لا تزال وزار البيئة وغيرها من الوزارات والادارات المعنية بملف النفايات تقدم المزيد من الخطط المتعلقة بادارة النفايات، لدرجة ان المواطن اللبناني لم يعد يميز بين خطط النفايات ونفايات الخطط، التي ترمى في نهاية المطاف في سلة النفايات، دون ان يكون هناك اي نية جدية لتنفيذها.
آخر هذه الخطط رفعها وزير البيئة طارق الخطيب في رسالة الى مجلس الوزراء مؤرخة بتاريخ ١٧ آب (اغسطس) الجاري بعنوان” خطة تنفيذية لسياسة الادارة المتكاملة للنفايات المنزلية الصلبة تتضمن تدابير آنية واستباقية لبيروت وجبل لبنان، وتصور عام لخطة مستدامة لقطاع النفايات المنزلية الصلبة في لبنان”. وكانت وزارة البيئة قد رفعت اواخر الشهر الماضي “مشروع سياسة الادارة المتكاملة للنفايات المنزلية الصلبة في لبنان”. وتقول وزارة البيئة ان الادارة المتكاملة للنفايات تحتاج لتنفيذها تدابير طارئة ومؤقتة لبيروت وجبل لبنان تهدف الى معالجة التحديات الحالية التي يعاني منها القطاع والوقاية من اي ازمة مرتقبة. لذلك فان الخطة الجديدة تقترح مجموعة من هذه التدابير اضافة الى تصور عام لخطة مستدامة لقطاع النفايات المنزلية الصلبة يساعد على خلق اليات عمل مستدامة لهذا القطاع.
النقطة الابرز في خطة وزارة البيئة اعترافها للمرة الاولى ان الخطة المؤقتة التي اقرها مجلس الوزراء في اذار العام ٢٠١٦ والتي افضت الى انشاء مطمري برج حمود – الجديدة والشويفات – مصب الغدير (الكوستابرافا) لن تخدم كما كان مخططاً لها لفترة اربعة سنوات اي منتصف العام ٢٠٢٠، بل ان الحد الاقصى للطاقة الاستيعابية لمطمر برج حمود سوف يكون اخر شهر تشرين الثاني ٢٠١٨ ، في حين الطاقة الاستيعابية القصوى لمطمر (الكوستابرافا) سوف تستنفذ في اواخر آب ٢٠١٨. وبناء عليه تقترح وزارة البيئة مجموعة من التدابير الآنية لمنع عودة النفايات الى الشارع كما حدث في تموز العام ٢٠١٥ بعد اقفال مطمر الناعمة. المفارقة ان الوزارة لم تجد بديلاً عن مطمر الناعمة رغم كل الحملات السابقة التي طالبت باقفاله وبدء اعمال التاهيل والاقفال بشكل عملي من قبل المتعهد، اذ عاودت اقتراح فتح هذا المطمر تحت مسميات مختلفة ابرزها طمر عوادم النفايات فقط بعد التخلص من الكمية الاكبر منها عبر تحويلها الى وقود بديل وحرقها في معامل الاسمنت في شكا وسبلين.
ومعلوم ان محافظتي بيروت وجبل لبنان تنتج قرابة ٣٢٠٠ طن يومياً يطمر منها قرابة ٨٥ بالمئة في مطمري الكوستابرافا وبرج حمود، في حين لا يتم استرداد الا نسبة قليل عن طريق اعادة التدوير، ولا تزال اعمال التسبيخ متوقفة في معمل الكورال بسبب اعمال الصيانة وتوسيع الطاقة الاستيعابية من ٣٠٠ طن يومياً لتصل الى ٧٥٠ طن يومياً. وتشير الخطة انه يمكن تحسين تدابير الفرز والمعالجة عبر تحسين وتوسيع خطوط الانتاج وتحسين نوعية السباخ في معمل تسبيخ النفايات العضوية في الكورال، اضافة الى تركيب خطوط لانتاج الوقود البديل في مركزي الكرنتينا والعمروسية لفرز النفايات بحيث يمكن انتاج ٥٠٠ طن من الوقود البديل تذهب الى الحرق في معامل الاسمنت بدل ان تذهب الى الطمر، وبالتالي تخفيف الكميات على المطامر الصحية.
كما تنص الخطة على التخلص من النفايات المتبقية عن طريق تأهيل المقالع او طمرها في مطامر صحية متخصصة، مع الاشارة الى ان هذه الخطوة تحتاج الى قرار فوري للتنفيذ لضمان جهوزية المواقع المقترحة لاسقبال النفايات عند استنفاذ الطاقة الاستيعابية لمطمري برج حمود والكوستابرافا.
ومن الملفت ان وزارة البيئة اعادت تكرار نفس السيناريو الفاشل لجهة اقتراح مواقع المقالع القديمة غير المؤهلة لتحويلها الى مطامر صحية تحت شعار تاهيلها من خلال طمر عوادم النفايات فيها، وهذا ما طرح في العامين ٢٠١٤ و ٢٠١٥ ولم يتم التوافق عليه داخل مجلس الوزراء. ولان وزارة البيئة تعرف ان هذا الخيار هو “لزوم ما لا يلزم” وغير قابل للتطبيق من الناحيتين السياسية والعملية ، عاودت طرح خيار اعادة فتح مطمر الناعمة – عين درافيل الذي استخدم منذ العام ١٩٩٨ لغاية منتصف العام ٢٠١٦ واستنفذ بالكامل طاقته الاستيعابية !!! لكن الوزارة تصر على انه لم يستنفذ طاقته الاستيعابية ، وبالتالي تقترح استحداث جزء جديد في الخلية D3 من المطمر من خلال استحداث شقلة جديدة في الجزء الشرقي من المطمر يحتاج تجهيزها حوالي ١٢٠ يوماً وتكفي لمدة سنة. ولم تكتف وزارة البيئة بذلك بل اقترحت استحداث خلية جديدة في المطمر ضمن المنطقة الرابعة تكفي لخمس سنوات، وانما تحتاج الى حوالي ثلاث سنوات لتجهيزها حيث تتطلب نقل جزء من البنى التحتية والتجهيزات واستملاك ستة الاف متراً مربعاً من الجهة الجنوبية الغربية لحدود المطمر الحالية. كما تقترح الوزارة امكانية تأمين مساحات اضافية ضمن المطمر لاستقبال المزيد من النفايات فيحال اعادة تصميم الغطاء النهائي، تكفي لحوالي ثلاثة اشهر ونصف، علماً ان اعمال تغطية وتتريب هذه المساحات قد بدأت منذ عدة اشهر !!!
* ينشر موقع greenarea.info الخطة الجديدة لوزارة البيئة حول ادارة النفايات المنزلية الصلبة على ثلاث حلقات متتالية بدءاً من اليوم
