أطلقت البشرية منذ بداية عصر اكتشاف الفضاء، حوالى 5000 مركبة فضائية لوضع مايقارب 23000 جسم معدني من صنع البشر في الفضاء، 1200 قمر صناعي منها لا يزال قيد العمل. كل رحلة فضائية تترك المركبات والصواريخ مخلفات عالقة في المدار الفضائي حول الأرض، وتنتج هذه النفايات بسبب الأجزاء التي تتفكك أو تنفصل عن جسم القمر الصناعي.
بعض هذه المخلفات كبيرة الحجم (هياكل مركبات فضائية وأقمار صناعية معطلة وقطع الصواريخ كما تعتبر التصادمات بين الأقمار الفضائية مصدر آخر للمخلفات) وأخرى صغيرة (قشور من الأصباغ التي تطلى بها المركبات الفضائية وخزانات الوقود).
وتُقدر كمية البقايا التي تركها البشر تسبح حرة في الفضاء بما يعادل 505 مليون كيلوغرام. ويتوقع العلماء في وكالة الفضاء الدولية ناساNasa إزدياد أعداد الأجسام الفضائية في مدار الأرض المنخفض بواقع 75% خلال 200 سنة المقبلة في حال عدم إتباع إجراءات التقليل من المخلفات الفضائية، ويعتقدون أن بعض هذه المخلفات قد تبقى في مدار الأرض لمدة 10000 عام..
إضافة إلى ذلك، هم شبه متأكدون من أن ما لا يقل عن 170 مليون قطعة من “الخردة الفضائية” تنشتر في الفضاء حول الارض، وتسير بسرعة 8 كم/ثانية، وبالتالي مهما صغر حجمها فإنها قد تتسبب بأضرارٍ فادحة في البنية التحتية الفضائية (الأقمار الصناعية ،هياكل المركبات الفضائية)، فيمكن مثلاً لجسم من هذه البقايا بحجم كرة التنس يسير بهذه السرعة يحمل قدرة تفجيرية توازي 25 إصبع من الديناميت.
الخسائر
وفقاً لتقديرات وكالة ناسا، فإننا قريبون جداً من فقدان كل الأقمار الصناعية، في غضون 5 إلى 10 سنوات مقبلة. فيما يشيرالمركز الأسترالي للبحوث البيئية الفضائية، في أحد تقاريره “إن العالم يخسر 3 أو 4 أقمار صناعية سنوياً بسبب الإصطدام بالحطام الفضائي”.
أشهر المخلفات الفضائية
سقطت من بين يدي رائد الفضاء هيرماري ستيفانيشين-بيبرعام 2008 علبة أدوات خلال إجرائه صيانة لمحطة الفضاء الدولية، وتقدر قيمة الأدوات بحوالي 100000£ يضاف إليها 10000£ قيمة شحن الكيلوجرام الواحد إلى المحطة الدولية.
وكان قبله رائد الفضاء مايكل كولينز قد أضاع عام 1966 آلة تصوير قيمة، كان يستخدمها في تصوير الأرض من الفضاء. ولأن الكاميرا من صنع السويد، ابتهج السويديون حينها واعتبروا الكاميرا أول قمر صناعي سويدي. ويعتقد أن الكاميرا لا تزال في مدارها حول الأرض.
ما الحل ؟
على الرغم من خطورة النفايات الفضائية، فإنه لا يوجد إتفاق عالمي للتقليل من كميتها، ولم تحقق الطرق المقترحة حتى الآن أي تطور. ففي عام 2014، إقترحت وكالة الفضاء الأوروبية عدداً من الطرائق لالتقاط النفايات، ثم اختصرتها لاحقًا في طريقتين: الشباك أو الذراع الآلية، وهو سحب الحطام من مداره إلى ارتفاع منخفض في الغلاف الجوي للأرض، ما يؤدي إلى إحتراقه، ومن المتوقع أن يبدأ هذا المشروع في العام 2023.
وهي تشمل إلتقاط الحطام الفضائي ودفعه إلى داخل الغلاف الجوي أو إستخدام شراع شمسي لإلتقاط المخلفات الفضائية وتحريكها إلى داخل الغلاف الجوي بهدف إحراقها هناك، كذلك إقترح فريق آخر من العلماء إرسال شبكة طويلة جداً و بعرض ثلاثة كيلومترات إلى الفضاء، لإخراج البقايا الفضائية من المدار حول الأرض.
وكانت وكالة الفضاء اليابانية “جاكسا”، قد أطلقت في العام 2016 شريطًا كهروديناميكياً يدعى «إي دي تي» إلى الفضاء، ويبلغ طوله 700 متراً ويهدف إلى التخلص من المخلفات الفضائية الخطرة.
أخيراً، إقترح بعض العلماء إرسال بالونات إلى الفضاء من أجل ضرب النفايات بعاصفة من الرياح عند انفجار البالونات، ودفع النفايات باتجاه الغلاف الجوي.
ستبقى النفايات الفضائية خطراً حقيقياً يهدد الأقمار الصناعية التي تساعد البشرية على تطوير العلوم وتبادل المعلومات،خطراً أساسياً يبحث عن حل جذري، فمن ومتى سيأتي هذا الحل؟
كما حذرت وكالة ناسا الأمريكية من هذه المسألة ووصفت التلوث الفضائي بأنه “وصل إلى الحد الأقصى”، خاصة بعدما اصطدم المكوك الفضائي التابع لها بقطع من الشظايا المعدنية، الأمر الذي أكد عليه العلماء قائلين: “مستقبل ريادة الفضاء سيكون في خطر، بسبب العوائق التي ستمنع انطلاق الرحلات الفضائية خوفًا من قطع الحطام المدمرة”.
لكن حتى اليوم، لم تجد أي جهة مختصة في الفضاء حلاً لهذه المشكلة المقلقة، بل زادت السلوكيات غير مسؤولة بشأن هذه المسألة، وخاصة بعدما ألقى رواد الفضاء التابعون لوكالة ناسا كبسولة تزن طنًا ونصف من القمامة من محطة الفضاء الدولية، وهذه الكمية من الخردة الفضائية تعتبر الأكبر على الإطلاق.