يجاهد المخترع محمد إبراهيم عثملي، الموظف في وزارة التربية والتعليم في جمهورية مصر العربية، ليسجل عشرات براءات الاختراع، ويحفظ بعضا مما أبدع وصمم من خلال الحصول على حق الملكية الفكرية، ويؤكد في الوقت عينه أن الابتكار ليس مقتصرا على من تخرجوا من كبريات الجامعات التكنولوجية في العالم فحسب، وإنما قد يكون نتاج جهد وعلم ومتابعة شخصية، بعيدا من الدراسة الأكاديمية.

لذلك، تواجه عثملي عقبات كثيرة لحفظ حقوقه، علما أن كثيرين ابتكروا وحققوا إنجازات للبشرية ولم يتلقوا تعليما عاليا، وبعضهم لم ينجح في مسيرته العلمية، وهذا ما يذكرنا بأحد أعظم المؤلفين الموسيقيين في التاريخ، وعنينا به موزارت الذي ألف أول سيمفونية وهو في سن التاسعة، وذاعت شهرته العالم، حتى أن أحد الطلاب زاره يوما طالبا منه أن يساعده في تأليف سمفونية، لكن موزارت نصحه أن يبدأ أول بكتابة “السوناتا” والتدرج وصولا إلى تأليف السيمفوني، فقال لموزارت: “لكنك أنت ألفت سمفونية في التاسعة من عمرك”، فرد عليه موزارت: “صحيح، لكنني لم أطلب من أحد أن يعلمني كتابة السيمفونيات!”.

هذه الرواية لها دلالاتها، وهي تؤكد أن الإبداع ليس بالضرورة سمة حصرية بالمتعلمين وإنما بالمجتهدين، إلا أن ظروف ذلك الزمان تختلف عن ظروف اليوم، ولذلك يواجه عثملي صعوبات في تسجيل براءة اختراع واحدة من بين عشرات يحتفظ بها منتظرا أن يفرج عنها يوما وتبصر النور، خصوصا وأن ثمة معايير لا بد من اعتمادها في هذا المجال.

2 (9)

200 فكرة اختراع

 

وأشار عثملي لـ greenarea.info إلى أن لديه أكثر “من 200 فكرة اختراع في مجالات عدة، لم استطع تسجيل الا خمسة منها في مكتب براءة الاختراع بمصر لضيق ذات اليد”.

لكن ما يهمنا في هذا المجال، ومن بين عشرات الابتكارات، هو أن عثملي وضع حلا لمشكلة نقص الطاقة في بلاده، لافتا إلى أن فكرته “تعتمد على استغلال حرارة باطن الأرض للحصول على المياه العذبة والطاقة الكهربائية في وقت واحد”، مشيرا إلى أن “هذه المشكلة من شأنها أن تحل نقص الطاقة ونقص المياه العذبة لكل دولة تستعين بها وتنفذها”.

وقال عثملي: “إن فكرتي تعتمد على الحفر حتى عمق معين، ثم يتم وضع أسطوانة حديدية أو من معدن آخر مكان الحفر، وهذه الأسطوانة مغلفة من الخارج بعازل حراري قوي لا يسمح بتسريب أي حرارة من داخله، هذا العازل يلف الأسطوانة ما عدا الجزء الموجود من أسفله ليكون مثل الفرن أو البوتاغاز الذي يسخن الماء، وبداخل الوعاء الأسطوانى دلو في الأسفل بنفس قطر الأسطوانة من الداخل، وبه حبل مرتبط ببكرة في الأعلى، ومهمة هذا الدلو هو أن يجمع الأملاح المترسبة في الأسفل، ثم يتم رفع الدلو ما بين كل فترة وأخرى لرفع الأملاح والاستفادة منها”.

 

وتابع: “لم يكن من الممكن في الماضي التحدث عن هذه الفكرة لأن إمكانيات الحفر في الأرض لم تكن قد قفزت القفزة الهائلة التي نراها الآن، وبالنسبة لأعمق بئر في العالم والذي جاء بعد بئر كولا الشاهين للنفط في قطر، فقد قامت بعمليات الحفر شركة Transocean لحساب شركة نفط Maersk Oil التي تربطها مع دولة قطر عقود في مجال استخراج النفط، وصل عمق البئر إلى اكثر من 12 كيلومترا و289 مترا بمساحة أفقية بلغت 11 مترا، وذلك في 26 يوما فقط”.

 

كهرباء نظيفة وماء عذب

 

وأشار إلى أن “درجة حرارة باطن الأرض تزداد كلما غصنا في أعماقها، حيث تزداد 30 درجة مئوية لكل كيلومتر واحد عمقا، فعند عمق 5 كيلومترات تكون درجة الحرارة 150 درجة مئوية، وهي حرارة أكثر من حرارة غليان الماء بخمسين درجة مئويه، وهي كافية لجعل الماء يغلى ويتبخر”.

وتابع عثملي: “في أعلى الأسطوانة وعلى السطح يوجد عوامة مهمتها الحفاظ على منسوب ثابت من المياه داخل الخزان الاسطواني، وفي الأعلى أيضا خزان مياه من البحر مباشرة متصل بأنبوب إلى الأسطوانة وإلى العوامة، وفي الأعلى أيضا من الجهة الأخرى أنبوب ليخرج منه البخار مندفعا ليحرك ريش المولد فنحصل على الطاقة الكهربائية النظيفة، وفي الوقت عينه نحصل على الماء العذب”.

وقال إنه تم ملء هذا الأنبوب أو الخزان الأسطواني بالماء المالح بفترة تتسرب حرارة قاع الأرض إلى كل المياه فتسخن كلها ثم تبدأ في الغليان ثم في التبخر، وبعدها مباشرة يخرج الماء العذب مندفعا فنحصل على الطاقة الكهربائية وعلى الماء العذب، أما كمية الطاقة الناتجة وكمية المياه العذبة فتعتمد على عاملين الأول وهو قطر الحفر نفسه، فكلما كان القطر كبير كلما كانت كمية البخار أكبر، وبالتالي، فإن الطاقة الناتجة والماء العذب أكبر، وكذلك كلما كان الحفر أعمق كلما كانت درجة الحرارة أعلى، ما يعني أن البخار أكبر والطاقة أيضا أكبر”.

 

شلال صناعي

 

وأكد عثملي أن “هذه الفكرة تستطيع أي دولة مثل مصر أن تنشئ الآلاف منها على شواطئها، لتأخذ من البحر المياه وتعطيها إلى باطن الأرض لتنتج بها الطاقة والمياه، وتغذى بها أراضيها وصحاريها لتحولها إلى جنات خضراء وحقول وبساتين”، واعتبر أنها “تقنية بسيطة وسهلة وتختلف عن الطرق الأخرى المعروفة لاستغلال حرارة باطن الأرض، حيث إنها عملية مستمرة غير منقطعة إلى يوم القيامة، وكذلك الحصول على المياه العذبة والطاقة الكهربائية النظيفة في آن واحد”، لافتا إلى أنها “تقنية جديدة من الممكن أن تستغلها مصر لتكون لشركاتها القيادة على مستوى العالم في تنفيذها، وبالتالي فرص عمل وأرباح كثيرة، خصوصا وأن هناك دولا كثيرة غنية متعطشة لمثل هذه الفكرة مثل دول الخليج”.

وأشار إلى أن ثمة “طريقة ثانية لتنفيذ الفكرة وتسمى طريقة الشلال الصناعي، وهي تعتمد على نفس الفكرة السابقة، ولكن مع تغيير بسيط سيمكن من توليد طاقة كهربائية أكبر من الطريقة السابقة، حيث لن يتم ملء البئر بالماء المالح حتى نهايته، بل سيتم الاكتفاء بكمية مناسبة من الماء في قعر البئر، بحيث يتم إسقاط المياه، وتظل في البئر كمية مناسبة من المياه لتتبخر، وينزل مكانها أخرى عن طريق منسوب تتحكم فيه عوامة كعوامة (السيفون)”، وقال: “إن المياه الساقطة تلك ستسقط على مولدات كل 200 متر، حيث يوضع مولد مناسب تسقط على ريشة المياه، فنحصل على طاقة كهربائية كبيرة، إلى جانب الطاقة الكهربائية المتولدة من البخار وكذلك الماء العذب، وهذه الطريقة أكثر ربحا، بالمقارنة مع الطاقة السابقة”.

 

اختراعات متعددة

 

ينتظر عثملي الحصول على أربع براءات اختراع، منها في مجال حل أزمة المرور، وقال: “سمعت أن القنصلية الصينية تساعد المصريين المخترعين، فكتب خطابا وترجمته وأرفقت معه ثلاثة افكار اختراعات، هذا كان في أول سنة 2010، وبعد 10 شهور وجدت احدى أفكارى موجودة على الإنترنت تحت اسم (أغرب اختراعات الصين)، وذهبت الى القنصلية الصينيه، ولكنهم قالوا لى انهم يعدمون الاوراق التي تدخل اليهم بعد 3 شهور، فقمت بتعديل للفكرة منذ سنتين وسجلتها باسمي وما زلت أنتظر الحصول على براءة الاختراع”.

وفي جعبة عثملي اختراعات متعددة، منها ملف وبحث في المجال النووي “توصلت فيه الى عدد من المفاعلات الاندماحية وإلى معادلة صنع القنبلة الاندماجية الثلجية، ولها استخدامات سلمية متعددة، منها ايقاف الاعاصير الكبيرة وتدميرها وتلطيف جو المدن، وايضا تحويل مناخ الصحراء الى مناخ وطقس ممطر تتحول به الصحاري الى غابات وزراعات وايضا تحلية مياه البحر بطريقة التبريد”.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This