تتناقل مختلف وسائل الإعلام منذ فترة معلومات ومؤشرات عن نهاية وشيكة للعالم، إن بسبب نيزك سوف يضرب الأرض، أو لتعذّر الحياة على الكوكب الأزرق بسبب التغيّر المناخي. إبتعدت كل أصابع الإتهام عن الحروب التي فاقمت الفقر وسبّبت المجاعات.

لم يكتف البشر بحرب عالمية أولى، ولم تشف غليلهم الثانية، وبينما تنذر العلاقة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والكوري الشمالي كيم يونغ بحرب عالمية ثالثة ستعتمد على النووي.. يبدو أن حرب الأمراض والأوبئة ستشكّل أساس نهاية العالم!

فإن وباء الكوليرا الذي انتشر في القرن التاسع عشر، عاد ليفرض سيطرته بقوّة على دول بأكملها، فكانت اليمن أولى الضحايا التي حصد  الوباء فيها  حوالى 700 ألف شخص، حسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية،  في غياب تام لأي مؤشرات تذكر على قرب انحساره.

سلاح الكوليرا فتّاك، حصد أرواح الملايين من البشر عبر القارات، إنطلق من دلتا نهر الغنغ في الهند، إستعمر جنوب آسيا عام 1961 ووصل إلى أفريقيا بعد عشر سنوات عام 1971، ومن ثم إستوطن الأميركيتين في عام 1991، بينما تركّز اليوم في اليمن، حيث البيئة الحاضنة والمنمية له.

يعد وباء الكوليرا من أكثر الأمراض المعدية التي دمرت البشرية في فترات طويلة ،هو من أمراض الجهاز الهضمي، لا يفرّق بين صغير أو كبير، ويشكّل مصدر خطر أساسي للدول النامية، وقد أتى على دفعات أهلكت البشرية.

أوّل إشارة للوباء ظهرت عام 1816-1826 في البنغال ثم انتشر في جميع أنحاء الهند بداية عام 1820،  ومات حوالي 10 ألاف فرد من القوات البريطانية وأعداد لا تحصى من الهنود. وثم انتقل الوباء للصين واندونيسيا فحصد أرواح  15 مليون شخص بين عامي  1817-1860 وارتفع الرقم  وصولاً إلى العام 1917 إلى 23  مليون ضحية، أما في روسيا فقد تجاوزت الوفيات الـ  2 مليون.

حسب الإحصائيات الرسمية لمنظمة الصحة العالمية، هناك 140 ألف حالة وفاة عام 2000 في أفريقيا، بينما  انتشر الوباء عام 2007 في العراق، وأعلنت الولايات المتحدة عن موت 4.569 حالة، ليعود المرض ويظهر  في ولاية أوريسا في آب – أغسطس من نفس العام في الهند. وفي عام 2008 تم تأكيد موت 644 حالة في العراق وتفشي الإصابة في مخيمات اللاجئين في الكونغو. إلى أن ووصل إلى اليمن بسبب الحروب والمجاعة، فضلاً عن الحصار وإنحسار التطعيمات والأدوية الملائمة، فشكّل إنتشار الوباء فيها جرس إنذار مدوّ، يستدعي تجنيد جهات دولية عدة لمواجهته.

أرقام الضحايا المتزايدة يوماً بعد يوم، ورقعة الإستهداف التي يمكن أن تتوسّع في أي لحظة، إستدعت دق ناقوس الخطر، فأعلنت منظمة الصحة العالمية إنها ستدشن الشهر المقبل- تشرين الأول – أوكتوبر  إستراتيجية لوقف إنتقال الكوليرا بحلول عام 2030.

هدف الإستراتيجية الجديدة حددها خبير مكافحة الكوليرا في المنظمة دومينيك ليجرو، بوقف إنتقال المرض بحلول عام 2030 وإذ تحدث عن خطورة هذا الوباء قال:” بمجرد أن بدأ الوباء، إنتشر وصار من الصعب للغاية احتواؤه .. إنه ينتشر كالنار في الهشيم والخطرعلى الأرجح في إرتفاع مستمر”.

أما كنتيجة للحملة، فيقول: ” نتوقع تراجع معدل الوفيات بنسبة 90 في المائة بحلول عام 2030، وتسعى الاستراتيجية لاستخدام التطعيمات لإحتواء أي تفش للمرض في أسرع وقت ممكن.

بات “الكوليرا” عنوان مرحلة جديدة تبشّر فعلاً بفناء البشرية، وبينما باتت أسباب انتشاره معروفة، يبقى على الحكومات القيام بواجباتها في عدم تأمين بيئة حاضنة له، فيما على المستشفيات البقاء متيقّظة ومستعدة لأي حالات إصابة قد تظهر. علّ هذا التنبّه ورسم الإستراتيجيات من قبل منظمة الصحة العالمية يمنع إنتشار هذا الوباء في مختلف أصقاع الأرض ويخلّص البشرية من حرب وبائية ليست الألوى ولن تكون الأخيرة، إنما حكماً ستكون حرباً عالمية ثالثة!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This