يحتار الباحثون البيئيون في استنباط حلول تساهم في الحد من الإحتباس الحراري، التي بدأت وتيرة مفاعيله تتسارع في الفترة الأخيرة، وعلى مختلف الأصعدة.

بيانات الأمم المتحدة تشير إلى أن أهداف “إتفاقية باريس” للمناخ، الرامية للحد من ظاهرة الإحتباس الحراري، باتت بعيدة المنال، ولن تتحقق بمجرد تقليل الإنبعاثات من المصانع أو السيارات، خصوصاً بعد خروج الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي فعلى العلماء التفتيش عن وسائل تضمن تغييرات جذرية بشكل أسرع يوازي تطوّر إرتفاع  درجة حرارة الأرض.

في هذا الإطار، طرح العلماء في السنوات الأخيرة وسائل تساهم في تبريد الأرض، إلا أنهم اصطدموا إما بسلبيات نتائجها أو بصعوبة اعتمادها لأسباب إقتصادية أو حتى بيئية.

فقد قدمت ورقتان بحثيتان إستراتيجيات جيوهندسية مدروسة قابلة للتخفيف من وطأة الإحتباس الحراري، منها تعديل سحب السمحاق، وحقن الكبريت في الغلاف الجوي.

ومن بين الطروحات، محاكاة ثوران بركاني، طرح في آذار/ مارس  من العام الحالي . والسبب هو أنه عندما يثور بركان ما، يُخرج الحمم، الغاز والدخان، وتمتلئ السماء بالكبريت، فتعكس بعد ذلك السحب الكبريتية المزيد من الإشعاعات الشمسية مرة أخرى إلى الفضاء وبعيداً من الأرض، الأمر الذي يؤدي إلى خفض درجة الحرارة على هذا الكوكب.

إلا أنه من أجل مواجهة إرتفاع درجة الحرارة في تلك المرحلة، سيكون على العلماء ضخّ الغلاف الجوي بكمية من الكبريت التي تكوّنت كنتيجة للثوران البركاني عام 1991 بجبل بيناتوبو كل عام لمدة 160سنة.

وبالتالي، فإن هذه الجهود ستحتاج حوالى 6,700 رحلةً طائرة  للحقن بالكبريت يومياً بتكلفة تبلغ نحو 20 مليار دولار سنوياً.

ويلاحظ المؤلفون أيضاً أن التكنولوجيا المطلوبة لهذا التعديل في الغلاف الجوي بطبقة الستراتوسفير ليست موجودة حتى الآن، ورغم عدم فهم كل المخاطر التي ينطوي عليها حقن الكبريت في الغلاف الجوي، فإن أحد المخاطر الكبيرة تتمثل في تدمير طبقة الأوزون، وهى الطبقة التي تساعد على إبقاء الأشعة فوق البنفسجية الخطرة بعيداً من الأرض.

الإقتراح الثاني يتمثّل في إجراء التعديلات على نوع معين من السحب المحاصِرة للحرارة  التي تستطيع أن ترسل الإشعاع الشمسي مرة أخرى إلى الفضاء، مما يساعد على تبريد الكوكب، وفي الوقت ذاته يمكنها أيضاً أن تحبس الحرارة، مؤديةً بذلك دورا مماثلًا لما تقوم به الغازات الدفيئة كثاني أكسيد الكربون.

مراوح عملاقة

في أحدث الطرق المساهمة في التخفيف من إرتفاع درجة حرارة الأرض، بدأ علماء العمل على إمتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء باستخدام مراوح عملاقة، والإستعداد لإطلاق مواد كيميائية عبر بالون، بهدف إضعاف قوة أشعة الشمس ضمن جهود هندسية مناخية لتبريد كوكب الأرض

.وفي الريف قرب زوريخ، بدأت شركة «كلايموركس» السويسرية في امتصاص الغازات المسببة للإحتباس من الهواء في أيار/مايو الماضي، بواسطة مراوح عملاقة وفلاتر في مشروع تبلغ تكلفته 23 مليون دولار.

وبحسب تقديرات “كلايموركس”، تصل تكلفة إمتصاص الطن الواحد من ثاني أكسيد الكربون من الهواء إلى 600 دولار. وبحلول نهاية العام الحالي، ستبلغ الطاقة القصوى لهذا المشروع 900 طن في العام، وهو ما يعادل إنبعاثات 45 أميركياً فقط في عام.

معارضون ومؤيدون ! 

تبدو هذه الفكرة مثيرة للجدل إلى حد كبير، حيث يعتقد بعض الباحثين أن مثل هذا العمل ربما يكون جزءًا ضروريًا من مكافحة تغير المناخ، ويرى البعض الآخر أن التدخل في نظام هذا الكوكب يعرِّض العالم إلى مجموعة من المخاطر الجديدة.

واعتبر البعض أن هناك حلول في مجال الهندسة الجيولوجية تنطوي على خطورة، لكن ربما تكون أجدى مثل تعتيم أشعة الشمس، ودفن الحديد في قيعان المحيطات لامتصاص الكربو،ن أو محاولة خلق سحب صناعية. ورأت بعض الأبحاث أن الهندسة الجيولوجية المتعلقة بمواد كيميائية لتعتيم الشمس، على سبيل المثال، ربما تؤثر على الطقس العالمي وتعطل الرياح الموسمية الضرورية.

وفي مواجهة الخيارات الصعبة، رأى كثير من الخبراء أن استخلاص الكربون من الفضاء ربما يكون من الخيارات المنطوية على درجة أقل من الخطورة.

ويرى المؤيدون أن مثل هذه المشروعات، المنطوية على خطورة والتي غالباً ما تكون باهظة التكلفة، ضرورية بصفة عاجلة لإيجاد سبل لتحقيق أهداف إتفاق باريس للمناخ الرامية للحد من ظاهرة “الاحتباس الحراري”، التي يقول العلماء إنها السبب في زيادة موجات الحر وهطول الأمطار وارتفاع مستويات المياه في البحور .. والآتي أعظم!

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This