خطر الإدمان على المخدرات يلاحق أطفال لبنان، والنسبة ترتفع تباعاً بين 2 في المئة و3  في المائة، خصوصاً لدى طلاب المدارس ما بين عمر 12 سنة و 13 سنة.

نسبة مرتفعة  يتحدّث عنها رئيس مستشفى ضهر الباشق، الدكتور روجيه حاموش إثر معالجته لأطفال مدمنين في المركز الصحي المتخصص في معالجة الإدمان. من جهته،  يشير مستشار وزير الصحة الدكتور بهيج عربيد إلى أن 15  في المائة ممن هم دون عمر الـ 15 سنة تعاطوا المخدرات لمرة واحد على الأقل، في حين أن هنالك حوالى 25 ألف طالب لبناني مدمن عليها.

أما طبيب الأطفال، الدكتور برنار جرباقة، فيحذّر من إرتفاع مستوى تعاطي الأطفال للمخدرات في لبنان يناهز المشتوى المرصود في البلدان الاكثر رواجاً لهذه المواد مثل كولومبيا والمكسيك.

أمام هذا الواقع الذي يهدّد مستقبل الأطفال في لبنان، كانت وزارة الصحة قد أطلقت مركزاً لمعالجة المدمن وفطمه عن المخدرات، في مستشفى ضهر الباشق الحكومي، إلا أنها لمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الإدمان على المخدرات، وتحت عنوان ” خلينا نرد الحياة لوجوهن”، أعلنت هذه السنة حملة توعية وإرشاد كبيرة من خلال إطلاق موقع

Moudmin .org عبارة عن web tv يخاطب المدمنين على المخدرات عبر الانترنت، ويتضمن أربع محطات تعنى بالمواضيع التالية: معلومات عن المخدرات، كيفية العلاج، واجبات الأهل وأهمية مواكبتهم للمدمن، فضلاً عن إحصاءات وأبحاث عن الإدمان على المخدرات.

حاموش : علاج جديد للحد من الإدمان  

صعوبة تأمين العلاج اللازم للإدمان على المخدرات، يقول الدكتور حاموش لـ greenarea:” إن فكرة إنشاء مركز متخصص لعلاج المدمنين على المخدرات تعود إلى  سنة 2010، إلا أنه قد تم تأهيله سنة 2013 ، وخصصت له وزارة الصحة  سقفاً مالياً لمعالجة المدمنين على المخدرات ضمن فريق عمل من الأطباء المتخصصين الذين  خضعوا  لدورات تدريبية في فرنسا لمعرفة كيفية معالجة. المعالجة الاولى كانت في العام 2013 بينما وصل عدد المعالَجين اليوم إلى 2200 مدمن على المخدرات.”

عن طريقة العلاج، يتحدث حاموش عن تنظيف كلّي للجسم  من رواسب المخدرات، تتراوح مدته بين أسبوع إلى أسبوعين، تقوم وزارة الصحة بتغطيته بنسبة 85 في المائة، ويتم  نقل المرضى في ما بعد الى مراكز التأهيل النفسي.  وفي حين أن الأعداد ترتفع، فإنهم يعملون على رفع عدد الأسرّة من 15  ألى 25  سريراً، فضلاً عن المطالبة بتزويد المركز بالآليات الرياضية لتكون في متناول المرضى بهدف التخفيف من وطأة المعاناة. ويشد بالتالي على أن  العلاج يكون إختيارياً وليس إجبارياً بسبب الصعوبة التي تنوط العلاقة مع المدمن.

حاموش الذي يشير إلى معالجة المركز لحوالى 80 في المائة من المدمنين بين عمر 18 و 38 سنة، يطلق صفارة إنذار مدوية حول نسبة الـ 2 والـ 3 في المائة لمدمنين أطفال بين عمر 12 و 13 سنة. ويشدّد على انه إنطلاقاً من شعار “خلينا نرد الحياة لوجوهن” الذي اعتمده قسم التواصل والتسويق في المستشفى للإضاءة على الخدمات  الصحية و النفسية لمعالجة المدمنين على المخدرات، تبيّن أن “التفكك الأسري يشكل الثابتة الوحيدة لدى معظم المدمنين”.

حاصباني : تغطية علاج المدمن على عاتق وزارة الصحة

وزير الصحة غسان حاصباني، يقول لـ greenarea: ” أن الادمان له مسبباته، كالضغوطات الإجتماعية التي تزيد من هذه الآفة، خصوصاً عند الأصغر سناً، الأمر الذي يفرض على الاهل المزيد من التنبّه لحماية أولادهم في المدارس. إضافة إلى أن المشاكل النفسية عند المدمن  تزداد لدرجة من الصعب التخلّص منها في حال لم تتخذ الإجراءات اللازمة للحد منها. فسعت الوزراة إلى توفير العلاج الصحي السليم على عاتقها في المستشفيات الحكومية، بهدف مساعدة  المدمن وتطهير لبنان من هذه الآفة”.

وبينما تركّز الوزراة اليوم على عمل المركز في مستشفى ضهر الباشق الذي مارس دوره الوطني، الصحي والإنساني بامتياز، وعد الوزير حاصباني بإنشاء مراكز مماثلة في مختلف أطياف البلد.

شنتال : التوعية عن مخاطر الادمان من عمر 8 سنوات

يرتبط الإدمان على المخدرات إرتباطاً وثيقاً بحالة الشخص النفسية، في هذا السياق، تقول المتخصصة في علم النفس والتربية شنتال خليل لـ greenarea: ” إن الأسباب التي قد تدفع الإنسان إلى إدمان المخدرات كثيرة، لكن الاهم يكمن في تربية الأهل التي يمكن إن أختلّت أن تترجم بنقص عاطفي للطفل إن من جهة واحدة أو من جهة الأم والأب معاً. فيعيش في مرحلة مراهقته نقصاً عاطفياً يصعّب عليه عملية تقبّل محيطه وتغييرات جسمه، فضلاً عن عدم إدراكه لما يجري جوله، فيعبّر عن هذا النقص بلجوئه إلى وسائل منحرفة، منها المخدرات”.

في هذا الإطار، تتحدث خليل عن أن ضغوطات الحياة ومتطلباتها اليوم، خفّفت من الوقت الذي يقضيه الأهل مع أولادهم والإعتناء بهم، الأمر الذي يجعل الولد يفتقد لمن يسمع مشاكله في أمسّ حاجته لهم. وتقول: ” على الأهل تدارك هذا الوضع، وتخصيص فترة 20 دقيقة على الأقلّ للتواصل التام مع الأولاد مهما اختلفت أعمارهم. فلكل عمر لغته وأساليبه في التعبير، وقبل عمر الـ 7  سنوات، فإن تصرفات الطفل ونظرة عيونه كفيلة بإظهار مكنونات قلبه. ويعتبر غياب الحوار بين الأهل والاولاد من ألمسببات الأساسية للكبت النفسي لدى الاطفال والتفكك الأسري.”

دعماً للحوار، تشير خليل إلى أن دماغ الطفل يتأثر بما يتلقى من اهله، وإذا اعتاد على لغة الحوار قبل عمر السبع سنوات يصبح دماغه أكثر ليونة وتقبّل في عمر المراهقة. وتنصح ببدء عملية التوعية بأسلوب صحسح وسلس حول المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها الطفل ، كالمخدرات والتدخين وغيرها، من عمر الـ 8 سنوات. فالطفل في هذا العمر يكون منعطشاً للتعلّم ، وكلّما بكرنا في عملية التوعية، كلّما زوّدناه بأدوات صحيحة ورصينة لمواجهة مخاطر الحياة، خصوصاً وأنه عندما يصل إلى عمر الـ 13 سنة، قد لا يتقبّل النصائح ويصبح اصطياده أسهل.

جرباقة : تسليح الطفل بالمحبة للحد من الادمان

لا يختلف رأي طبيب الأطفال برنار جرباقة عن خليل، وبينما يثني على ضرورة التوعية منذ الصغر، يشدّد على أن حب الأهل لأولادهم هو الرادع الوحيد تجاه أي مغريات وهو السلاح الأوحد منذ نعومة أظافره. ويحذّر أن فخ المخدرات قاسي ينعكس سلباً على مهارات الطفل وتحصيله العلمي والإجتماعي ومهاراته المهنية فتتغيّر تصرفاته مع محيطه ليزداد انطوائية وتقوقع، فيشير بذلك إلى أهمية دور الاهل في ملاحظة تلك التغيرات سريعاً.

خوري : فتش عن الانترنت

في محاولة رصد الأسباب أو المغريات الأساسية لطفل في عمر صغير، يشدّد المتخصص في علم النفس الدكتور نبيل خوري على أهمية التنبه من مخاطر الإنترنت التي تدفع بالطفل إلى الإنحراف فيقول لـ greenarea : ” إن السبب المباشر لإدمان المراهق على المخدرات، هو رغبته في التماثل مع ما يحصل في الغرب، والتعبير عن رفضه للمقاييس والتقاليد القديمة التي يعيشها. فضلاً عن إنغماسه  في مساؤى الأنترنت في ظل غياب السلطة القوية من الأهل وعدم معرفتهم  بما يجري حول ابنهم، وتقاعس الدولة في مواجهة هذه الظاهرة على مستوى التوقيفات التي تكون غيرعادلة أحياناً  في التعامل مع المتعاطي على المخدرات بأنه مريض و ليس مروج لها “.

ويضيف:” على  الأهل  مشاركة أولادهم  في كل ما يشعرون به ومد يد  العون لهم مع التشديد على دور المدارس في توجيه و تنبيه  الطلاب على مخاطر الإدمان على المخدرات.  كما وأنه على الدولة منع إستيراد الحشيشة لأن على المستوى الطبي غير مفيدة بل مضرة و تلحق الأذى بجسم الإنسان” .

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This