خلال الأيام الثلاثة الماضية، تمكن فريق دولي من لجنة مناهضة ذبح الطيور (CABS)Committee Against Bird Slaughter يعاونهم فريق متخصص من جمعية حماية الطبيعة في لبنان SPNL، من توثيق العديد من اعمال القتل العشوائي للطيور المحلقة المهاجرة، وذلك قبيل اسبوع واحد على بدء سريان مفعول موسم الصيد البري في لبنان، الذي يفتتح رسمياً من قبل وزارة البيئة في 15 أيلول الجاري، للمرة الاولى منذ اقرار قانون الصيد البري في العام 2004.
ويقول النشطاء الذين يطلق عليهم تسمية “حراس الطيور” انهم عثروا في بلدة اغبي – قضاء كسروان على16 طائر من نوع حوام النحل، المحمي بموجب الاتفاقات الدولية، قتلوا بطريقة عشوائية ورميوا في الطبيعة. كما تمكنوا من توثيق قتل ما يزيد عن سبعين طائر آخر، وغالبية هذه الطيور من فئة الحوام والمهاجر والذي يعبر لبنان في شهر أيلول في رحلة انتقاله السنوي من اوروبا باتجاه افريقيا لقضاء فصل الشتاء. كما عثروا على طائر من نوع “مرزة المستنقعات”، جريح جراء طلقات نارية من سلاح صيد، حيث تم نقله الى احد الاطباء البيطريين في المنطقة للمعالجة. كما تم استدعاء القوى الامنية التي فتحت تحقيقاً في الحادث. المفارقة ان النشطاء تفاجئوا اثناء عودتهم الى نفس المكان بعد يومين على توثيق الحادثة الاولى، بوجود ما يقارب 50 طائر من نوع حوام النحل مقتول من قبل الصيادين غير الشرعيين في اقل من ساعتين، ولقد وثق النشطاء هذه المخالفات، وعرضت في شريط فيديو نشر على قناة (CABS) في موقع يوتيوب.
وتعد هذه المرة الاولى التي يقوم فيها فريق دولي مختص بتوثيق وملاحقة اعمال القتل العشوائي للطيور، بزيارة لبنان، بالتعاون مع مختصين لبنانيين وصيادين مسؤوليين ونشطاء في مراقبة الطيور. وتحظى هذه الزيارة بترحيب من قبل لبنان الرسمي لا سيما كلودين عون روكز المساعدة الخاصة لرئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون.
ويقع لبنان في ثاني أهم معبر للطيور المهاجرة حول العالم. ويعتبر الصيد في مسار الهجرة لحفرة الانهدام / البحر الأحمر من أكبر المهددات المباشرة على الطيور الحوامة المهاجرة (الطيور الجارحة، اللقالق، طيور البجع وطيور أبو منجل). وينتشر صيد الطيور على نطاق واسع وعشوائي في لبنان، حيث أن للصيد جذور عميقة ثقافية وتقليدية مما تسبب في انخفاض حاد في جموع الطيور للعديد من الأنواع المهددة عالميا والضعيفة. يتم ممارسة الصيد في أشكال متعددة مثل إطلاق النار، والإمساك أو القبض على الطيور من أجل التغذية والترفيه أو التجارة.
وتشير التقديرات إلى أن ما مجموعه نصف إلى مليار من الطيور المهاجرة يتم إطلاق النار سنوياً عليها في بلدان البحر الأبيض المتوسط، بواسطة ما يقرب من 10 ملايين صياد. وتشمل التقديرات عشرات الآلاف من الطيور المهاجرة التي يتم إطلاق النار عليها في لبنان. ويشير تقرير المجلس العالمي لحماية الطيور Birdlife International أن حوالي 248 طائر يقتل في الكيلومتر المربع سنوياً في لبنان، وهناك 327 نوعا من انواع الطيور المقيمة والمهاجرة في لبنان، 59 بالمئة من انواع هذه الطيور يتعرض لجميع انواع الصيد الجائر، ويبلغ مجموع الطيور التي تقتل سنوياً في لبنان حوالي 2.6 مليون طائر.
يؤكد أكسل هيرشفيلد مدير الفريق الذي يزور لبنان، ان هذه الزيارة من شأنها ان توثق العديد من المخالفات التي ترتكب رغم الوعود الحكومية بإنفاذ قانون الصيد البري الذي صدر قبل سنوات ولم يطبق الى اليوم. واضاف: “للاسف ان هذه الطيور المهاجرة من اوروبا وآسيا باتجاه افريقيا تقتل في لبنان بسبب الصيد العشوائي. لقد شهدنا على مجزرة حقيقية بحق طيور حوام النحل في رقعة ضيقة وخلال فترة قصيرة، ولا يمكننا ان نتخيل ما يمكن احصائه من اعمال صيد عشوائي في مختلف المناطق اللبنانية الامر الذي يسبب سنوياً بقتل ملايين الطيور اثناء عبورها فوق لبنان”.
وتعتبر طيور حوام النحل ومرزة المستنقعات وغيرها من الطيور الجارحة مفيدة للطبيعة وليست ضمن لائحة الطيور المسموح بصيدها بموجب قانون الصيد البري، وقرارات وزارة البيئة التي تشرف على انفاذ هذا القانون. ولقد شهدت هذه الأنواع من الطيور انخفاضاً حاداً في اعدادها خلال السنوات العشرين الماضية.
ولفت هيرشفيلد الى ان فريق لجنة مناهضة ذبح الطيور ممتن للصيادين المسؤوليين الذين ابدوا امتعاضهم وقلقهم من اعمال الصيد العشوائي للطيور المهاجرة والتي تشوه سمعة الصيادين.
يؤكد رئيس مركز الشرق الاوسط للصيد المستدام ادونيس الخطيب الى ان هذه الممارسات لا تمت الى الصياديين اللبنانيين، وغالبية من التقينا بهم يقتلون الطيور المهاجرة هم دون سن الـ 18 وبالتالي لا يحق لهم الصيد قطعياً بموجب القانون.
بدوره يلفت مدير جمعية حماية الطبيعة في لبنان SPNL وعضو الهيئة الاستشارية للمجلس العالمي لحماية الطيور Birdlife International اسعد سرحال انه منذ وصول فريق لجنة مناهضة ذبح الطيور (CABS)Committee Against Bird Slaughter في 2 ايلول الجاري فان جمعية SPNL وشركائها في لبنان لا سيما Bioland ومركز الشرق الاوسط للصيد المستدام والعديد من البلديات في مختلف المناطق اللبنانية تتعاون من أجل انجاح مهمة الفريق الدولي ، بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية لا سيما وزارتي الداخلية والبلديات والبيئة، وبالتالي فان توثيق اعمال الصيد العشوائي واحالة مرتكبيها الى القضاء هو امر ايجابي، لا سيما ان هذه الاعمال ، على بشاعتها، قد انخفضت بشكل ملحوظ بالمقارنة مع ما كان يحصل في السنوات السابقة.
واضاف سرحال: “للاسف الصياديين العشوائيين الذي يقومون بهذه الاعمال يشوهون الصورة الجميلة للصيادين المسؤوليين الذين التزموا بموعد افتتاح موسم الصيد وسارعوا الى التقدم الى الامتحانات لحيازة الرخصة، واتموا جميع المعاملات والاوراق والوثائق والرخص التي تسمح لهم بممارسة الصيد المسؤول ضمن ما يسمح به القانون، لجهة الوقت واعداد الطرائد وانواعها.
ولفت سرحال الى ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومساعدته الخاصة لشؤون البيئة كلودين عون روكز ووزارة البيئة قد اعلنوا وفي اكثر من مناسبة عن نية السلطات اللبنانية الانتقال من الوضع الحالي لقطاع الصيد البري في لبنان الى وضع افضل، وهذا لن يحصل إلا من خلال سوق المخالفين الى العدالة والتأكيد على انفاذ القانون”.
وختم سرحال: “نعتز باننا نساهم في التعاون والاتفاقات بين الأفراد وجماعات الصيد، في البحث والجمع المشترك لطيور الطرائد المقتولة أو الجرحى، وإدارة موائل الطيور الحوّامة المهاجرة وغيرها من الطيور المهاجرة، والتبليغ عن حالات الصيد غير المشروع وتبني ميثاق الممارسات الفضلى في الصيد، وسوف نكمل بهذه الخطة بالتعاون مع شركائنا المحليين والدوليين”.
وينص ميثاق الممارسات الفضلى على الزامية ان يقر الصيادون الموقعون بأن القيود ضرورية لإدارة الصيد المستدام، وانه يمكن فقط للطيور المهاجرة أو المقيمة والتي يمكن من الناحية القانونية اصطيادها، أن تدخل بالحسبان عند القيام بالصيد. والتجنب التام لصيد أو إمساك الطيور المهاجرة أو غيرها من الأنواع المحمية، واحترام مواسم إغلاق ومنع الصيد وعدد الطيور المسموح بصيدها، حيث لا ينبغي أن يكون هدف الصياد هو تسجيل الحصول على أكبر عدد من الطيور التي يتم اصطيادها. وعدم استخدام أساليب إمساك جائرة كالفخاخ والكمائن والشباك المستورة والعصي اللاصقة والأسلحة نصف الآلية غير الشرعية وآلات الصوت والتسجيلات الجاذبة والسموم. كما ينص الميثاق على ضرورة مشاركة الصيادين مع المجتمعات الريفية في الفعاليات الهادفة لتعزيز صون الطيور وخاصة في المواقع ذات الأهمية الوطنية والدولية، كالمناطق المهمة للطيور والمواقع التي حددتها اتفاقية رامسار. وأن يقوم الصيادون بالاحتفاظ بسجلات شخصية لأنشطة الصيد (أرقام وأنواع)، وبملء تقارير إحصاءات طرائد الطيور، وبالمساهمة في جهود جمع وإرسال حلقات التحجيل التي قد توجد على الطيور التي يتم اصطيادها أو الإمساك بها إلى الجهة المعنية بذلك.