منذ إنسحاب الولايات المتحدة الأميركية من إتفاقية فرنسا للحفاظ على المناخ، والظواهر البيئية تتوالى تباعاً على مختلف الولايات الأميركية. و”عند الإمتحان يكرم المرء أو يهان”، يبدو أن إمتحان المناخ للولايات المتحدة الأميركية أحبط عزيمة رئيسها دونالد ترامب وجعله يعود عن قرار الإنسحاب من إتفاقية المناخ!!
قد تكون الأمور مجرّد تكهنات إلا أن التناقض الحاصل بين تصريحات ممثلين أميركيين من جهة ومتحدثين بإسم ترامب من جهة أخرى، تفتح باب الجدل واسعاً أمام إمكانية عدم إكتمال الإنسحاب الأميركي من إتفاقية باريس. هذا الباب الذي فتح مراراً مؤخراً يستند بشكل أساسي إلى ظواهر مناخية توالت من حرائق وأعاصير ما زالت تشتد حدتها في الأسبوعين الأخيرين، قد تكون أوضحت للرئيس ترامب بشكل ملموس حقيقة التغيّر المناخي وكارثة تداعياته التي سترتفع حدتها بشكل أسرع إذا لم تتكاتف الأيدي لحماية الكوكب الأزرق.
حقيقة الأمر أن إعصاري “إرما” و”هارفي” المدمّرين مادياً ومعنوياً أصابا صميم الإقتصاد الأميركي بينما جرّدت الحرائق بعض الولايات من غطائها الأخضر الذي لطالما إمتازت به.
وفي أبرز دليل عن عودة الإبن الضال، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون يوم أمس الأحد إن من الممكن أن تبقى الولايات المتحدة في إتفاقية باريس للمناخ وفقاً للشروط المناسبة.
وقال لبرنامج ” فيس ذا نيشن” الذي تبثه محطة “سي بي إس” التلفزيونية : “الرئيس ترامب قال إنه منفتح على فكرة إيجاد الشروط التي تسمح لنا بالبقاء على تواصل مع الآخرين في مشكلة نتفق جميعا على صعوبتها”.
هذه النتيجة مهّدت لها سابقاً سفيرة البلاد في الأمم المتحدة، نيكي هالي، قائلة بأن الرئيس الأميركي “يؤمن بتغيّر المناخ، تماماً كما يؤمن بأن التلوّث هو جزء من المعادلة، هو يدرك أن على أميركا الإطلاع بمسؤولياتها تجاه الموضوع وهو ما تسعى للقيام به. وبالتالي، فإن خروج أميركا من الإتفاق، لا يعني أنها لن تكون معنيّة بالبيئة. كما تطرّق إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بعد لقائه الأخير بنظيره الأميركي.
في ظل النتائج التي حصدتها الظواهر المناخية الأخيرة وضربها صميم الإقتصاد الأميركي، هل يعود الإبن الضال إلى موقع مكافحة مسببات الإحترار المناخي؟ نترك الجواب للأيام المقبلة، فقد اعتاد العالم مزاجية ترامب وتخلّيه عن قرارات مهمة لضمان إستمرارية البلد !
وأكبر دليل على ذلك ما سرّبته وكالة رويترز سابقاً عن برقية ديبلوماسية موقّعة من تيلرسون، تظهر إبلاغ الدبلوماسيين الأميركيين أمر بعدم الردّ على أسئلة الحكومات الأجنبية حول الفترة التي ستستغرقها إدارة ترامب للعودة إلى إتفاقية المناخ.و لم يكتف تيلرسون في برقيته بهذا الامر، بل تعدّاه ليكون الرد بأن الولايات المتحدة ترغب في مساعدة الدول الأخرى التي تستخدم الوقود الأحفوري، الأمر الذي يعني أن مصلحة أميركا فوق أي إعتبار، حتى ولو كانت التضحية بيئية.
ها إن تيلرسون اليوم يعود عن ما نسب إليه في البرقية ويبشّر بعودة الرئيس الأميركي إلى إتفاقية المناخ، فهل هي صحوة ضمير أو مشهد جديد من مشاهد التناقضات التي تطبق على أروقة البيت الأبيض؟