خلال مراحل تربية أطفالكِ، يجب أن تحرصي سيدتي برفقة زوجكِ على غرس بعض الصفات الأساسية والجوهرية فيهم منذ الصغر.
تعد تربية الأطفال وخاصة في مجتمع متغير يعرف تطور تكنولوجي متسارع من الأمور المربكة وبالغة الصعوبة على الوالدين. لا يمكن ترك الأطفال دون توجيه أو مراقبة، هذا الأمر قد يوقعهم في شباك اختيار أمور لا تصلح لهم وتتناقد مع المبادئ والأسس التي يحاول الوالدين إنشائهم عليها.
تقع مسؤولية تنشئة جيل واعد خلوق على عاتق الآباء، الذين يحتاجون لغرس القيم الأخلاقية الأساسية في أطفالهم منذ الصغر، حتى يترعرعوا على هذه الأخلاق ويدركوا مدى أهميتها.
يحب معظم الناس فكرة العمل مع الأطفال، إلا أنه ليس كل شخص لديه المهارات أو المؤهل لذلك. على عكس ما يُعتقد عادة الأطفال ليسوا “مجرد نموذج مصغر من الأشخاص الكبار”، هم ما يزالوا يتطورون ليصبحوا راشدين. من هنا يجب أن ندرك أنه لا يمكن التعامل معهم بمقاييس عالم الكبار. يجب عليكِ سيدتي عند تربية أطفالكِ التحلي بالكثير من الصبر وطول البال.
وفقاً لخبراء التربية وتنمية الطفل يجب أن يحرص الآباء على غرس خمس صفات أساسية وجوهرية منذ الصغر في أطفالهم إبتداءً من مرحلة الرضاعة.
1- تنمية الثقة والشعور بالأمان
الثقة هي الصفة الأساسية التي تقوم عليها كل الصفات الأخرى، بدونها سنخسر بلا شك التحدي التربوي لتنمية الطفل بشكل سوي وسليم. تقول ديبي فيلبس، أخصائية تطوير الطفل في واشنطن: “تبدأ الثقة من الوقت الذي يولد فيه الرضيع، يمكنكِ غرس شعور عميق بالأمان في طفلكِ، من خلال الاستجابة لاحتياجاته الأساسية، إطعامه وتغيير حفاضاته المتسخة والاستفادة القصوى من التفاعلات اليومية بالتحدث معه، الغناء له وإدخال الطقوس التربوية مثل قراءة قصة كل ليلة قبل النوم”.
يعد الاهتمام بمزاج طفلكِ من أهم الأشياء التي تعزز ثقته بكِ ومن ثم ثقته في نفسه، ليس كل الأطفال على نفس الدرجة، فبعض الأطفال، على سبيل المثال، يمكن أن يحتاجو للكثير من التحفيز، في حين أن البعض الآخر يبدو وكأنه مستعد للانطلاق في أي لحظة. كلما تفهمتِ تصرفات طفلكِ وردات فعله المختلفة كلما شعرت بتعزيز الثقة بينكما.
2- تعلم الصبر لنيل الأشياء
يرجح أن الأطفال الذين يتعلمون الصبر منذ الصغر يكونون أكثر قدرة على المثابرة والنجاح في المستقبل.
تقول كلير ليرنر، متخصصة في تطوير الطفل “إن تعليم الطفل الصبر، يمكن أن يساعد في غرس شعور الاستقلال والإنجاز فيه”.
الأطفال ليس لديهم نفس شعورنا بالوقت، مما يجعل التحلي بالصبر صعباً عليهم، يمكنكِ المساعدة من خلال قياس الوقت بطرق أخرى غير الثاني والدقائق. على سبيل المثال، إذا كان طفلكِ يطلب منكِ أن تحضري له بعض العصير بينما كنتِ تحيكين بعض الملابس أو مشغولة بأمر ما. بدلًا من أن يكون الرد “ستحصل عليه خلال خمس دقائق”، حاولي أن يكون الرد بـ “ستحصل عليه بمجرد أن انتهي من هذا الأمر”.
3- تحمل المسؤولية
من المعلوم أنكِ إن أردتِ تحقيق النجاح في الحياة، ستحتاجين إلى معرفة كيفية الوفاء بالالتزامات. الشيء الجيد هو أن هذا الأمر يستطيع طفلكِ البدء في تعلمه منذ الصغر. على سبيل المثال، في حال بلغ طفلكِ من العمر عام واحد وبدأ بإلقاء زجاجة ببهجة على الأرض في انتظار أن تلتقطيها وكرر هذه العملية مراراً محدثاً فوضة عارمة. أخبريه بكل وضوح وصرامة أنه لا يجب أن يعيد فعله هذا وسيكون عليه إدراك أن هناك عواقب إذا كررها.
بالمثل يمكنكِ البدء في التفكير بشأن مسؤوليات صغيرة مناسبة لعمر الطفل، مثل أن تطلبي منه أن يمرر الملعقة أو علبة الملح لوالده. مع تقدمه في العمر يمكنكِ تكليفه ببعض المهام المنزلية المناسبة له، مثلاً تعليق ثيابه، أو وضع الثياب المتسخة في الغسالة…. لا تتوقعي الكثير من طفلكِ في النهاية الأعمال المنزلية مملة بالنسبة لكافة الأطفال، عليك تكليفه بمهمة أو اثنتين، لكن عليكِ التأكد من أنه نفذها بالفعل.
4- التعاطف والاعتذار
التعاطف هو مفتاح تطوير كفاءة الشخص الاجتماعية، مما يساعده على تكوين علاقات ناجحة. هناك الكثير الذي يمكن القيام به لمساعدة الطفل على أن يكون متعاطفًا ورؤفًا. مثلاً لا تسألي طفلكِ بماذا سيشعر إذا حدث معه شيء معين، لأن ذلك سيجعله أنانياً لا يفكر سوى في مشاعره، بدلًا من ذلك أشرحي له كيف أن أفعاله تؤثر في الأشخاص المحيطين به.
إن الأمر الأكثر أهمية هو سلوككِ كأم ومربية، افعلي لطفلكِ ما تريدين أن يفعل طفلكِ للآخرين. تقول ليرنر “إن هذا يعني إيلاء الاهتمام لاحتياجاته وإظهار أنكِ تحترمين مشاعره لكن، دون أن يتمادى. على سبيل المثال إذا ألقى طفلكِ الطباشير في الغضب، عليك أن تصري بهدوء أن يلتقطها ويعيدها إليكِ مع تقديمه للاعتذار.
5- الاعتماد على الذات
من خلال تعلم الاستقلالية سوف يكبر طفلكِ وبداخله بوصلة داخلية قوية بما يكفي لمعرفة ما يريده من الحياة. أهم السمات الأكثر فعالية التي يمكن أن تجعل طفلكِ قادراً على الاعتماد على الذات هي التحلي بالصبر والمسؤولية.
يمكنكِ أن تساعدين طفلكِ على تحقيق الاعتماد على الذات، من خلال منح طفلكِ مهام تناسب عمره، مثلًا أن يناولكِ المنشفة أو أن يصنع ساندويتش لنفسه وهكذا…
واحدة من أفضل الطرق لتعليم طفلكِ الاعتماد على الذات هي عن طريق تقديم المثال له عن طريق سلوككِ أنتِ. إذا كنتِ تواجهين مشكلة ما، فلنقل مثلاً تجميع الكمبيوتر الجديد الخاص بكِ، عليكِ التحدث إلى نفسكِ بصوت عالٍ، والسير على الخطوات، حتى يتمكن طفلكِ من رؤيتكِ تمرين بعملية حل المشكلة من الألف إلى الياء.