عملية تربية الأبناء رحلة طويلة لا تخلو من بعض الأخطاء التي تقع بسبب حرص الوالدين على الوصول إلى حالة مثالية لسلوكيات الطفل وعلاقاته بالأخرين. ها هنا 5 أشياء يجب عليك التوقف عن فعلها مع طفلك الأن نظراً لخطورتها على صحتهم النفسية.

يحتاج الوالدان إلى التخلص من الضغوط الزائدة التي تضعها عملية تربية الأبناء على أعصابهم، في نفس الوقت الذي يحتاج فيه الأبناء إلى قدر من الحريّة والاستقلالية يساعدهم على تنشئة سليمة لذا توقف عن هذه الأمور الأن:-

  • القيام بكل شيء بديلاً عن الطفل

واجبات الوالدين ناحية أبنائهم محددة ومعروفة تشمل توفير البيئة الملائمة لنموهم بشكل صحيّ سلوكياً وبدنياً.

إلا أن البعض وبدافع الحب المفرط يتحول إلى “ماكينة” لا تتوقف عن تلبية مطالب الأبناء طوال ساعات الليل والنهار.

عندما يبدأ الوالدان القيام بأشياء كثير لأطفالهم ينتهي بهم الأمر إلى القيام بكل شيء مما ينتج طفلاً اتكالياً.

بالتأكيد هذا ليس في مصلحة أحد!!.

فمن ناحية سيكون هذا الطفل عبئاً على والديه طوال فترة بقائه في البيت، ومن ناحية أخرى لن يستطيع الاعتماد على نفسه والاستقلالية بحياته عندما ينضج لاحقاً.

ترك مساحة للطفل للقيام ببعض الأمور المتناسبة مع عمره يعزز من خُلق الاعتماد على النفس.

وهنا يظهر دور الوالدين في ضرورة تكليف الطفل ببعض المهام منذ سنّ مبكرة مثل جمع ألعابه، تنظيف مكان تناول الطعام، وضع ملابسه في موضعها وهكذا.

بل إنَّ الأفضل أيضاً إسناد وظائف خاصة للطفل (مهما كان عمره) يعرف أنها ضمن مسؤولياته داخل الأسرة.

  • البقاء مع الطفل طوال اليوم

بينما يدعو الكثيرون إلى ضرورة بقاء الوالدين مع أبنائهم أطول وقت ممكن نرى أن هذه الدعوة تنقصها الدقة!!.

قضاء الوقت مع الأبناء لا يجب أن يحسب بالكمّ وإنما بجودة الساعات التي نقضيها معهم.

عندما تقضي 10 ساعات في المنزل مع أبنائك منشغلاً عنهم بمواقع التواصل أو بالتحدث في الهاتف فهذا وقت ردئ لا يجب أن يحسب، وعلى العكس عندما تقضي ساعة في نشاط ترويحي أو نزهة سير أو لعبة حركية فهذا وقت جيّد لك ولطفلك.

هذا لا يعني أن يتفرغ الوالدان لملازمة أطفالهم ومن ثمَّ وضعهم تحت ملاحظة دقيقة طوال 24 ساعة/ 7 أيام.

هذه الطريقة تجعل الأبناء تحت ميكروسكوب الملاحظة الدائمة مما يعظم أخطائهم الصغيرة في عيون والديهم وبالتالي تكثر النصائح والتوجيهات مما يجبر الطفل على مخالفة فطرته في كثير من الأوقات.

هل يترك الطفل ليلعب بمفرده؟

ترك الطفل ليلعب بمفرده له فوائد كبيرة جداً تغفل عنها الأمهات منها تنمية مخيلة الطفل وقدراته الإبداعية والتخيلية، تنمية شخصية مستقلة تساعده على التميز عن الانضمام إلى مجموعات الأقران وكذلك تهيئة الطفل لمناخ المدرسة حين يضطر إلى مفارقة الأسرة.

إذا كنت تسمح لطفلك باستخدام الأجهزة الإليكترونية والحواسيب فهناك بعض القواعد عليك التعرف عليها من أجل تجنب مخاطر الإنترنت.

كما أن السماح للطفل باللعب مع الأطفال القريبين له في العمر له فوائده الكثيرة مثل تعلم الطفل التشاركية والعمل الجماعيّ واكتساب سلوكيات التعايش.

في كل الأحوال لا يجب أن يخضع الطفل للبقاء تحت ملاحظة الأهل فترات طويلة وإنما تترك له بعض المساحة الشخصية.

  • تنشئة الطفل ليكون نسخة من الوالدين

يأتي ضمن قائمة أشياء يجب عليك التوقف عن فعلها مع طفلك حرص الوالدين على تنشئة أطفالهم ليكونوا صورة مكررة منهم.

هذا لا يتعلق بالرغبة في أن يكتسب الطفل نفس وظيفة أحد الوالدين ولا ملامحه ولكن طبائعه وأخلاقه أيضاً.

يجب أن نفهم أن الله خلق كل إنسان على هيئة خاصة، وأن محاولة إجبار الأبناء على القيام بأمور تخالف فطرتهم تحت أي دعاوى تضر بصحتهم النفسية والعقلية.

  • لقد خلق الله طفلك متفرداً فلا تجعله نسخة!!
  • لا تحاول أن تكرر وسائل التربية التي ترعرعت عليها منذ عقود.
  • لا تجبر طفلك على سلوكيات أجبرت عليها عندما كنت صغيراً.
  • لا تكرهه على حبِّ ما تحب ولا بغض ما تبغض.
  • لا تلزمه بدراسةٍ لا يجد استعداداً فطريّاً لها.
  • لا تضطره إلى عملٍ لا يحقق شغفه بحثاً عن المال أو  النفوذ.
  • احترم قرارات طفلك طالما لا تخالف شرعاً أو عرفاً.

هؤلاء الذين نبغوا وصاروا ملء السمع والبصر في كلّ مكان حول العالم نتاج تربية حرّة سمحت لقدراتهم أن تنطلق ولشخصياتهم أن تستقل في مرحلة مبكرة.

  • معاملة الطفل كأنه ناضج

لماذا يعامل الوالدان ابنهم على أنه شخص كبير مسجون في جسم طفل صغير؟

الطفل مجرد كائن ينمو محاولاً أن يفهم الحياة من حوله، متعرفاً على مشاعر الأخرين وحدود علاقاته معهم.

كلّ ذلك في حدود قدراته العقلية والنفسية المحدودة بحكم عمره وتجاربه والبيئة التي يعيش فيها.

إذاً من الخطأ أن نتعامل مع هذا الطفل على أنه شخصيّة ناضجة مهما اظهر نباهة وذكاء أو تصرف تصرفات تفوق عمره الفعليّ.

الطفل يظل طفلاً محكوماً بخصائص عمره العقلية والنفسية كما بقية مراحل حياته اللاحقة.

الطفل يفكر كطفل، ويشعر كطفل لذا يجب أن يعامل كطفل وأن نتعلم كيف نجيب على اسئلته المحرجة بقدر من الذكاء والشفافية.

من أكبر  الجرائم التي ترتكب في حق الأبناء أن نعاملهم كناضجين فنحمّل قلوبهم الصغيرة هموماً كبيرة يعجزون عن حملها أو نحدثهم في مسائل عميقة يعجزون عن فهمها.

  • مقارنة الطفل بغيره

إذا أردت أن تدمّر شخصية طفلك وتؤذي علاقاته مع أقرانه فضعه دائماً في مقارنة معهم. إذا كان هناك أشياء يجب عليك التوقف عن فعلها مع طفلك فلا شك أنها “المقارنة مع الأطفال الأخرين”.

المقارنة السلبية التي تشعر الطفل بأنه اقل من اصدقائه وأقاربه تهدم ثقته في نفسه وتعوق من محاولته للتطور والتحسن.

والمقارنة الإيجابية التي تشعر الطفل بأنه يتفوق على من حوله خاصة زملاء الدراسة أو إخوته ترسخ فيه الإحساس بالاختلاف مما ينعكس على معاملته لهم بتعالي وازدراء.

عندما يلجأ الأهل إلى مقارنة طفلهم بالأخرين فإنهم يؤذون مشاعره بشكل لا يمكن تخيله، إن هذه المقارنة تجعل الطفل يشعر بالذنب حيال أشياء لا يمكنه التصرف حيالها.

عوضاً عن ذلك يفضل أن تتقبل الأسرة الابن قبولاً غير مشروط بتفوق دراسيّ أو هيئة جسمانية.

وأن يبحث الوالدان عن نواحي التميز عند أبنائهم بدلاً من مقارنته بغيره فربما ينبغ الطفل في جوانب أخرى لكن الأهل يصرون على البحث في الجانب الخاطئ.

إذا كان هناك أشياء يجب عليك التوقف عن فعلها مع طفلك فهذه القائمة السابقة تضم أخطر هذه الأخطاء التربوية التي يجب عليك تجنبها.

تربية الأبناء عملية مستمرة قابلة للتطوير بشكل يوميّ لذا عليك أن تعتبر هذه المقالة نقطة انطلاق نحو علاقة تربوية جديدة ومتميزة.

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This