شكّلت أزمة النفايات التي عانى منها لبنان، منطلقاً للعديد من الأفكار والمشاريع البنّاءة، الهادفة إلى تحويل هذه “النقمة” إلى “نعمة”. ولعل أبرز هذه الأفكار التي نفذّت هي إعادة تدوير الزجاج.

تعدّ هذه العملية خطوة مهمة ومفيدة، توّفر الطاقة، وتحافظ على الموارد الطبيعية، كما تساهم في الحد من النفايات، حيث أنّ كل زجاجة يتم إرسالها إلى مواقع الطمر ، تستغرق ما يقارب مليون عام حتى تتكسر، في حين أنها تأخذ أقل من 30 يوماً، من أجل إعادة تدويرها.

وتعد عملية إعادة التدوير الزجاج والحاويات الزجاجية عملية مستدامة، لأن الزجاج يعتبر من المواد القابلة لإعادة التدوير والتشكيل بنسبة 100في المائة ، مما يعني أنه قابل لإعادة التشكيل مراراً وتكراراً، من دون أن يفقد أيّاً من جودته ونقائه.

 

مشروع “لمبة”

يعتبر مشروع “لمبة”، أحد أبرز المشاريع التي ولدت في خضم مشكلة النفايات، التي إستوحيت منها أساس فكرة المشروع، ألا وهي إعادة تدوير الزجاج.

وفي هذا السياق، يقول أحد القيّمين على المشروع أحمد ترّو لـ greenarea.info ، “أنّ فكرة هذا المشروع إقتبست خلال أزمة النفايات، بحيث أدركنا أنّه بالإمكان الإستفادة من قناني الزجاج، عبر صنعها على شكل كؤوس. و من ثم تطوّر عملنا،إلى صنع مصابيح زجاجية، وأشكال للديكور (ثريات، لامباديرات)، فضلاً عن  إدخال الفن  المشرقي والعجمي (telegraphy)، لزخرفة وتزيين هذه المجسّمات”.

يعتمد القيّمون على هذا المشروع، وهم بالإضافة إلى أصحاب الفكرة ترّو ومحمد علوش، فنان تشكيلي من منطقة حلب، ومجموعة متطوعين، في صنع منتوجاتهم على الخشب القديم، وقناني الزجاج على كافة أنواعها. ويتم الحصول على هذه المواد من مكبّات النفايات، حيث يعاد تدويرها، كما يوضح ترّو.

 

الأهداف البيئيّة

لا يقتصر مشروع “لمبة” على الأهداف المادية أو التجارية، بل هو مشروع بيئي بإمتياز. إذ يؤكد ترّو في هذا المجال ” أنّه مشروع بيئي توعوي، فالرسالة المراد إيصالها، أنّه يمكن الإستفادة من المواد التي قد تشكّل خطراً على الناس، إذا ما تم رميها بطريقة خاطئة، كقناني الزجاج التي ترمى على الشاطىء، و بالتالي يمكن أن تؤذي الأشخاص، أو التي ترمى على أطراف الطرقات، أو التي يتم دفنها تحت التراب”.

فالفكرة تكمن في إمكانية الإستفادة من هذه المواد بعدّة طرق، فوفق ترّو ” أولاً،  يمكن إعادة تصنيع قناني الزجاج المرميّة على شكل كؤوس أو صحون،  أو حتى طحن هذه القناني وإعادة صنعها كمجسّمات معيّنة.

ثانياً، من خلال هذه الطريقة، نحمي  ونخفف عن الدولة أوزان كبيرة، إذ يعتبر الزجاج من النفايات الثقيلة،  وفي الوقت  نفسه نخفض من عملية إستيراد الزجاج، من الدول الأخرى كالصين مثلاً.  خصوصاً وأنّ الزجاج حين يتم تدويره وإعادة  تصنيعه على شكل  كؤوس مثلاً، تكون نتيجته ذات صلابة عالية تجاه الحرارة مهما كانت مرتفعة، فضلاً عن إمكانية إستخدامه كتحفة فنّية في المنزل”.

 

معوّقات ومشاكل

يعاني القيّمون على مشروع “لمبة”، من العديد من المعوّقات، سواء أكانت ماديّة أو تسويقية، الأمر  الذي يحول دون تقدّم هذا المشروع بالسرعة المطلوبة.

وفي هذا الإطار يستطرد ترّو بالقول “نفتقد  في مشروعنا إلى الدعم، بحيث لا يوجد إقبال على شراء منتوجاتنا، فالناس يعجبون بعملنا، ولكننا بحاجة إلى خطة تسويقية. فالمساعدة المادية التي حصلنا عليها،   إستخدمت كتكاليف لشراء المعدّات والأدوات اللازمة لمشروعنا، خاصة وأنّه أصبح بحوزتنا معدّات ضخمة”. يضيف “وبالتالي نحن بحاجة إلى الدعم المادي، من أجل التواصل مع المعنيّن للتسويق، بطريقة صحيحة لمنتوجاتنا.”

بناءً عليه،  يسعى القيّمون إلى تنويع منتوجاتهم، إذ يتابع ترّو ” نحن نسعى إلى تطوير عملنا، من ناحية صنع مواد جديدة كصحون الزجاج، أو حتى إستخدام مادة الكرتون لصنع مواد للديكور، بحيث يمكن إعادة تدوير هذه المادة وصنع العديد من المجسّمات، كذلك الزجاج يتم تكسيره وإعادة إستخدامه في صنع  مختلف الأشكال”.

 

تحديات إضافيّة

إن إفتقار مشروع “لمبة” لخطة تسويقية، ليس المشكلة الوحيدة التي يعاني منها، إذ يوضح ترّو في هذا السياق، “نفتقد إلى الخبرة في مجال التواصل، أو حتى الحصول على دعم من قبل، المنظمات والجهات المعنّية،  كذلك نعتمد على عملية البيع عن طريق  الصفحة الخاصة بنا على تطبيق “الفايسبوك” فقط، على الرغم من أنّ لدينا صالة عرض في منطقة عاليه”.

يستطرد ” إن وجود الصالة بعيداً عن العاصمة، بحيث إشترطت الجهات الداعمة للمشروع، على أن تكون ورشة العمل في مناطق  تقع عند أطراف المدينة، إفساحاً للمجال أمام اليد العاملة في المناطق الريفية، أمر يصّعب عملية البيع”.

 

على الرغم من الإهمال البيئي، الذي نعاني منه على مستوى لبنان، إلاّ أن الوعي  بأهمية الثروات التي يتمتع بها موجود لدى أبناء هذا الوطن، الأمر الذي يشّكل بارقة أمل لمستقبل أفضل للبيئة.

يبقى العائق الوحيد يتمثل في  الإفتقار إلى الدعم، سواء المادي أو المعنوي، من قبل الجهات المعنيّة، على أمل أن يزيد الوعي بأهمية دعم الطاقة الشبابيّة الخلاّقة في لبنان.

3 (1)
4 (1)
5 (1)

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This