أن تنفق سبع سلاحف في أقل من عشرة أسابيع، وفي منطقة واحدة محددة جغرافيا (شاطىء عدلون) في الجنوب اللبناني، فذلك يثير جملة من الأسئلة، ويستدعي بادىء ذي بدء قرع ناقوس الخطر، وتحديد سلسلة من الإجراءات للوقوف على هذه الظاهرة ومعرفة أسبابها، وتاليا تحديد الأطر القانونية والعلمية لمواجهة ما يؤشر إلى أخطار تهدد ليس السلاحف فحسب، وإنما مجمل النظم الإيكولوجية البحرية.
غالبا ما تتعرض أعداد من السلاحف للنفوق، ولكن بأعداد قليلة وفي فترات متباعدة، فهذه الكائنات البحرية وما تمثل من مؤشر على “صحة” البحر، تتعرض للاصطدام بمركب أو تعلق في شباك الصيادين أو تبتلع أكياس نايلون ما يؤدي إلى نفوقها، ولكن بنسب قليلة، أما أن تنفق سبع سلاحف في أقل من شهرين وفي مكان واحد، قد لا يكون ناجما بالضرورة عن حوادث عرضية، وثمة احتمالات عدة لا يمكن معرفتها إلا من خلال دراسة تقييمية، وهذا أمر غير متاح لقلة الإمكانيات من جهة، ولغياب هذه القضية عن دائرة اهتمام الدولة من جهة ثانية.
ما تجدر الإشارة إليه أن المشكلة قد تكون متمثلة في استخدام الديناميت، علما أنه تصلنا بلاغات باستخدامه على الرغم من القوانين الواضحة التي تمنع استخدامه، إلا أن العابثين والمخالفين يملكون أساليب للتواري، ما يستدعي وجود مراقبين دائمين وتعزيز دوريات القوى الأمنية (خفر السواحل)، وما يمثل خطورة في هذا المجال، أن شاطىء عدلون يعتبر موقعا ناشطا لسلاحف البحر، وحالات النفوق هذه تدحض اكاذيب البعض ممن ادعوا أن لا وجود لها في هذه البقعة، فضلا عن أن ثمة ما يبقي من هم في دائرة الاتهام أو الشك بخصوص ادعائهم أيضا بعدم صحة وجود المدينة الفينيقية في نفس الدائرة!!
نفوق ثلاث سلاحف
في هذا السياق، واكب greenarea.info إعلان “المرصد الأخضر” التابع لجمعية “الجنوبيون الخضر” في توثيقه التعديات على الحياة البرية، عن حالات جديدة لنفوق السلاحف على شاطئ عدلون.
وبحسب الجمعية، فإن “ثلاث سلاحف بحرية وجدت في حالات تحلل بدرجات متفاوتة نهار أول أمس الخميس في 21 الجاري، وتحديدا في منطقة خليج أبو الزيد على شاطئ عدلون”. وكان سبق للجمعية أن أعلنت عن أربع حالات خلال الأسابيع الماضية ما رفع إجمالي عدد السلاحف النافقة إلى سبعة خلال عشرة أسابيع على شاطئ عدلون وحده، وهو أعلى معدل مسجل على الساحل اللبناني.
وكانت الجمعية قد ناشدت في بيان سابق وزارة البيئة التدخل لإتخاذ إجراءات عاجلة بغية حماية الشاطئ وإعلانه محمية طبيعية، وفق إقتراح خطي سبق لجمعية “الجنوبيون الخضر” أن تقدمت به لدى الوزارة منذ نهاية 2014، وإستندت فيه إلى تقريري: مراقبة الموارد البيئية في لبنان Environnementa lRecoures Monitoring in Lebanon – ERML 2012 والذي أدرج عدلون ضمن قائمة صغيرة من خمسة عشر موقعاً هاماً وحساساً صنفها ذات “أولوية قصوى” تستوجب الحماية على الساحل اللبناني، وأحد أربعة منها ذات أهمية مشتركة ثقافياً وبيئياً، وتقرير Marine Turtle Nesting Activity Assessment on The Lebanon Coast -2002 الذي أدرج شاطئ عدلون ضمن قائمة المواقع التي تشهد نشاطاً لتعشيش السلاحف البحرية في لبنان. ولاحقاً أضافت الجمعية إلى الملف معطيات مراقبتها المنتظمة للشاطئ كموقع لملاذ للسلاحف البحرية ونشاط تعشيشها.
مؤشر بيئي خطير
وتقول عضو الهيئة الإدارية في الجمعية المهندسة آية عبود لـ greenarea.info أن “الظاهرة مؤشر بيئي خطير ويعنينا على أكثر من مستوى بيئي واقتصادي، لأن فقدان السلاحف من شأنه أن يلحق أضرارا لا تعوض على صعيد النظام البيئي البحري والشاطئي وبالتالي يؤثر على صيادي الأسماك”.
وذكرت عبود أن “الأسباب عدة، ومنها بشكل رئيس التلوث وصيد الديناميت، بالإضافة إلى أن البعض يعمد إلى قتل السلاحف حين تعلق بالشباك، وهو ما يعد جريمة بيئية وإنسانية حقيقة، لأننا معنيون جميعنا بالمحافظة على هذه الحيوانات الجميلة والحيوية والتي تشكل ثروة طبيعية لنا ولشواطئنا”.
وقالت: “ان أرنيثوبوليس أو مدينة الطيور عدلون هي مدينة فينيقية تاريخية، غناها بسهلها وآثاراتها وشاطئها الرملي والصخري الأثري، والذي من واجبنا حمايته”.
توجهت عبود بـ “الشكر لأهالي عدلون والبلدات الساحلية الذين أبدوا التعاون والحرص على حماية الشاطئ والسلاحف”، وناشدت عبود “وزارة البيئة ووزارة الزراعة التدخل السريع لحماية الشاطئ حيث أننا معنيون كمواطنون ومجتمع مدني ودولة بالتعاون من أجل حماية هذا الشاطئ لما له من أهمية بيئية في النظام الايكولوجي”.
وتوجهت بالشكر أيضا الى “قوى الامن الداخلي التي نشط أفرادها مؤخرا في مراقبة استخدام الديناميت” داعية الى “تسيير دوريات بشكل منتظم على الشاطئ لملاحقة الذين يلحقون الضرر به وبالتنوع البيولوجي”، منوهة إلى “دور الصيادين في هذا المجال الذين يحرصون على ممارسة الصيد المستدام”.