجة عملها الدائم. وأيضاً، لوجود الطفل مع الخادمات، ضمن بيئة مختلفة. عدا عن أن الحياة الإجتماعية لم تعد مثل السابق، لأن كل شريك في العائلة عليه العمل خارج المنزل، مما يعني عدم وجود الأم بشكل دائم في البيت. في حين أن الخادمات تأتين من مجتمعات قبلية ورجعية، فتكون عنايتهن بالطفل غير كافية. وبالتالي، تتفاقم الحوادث المنزلية ويغيب الأمان عن المنزل، إذ تبين لنا، بكل أسف، أن الأكثر تعرضاً للحوادث المنزلية، هم الأولاد من عمر 3 سنوات وما فوق”.
يضيف دكاش: كما تبين لنا أن 25 في المائة من الحوادث، التي يتعرض لها الاطفال، تكون خلال التنقل. تليها الحوادث المنزلية التي من الصعب إحصاءها، فعند وقوعها، تتهرب الأم أوالأب من الإعتراف بالتقصير تجاه ولدهم، كأن يتركوه لوحده على شرفة المنزل، من دون التأكد إذا كانت مستوفية لشروط السلامة العامة. ونؤكد على أهمية التوعية، سواء لتجنب الحريق، أو التسمم من مواد التنظيف السامة، أو الغرق في الحمام، أو السقوط، فالحل يكمن في توعية الأهل من قبل المعنيين، سواء من قبل نقابة المهندسين، أو البلديات، لتأمين شروط السلامة العامة على الطرقات. كما يجب التركيز على تدريب وتوجيه العاملات، سواء في الحضانات، حيث الولد معرض أيضاً للحوادث. ونشدد على دور الإعلام في نشر التوعية، للحد من الحوادث المنزلية، التي تتكاثر لدى الأطفال النازحين.
يتابع: مشكلتنا أننا نفتقد إلى إحصاءات مركزية داعمة، عن الحوادث المنزلية التي يتعرض لها الأطفال في لبنان. بل نتكل على معلومات إعلامية، مصدرها ما يرد في الصحف عن هذه الحالات.
سلامة الطفل
ويوضح الإختصاصي في طب الأطفال، الدكتور برنار جرباقة، أن لا عناية كافية بالطفل في المنزل، لاسباب متعددة، أبرزها أن الأم تعمل لوقت أطول خارج المنزل، من دون أن يكون هناك شخص يهتم بولدها بشكل صحيح.
يضيف: ليست الإصابات في لبنان في إزدياد، لكن أطفال النازحين معرضون لخطر على سلامتهم العامة في المنزل، نظراً لغياب التوعية لديهم. وإذا كثرت الحوادث المنزلية في لبنان، فليس فقط لغياب الأم العاملة عن منزلها، بل أيضاً الجدة، التي كانت تحل مكان الأم العاملة. فهي بدأت تعمل إلى عمر متأخر، نظراً للضائقة الإقتصادية. مما يعني أن لا عناية كافية بالطفل في المنزل، مما يعرضه لحوادث منزلية، منها الحريق. ولحوداث السير أيضاً.