حالة القلق التي يعيشها اللبنانيون وسط الأزمة الإقتصادية الخانقة، تنعكس على حياتهم بشكل كبير، فقد تبيّن لمتخصصين في علم النفس الإرتباط الويق بين إرتفاع منسوب القلق من جهة وإضطرابات النوم من جهة أخرى. الأمر الذي ينعكس على نظام الساعة البيولوجية للصغار والكبار معاً، وبالتالي على إنتاجيتهم وصحتهم النفسية والجسدية. فهل من إجراءات وقائية لضمان نوم سليم بعيداً من هاجس القلق؟
حريقة: إحترام الساعة البيولوجية
المتخصصة في علم النفس العيادي، الدكتورة بولا حريقة، تشرح لـ greenarea الأسباب الموجبة لإضطرابات النوم، وتقول:” منها البيولوجية أو النفسية، بالنسبة إلى الأولى، فتكمن في إنقطاع التنفس أثناء النوم وارتفاع نسبة الشخير، الذي يسببه الوزن الزائد. الأمر الذي يستوجب الخضوع لفحص خاص بالنوم تحدّد من خلاله نسبة الأوكسيجين، وعلى أساسها تتم المعالجة. أما الأسباب النفسية، فتطال النقص في هرمون الميلاتونين نتيجة الضغط النفسي الكبيروعدم القدرة على مواجهته والتخلص منه، الأمر الذي يؤدي إلى إضطرابات في النوم. ”
وبينما تحاصر الإنسان المشاكل والضغوطات اليومية، تشدّد حريقة على ضرورة رفع المعرفة في الثقافة النفسية وكيفية مواجهة الضغوطات لمواجهة الحياة بشكل أسهل دون اللجوء إلى أدوية الأعصاب.
إستطراداً، تربط حريقة بين العصبية المتؤتية عن قلة النوم والخوف من المستقبل وبين قدرة الأهل على تحمّل المسؤولية، فتقول: ” يصبح الأولاد للأسف فشة خلق، فيتركونهم لفترات طويلة لوحدهم على الإنترنت دون ممارسة دورهم الرقابي الفعلي. الأمر الذي يسبّب عدم تنظيم في حياة الأولاد وينعكس على ساعتهم البيولوجية، فيفقد جسمهم الراحة التي تغذي الدماغ بالفيتامينات الضرورية ، فترتفع لديهم نسبة الإضطرابات النفسية في عمر مبكر”.
فتشدّد بذلك على أهمية الساعة البيولوجية التي يجب إحترامها لأن أي خلل فيها يسبب القلق وقلة النوم، الأمر الذي يستوجب فحوصات ومعالجة دوائية وعلاجية نفسية.
خليل: المعالجة منذ الصغر
اما المتخصصة في المتابعة النفسية الجسدية شنتال خليل، فتشدّد على المعالجة النفسية المبكرة عند الطفل كي لا يصل الى مرحلة البلوغ عاجزاً عن إدراة حالته النفسية. وتقول: ” تختلف إضطربات النوم حسب الفئة العمرية، سواء عند الاطفال او عند الكبار، والأسباب متعددة منها نفسية و جسدية.”
وتركّز في هذا السياق على أهمية تعاطي الأم مع إبنها الذي يعاني من اضطراب في النوم، والذي يعيش أزمة نفسية وقلة ثقة في ما يحيطه، فضلا ًعن الخوف الذي ينعكس عليه خلال النوم ، وتقول: ” يتأثر الطفل منذ عمر الأربعة أشهر بأي سوء معاملة أو تعنيف جسدي، الأمر الذي ينعكس على نومه ويتحوّل إلى إضطرابات وبكاء ليلي مستمر، وإذا استمرت تلك الحالة فقد يتعرّض الطفل لعدم إنتظام في ضربات القلب. فضلاً عن ذلك، فإن المشاعر السلبية تنمو في داخله إلى عمر السبع سنوات، فيصبح أكثر تحسس من أي سوء معاملة وتقل ثقته بنفسه، فينعكس هذا الإضطراب النفسي على نوعية نومه. علماً أن النوم أساسي للطفل لأن دماغه يكون في أوج حركته أثناء النوم العميق من عمر السنتين الى الرشد. إضافة إلى أنه خلال النوم يفرز هورمون الأندروفين الذي يخدّر الوجع ويعطي الطاقة الإيجابية للإنسان. لذلك، عندما لا يحصل الفرد على نوم كامل صحي، يتوقّف إفراز هذا الهرمون ويتم إستبداله بالكورتيزون الذي يلحق الأذى في الجسم وتكون النتيجة شراهة في الاكل و بدانة و فقدان الثقة في النفس نتيجة قلة النوم “. من هنا دعت خليل الى وجوب معالجة أسباب اضطرابات النوم لان من المحتمل ان تؤدي الى مشاكل نفسية و جسدية .
وهبة: الاهم ادارة المشاعر و معالجة ال stress
في المقابل، يركّز المتخصص في إدراة المشاعر الدكتور جاد وهبة على أهمية الإكتشاف المبكر، ويقول: لـ greenarea: ” يجب على كل إنسان لا ينام جيداً البحث عن الأسباب الكامنة وراء هذا الأمر ومعرفة أساس إضطرابات النوم لديه. كما من الضروري إدراك أن الإكتئاب يزيد ساعات النوم في حين أن القلق يخفّفها. وأهم ما يجب معرفته هو تحديد سبب إضطرابات النوم بين نفسية أو عاطفية، والتوجّه إلى متخصص في إدارة المشاعر للمعالجة”.
من جهة اخرى استند الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور مايكل انجلو على دراسة اجريت حديثا عن تداعيات اضطرابات النوم و القلق في دول الشرق الاوسط وقال ل greenarea.info :”ان القلق يزيد من مشاكل النوم خصوصا لدى المعرضين له حسب نوعية التربية التي يتلقاها الانسان في العائلة و انعكاسها على حالته النفسية وفق ماجاء في دراسة في الشرق الاوسط التي ركزت على اهمية الكشف المسبق للحالة النفسية للسيطرة على القلق والتعب النفسي نتيجة الاكتئاب وبالتالي اضطرابات في النوم ، الأمر الذي ينتج عنه ازمات نفسية و المعالجة تكون في التشديد على التوعية و توصيل الفكرة الايجابية و الوعي عن خطورة القلق قبل ان يصل الانسان الى مرحلة متقدمة من الكآبة .”
الى رأي الاختصاصي في علم النفس الدكتور نبيل خوري الذي ركز على تغيير نمط الحياة :” لانه من جملة مشاكل الاكتئاب واضطرابات النوم ان يصل الانسان الى مرحلة تضطرب علاقته مع الناس حيث يصبح سريع الغضب و البكاء و التعب الجسدي ينعكس على الشكل الخارجي فلا يهتم بحالته الجسدية . واهم شي هنا مواجهة الاسباب والاعتماد على الرياضة الروحية و نمط غذائي متوازن و رياضة جسدية و ادوية تساعد لعملية الشفاء.”
اخيرا اهم ما اوضحه الاختصاصي في الغدد و الصماء الدكتور شارل صعب ل greenare.me :” ان اضطرابات النوم ليس لها علاقة بالغدة الدرقية سوى بنسبة 2% و للتأكد من مشاكل في الغدة علينا اجراء مسبقا فحوصات الدم.”