غالبا ما نتبنى خطوات مرتجلة، ظنا منا أنها تندرج ضمن مسار حماية البيئة وتحصينها ورفدها بأنواع من الطيور والكائنات البرية، ولا نعرف أن مثل هذا الأمر قد يحمل نتائج معاكسة، أي بخلاف ما يتوقع منظمو هذه الأنشطة، وبالتالي، لا يمكن التنبوء بحجم مخاطر وأضرار مثل هذه الممارسات على التنوع الحيوي في لبنان، فالنوايا الطيبة إن تكن مقرونة بالعلم، تؤتي بنتائج كارثية في أحيان كثيرة.

وفي هذا السياق، ولمناسبة “الأيام العالمية للشبيبة المارونية”، تم تبني مبادرة بيئية في “وادي قنوبين المقدس”، تمثلت بإطلاق 1500 طائر من أنواع مختلفة، من بينها طيور الـ Budgies، وهي من أنواع الببغاوات الصغيرة المعروفة بـ “طيور الحب”، وهي لا تنتمي لبيئتنا، ولا يمكن العثور عليها في البرية، إذ أن موطنها الأساس هو المناطق الاستوائية الدافئة، وبالتالي، هي ليست من الطيور المحلية التي تعيش في برية لبنان، وليس لديها القدرة على التحمل والبقاء في شتاء لبنان القارس، وهذا يعني أن الـ Budgies من الأنواع الغريبة، ويتعين علينا عدم إطلاقها في المواقع الطبيعية اللبنانية.

 

تهديد للنظم الايكولوجية

 

وبحسب “اتفاقية التنوع البيولوجي” التي وقع عليها لبنان، فمن غير المقبول إطلاق اي نوع غريب أو غازٍ، إذ ربما يسبب تهديدا للنظم الايكولوجية والموائل والانواع، وبالتالي فالمبادرة التي أطلقها رجال الدين وبعض السياسيين أثارت حفيظة بعض المواطنين الذين انتقدوا بمحبة عبر “فيسبوك” اطلاق الـ Budgies، وجاء جواب أحد رجال الدين بأن ما أطلق منها عدده قليل، وأطلق في المقدمة لجمالية المشهد.

ولكن ثمة سؤال: هل يبرر العدد القليل أن نعبث بالطبيعة؟ وأن نخالف نظمها وقوانينها؟

سعد: لا تعيش في البرية

 

الناشط في مجال حماية الطيور اللبنانية روجيه سعد أشار لـ greenarea.info إلى أن “المبادرة جميلة في ما لو أطلقنا حساسين ويماماً وطيورا أخرى ابنة بيئتنا وطبيعتنا، خصوصا وأن بعضها مهدد بالانقراض، أو تراجعت أعداد إلى مستويات كبيرة بدأت تثير القلق”.

ورأى أنه “من الأفضل استشارة خبير طيور قبل إطلاق أي مبادرة من هذا النوع”، عازيا السبب إلى أنه “يجب ألا نخل بالنظم الايكولوجية والتوازن البيئي”، وتابع سعد: “هذا النوع (Budgies) لا يلائمه مناخنا، فهذه الطيور تنتمي لبيئة تتطلب طقسا دافئا، ولا تعيش في البرية، ولن تجد ما تقتات عليه في طبيعتنا”.

 

د. جرادي: معالجة أثر الأنواع الغازية

 

البروفسور في علم الطيور البرية وبيئتها الدكتور غسان جرادي، أشار لـ greenarea.info إلى أن “كل مكان يتسم بخاصية معينة وله نظمه الايكولوجية”، وأكد أنه “يتوجب على الانسان حمايتها، وأن لا يعبث بها”، وقد استند في ذلك الى اتفاقية التنوع البيولوجي التي وقع عليها 191 طرفا من بينهم لبنان في  اب 1994 بموجب القانون 360، وجاء فيها بأن هناك حاجة ماسة إلى معالجة أثر الأنواع الغريبة الغازية.

وتوقف جرادي عند المادة الثامنة من الاتفاقية التي جاء فيها أنه “يتعين على كل طرف متعاقد، قدر الإمكان وحسب الاقتضاء، منع إدخال الأنواع الغريبة التي تهدد النظم الإيكولوجية أو الموائل أو الأنواع أو السيطرة عليها أو القضاء عليها”، وتحدد اتفاقية التنوع البيولوجي، وفقا لجرادي “الأولويات العالمية، والمبادئ التوجيهية، وجمع المعلومات والمساعدة على تنسيق الإجراءات الدولية بشأن الأنواع الغريبة الغازية”.

 

المحافظة على التنوع البيولوجي

 

واعتمدت اتفاقية التنوع البيولوجي إرشادات بشأن الوقاية من آثار الأنواع الغريبة التي تهدد النظم الإيكولوجية أو الموائل أو الأنواع.

وتابع جرادي: “في العام 1992 عقد أكبر لقاء لقادة العالم في مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية في ريو دي جنيرو – البرازيل، وتم إقرار بعض الإتفاقيات في (قمة الأرض)Earth Summit ، بينهما إتفاقيتان ملزمتان، وهما مؤتمر المناخ الذي يستهدف انبعاثات الغازات من المصادر الصناعية والزراعية المتسببة بالإحترار المناخي مثل ثاني أوكسيد الكربون، ومؤتمر التنوع البيولوجي Convention on Biological Diversity أو CBD، وهو أول اتفاق عالمي حول المحافظة والإستعمال المستدام للتنوع البيولوجي”.

ورأى أن “لهذا المؤتمر ثلاثة أهداف هي المحافظة على التنوع البيولوجي، الإستخدام المستدام للتنوع البيولوجي، والمشاركة من الفوائد الناتجة عن الإستخدام التجاري وغيره من المصادر الجينية بصورة عادلة ومتساوية”.

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This