يعتبر الإنترنت والخدمات التابعة له، على الرغم من أهميته كوسيلة تواصل ضرورية، أحد أسباب العديد من المشاكل النفسية والإجتماعية، نظراً إلى كونه عالم مفتوح على العديد من البرامج غير الخاضعة للرقابة، الأمر الذي يشّكل خطراً على الأشخاص من مختلف الأعمار والمستويات.
ولعل الأطفال هم الحلقة الأضعف، في دوامة هذه التداعيات، فهذه البرامج تكون في أغلب الأحيان، مادة مغرية بالنسبة لهم تجعلهم يقضون ساعات طويلة، دون كلل أو ملل. الأمر الذي إستوجب من المعنيّن إطلاق إنذارات بهذا الشأن.
وسائل التواصل كالوجبات السريعة
في هذا الإطار، دعت مفوضة شؤون الأطفال في إنجلترا، الآباء إلى منع أطفالهم من الإفراط في إستخدام وسائل التواصل الإجتماعي والإنترنت، وذلك بنفس الأسلوب الذي ينبغي أن يتبعوه مع تناول الأطفال للوجبات السريعة.
وفي مقابلة مع صحيفة “أوبزرفر”، إنتقدت المفوضة آن لونغفيلد، الوسائل التي تستخدمها وسائل التواصل الإجتماعي، لجذب الأطفال لقضاء المزيد من الوقت على صفحاتها.
إنتشر الإنترنت في كل دول العالم، وقد طغى على العديد من الوسائل الأخرى، ففي العام 2016، أفادت هيئة تنظيم الإتصالات البريطانية “أوفكوم”، أن الإنترنت إحتل مكان التلفزيون، كوسيلة التسيلة الإعلامية الأكثر شيوعا لدى الأطفال في بريطانيا. بحيث يقضي الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عاماً، 15 ساعة أسبوعياً في تصفح الانترنت.
بينما أشارت دراسة نُشرت في دورية “العلوم النفسية”، حول العلاقة بين قضاء وقت أمام شاشات التلفزيون، والسلامة العقلية للمراهقين، إلى أن الإستخدام المعتدل للأجهزة الإلكترونية قد يكون مفيداً. وقد إستند هذا البحث، إلى بيانات عن 120 ألف طفل في إنجلترا يبلغ كل منهم 15 عاما.
اليوتيوب لا يحمي الأطفال
يتضمن الإنترنت العديد من البرامج، التي تعتبر بمثابة فخ يستدرج الأطفال، فيمضون ساعات طويلة في مشاهدتها، دون حسيب أو رقيب سواء من قبل الأهل أو القيّمين على هذه البرامج.
وفي هذا المجال، قالت شبكة “تراستد فلاغرز” لمراقبة يوتيوب “لبي بي سي ترند”، إن الشركة تعاني من تراخي شديد في التعامل مع الشكاوى التي ترسل إليها، وهناك خوف من تحوّل بعض المواد المرئية المنشورة على الموقع إلى مصدر خطر على المستخدمين، خاصة الأطفال منهم.
وتكمن المشكلة في اليوتيوب بعدم الرد على البلاغات المرسلة إليهم، فحسب الشبكة أن بعض البلاغات تظل لأشهر طويلة دون رد من إدارة اليوتيوب، إذ لا ترد الشركة سوى على نسبة ضئيلة جداً من هذه الشكاوى، ذات الصلة بالخطر المحتمل على الأطفال والإشتباه في تعرضهم لإنتهاكات جنسية عبر الإنترنت.
ووفق أحد أعضاء شبكة تراستد فلاغرز، فإن الشركة تلقت أكثر من 9000 بلاغاً في ديسمبر/ كانون الأول 2016 ، لكنها لم ترد على أي منها حتى الآن.
وتجدر الإشارة في هذا الإطار، إلى أن تراستد فلاغرز بدأت عملها مباشرة بعد أن تأسست عام 2012، وهي مجموعة من المراقبين المتطوعين، يعملون بالتعاون مع بعض جهات إنفاذ القانون، والمؤسسات الخيرية المتخصصة في حماية الأطفال، علاوة على بعض المهتمين الأفراد، الذين يعمل أغلبهم في مجال تكنولوجيا الإتصالات والمعلومات.
الإنترنت في لبنان
ينغمس اللبنانيون، كباقي شعوب العالم في التطور التكنولوجي، بحيث يتلقفونه مباشرة بعد إنتشاره، فوفق دراسة نشرها المركز التربوي للبحوث والإنماء، يستخدم الإنترنت ملياران وأربعمائة وخمسة مليون وخمسمائة وثمانية عشرة ألف شخص من حول العالم، حسب إحصاءات العام 2012.
أما في لبنان، فإن 52 % من الشعب اللبناني ، يستخدمون الشبكة لغايات متنوعة منها إكتساب المهارات، التجارة، التسوّق، تبادل المعلومات، التسلية والترفيه، تتبّع الأخبار والتواصل.
وهذه الأرقام في تزايد مستمر، لاسيما وأن سرعة الإنترنت قد تضاعفت، أربع مرات أكثر من السرعة التي كانت متوفرة ً سابقاً ، وذلك من خلال خدمة الـ 4G التي وفرتها وزارة الإتصالات.
أما بالنسبة إلى الأطفال، تتابع الدراسة يواجه أطفالنا أخطارًا كبيرة، ناتجة عن الإستخدام السيء للإنترنت من خلال العمل المباشر، على الشبكة بلا توعية مسبقة أو إرشاد من الأهل أو ذوي الرعاية، وهي تتزايد يومًا بعد يوم ونذكر منها: الإتصالات التي تسهّل الإستغلال الجنسي، من طريق غرف الدردشة والشبكات الإجتماعية والمراسلات السرية، التنمر السيببرياني (Cyberbullying) ، والصور والأفلام الإباحية غير اللائقة، التي لا تلائم نمو الطفل.
كذلك لها العديد من التداعيات فمشاهدتها من قبله في سن مبكرة ، تؤثر ليس فقط على نموه الذهني والمعرفي، بل أيضاً على سلوكياته وتصرفاته مع الآخرين، فيصبح تعرضه لمواضيع ومواد غير ملائمة، ميسراً له من خلال مجموعة من المواقع المعادية ، للمعتقدات والأديان أو المشجعة على الإنتحار، وتعاطي العنف والمخدرات، والعنف والشذوذ الجنسي وغيرها من المواقع.