عندما نرصد أو نبلغ عن وجود سلحفاة نافقة، لا نمارس ترفا أو نوعا من المتعة، وإنما يحركنا الوجع وتؤرقنا الهواجس، دأبنا أن نكون جزءا من المساعي الهادفة لمعرفة أسباب النفوق، ودائما من موقعنا كإعلام “أخضر”، خصوصا وأننا نعرف كم تكابد بعض الجهات المعنية من صعوبات في هذا المجال، إن لعدم توفر التجهيزات اللازمة، وإن لافتقار المراكز المعنية إلى الكادر البشري، وهذا ما واجهناه في فترات سابقة مع قضية السلحفاة “لاكي”، التي ساهم موقعنا greenarea.info في متابعة علاجها لنحو سنة كاملة، ولم نجد من يؤويها فتولى أمر رعايتها فريق الإنقاذ البحري في الدفاع المدني في مرفأ الجية، فضلا عن أننا اضطررنا لإجراء صورة شعاعية لها في مستشفى حمود.
ولأننا نرى في التنسيق تكاملا ضروريا يفضي إلى ما يعزز توجهاتنا المشتركة، كإعلام معني من جهة، وكسلطات رسمية ومحلية معنية بدورها من موقع العلم والتخصص، فإننا مقتنعون أن التعاون لازم وضروري.
نشر العلم والمعرفة
وفي هذا السياق، يبدو أننا دخلنا مرحلة هي أخطر بكثير من حالة نفوق السلاحف بشكل طبيعي، فما يشهده الشاطئ اللبناني منذ فترة بات مسلسلا مستمرا لمثل هذه الحالات التي وثقنا بعضها في “جمعية greenarea.info الدولية”، وكنا حريصين على معرفة أسباب نفوق هذه السلاحف، لذلك مددنا يد العون كجمعية الى كافة المراكز المعنية من محميات بحرية و”مركز علوم البحار” في البترون ووزارة الزراعة التي أبدت على الدوام تجاوبا ولم تضن بعطاء ونصيحة، وقد لمسنا تعاونا جديا من البعض وتجاهلا من البعض الآخر، ولكن لن يردعنا أحد عن تأدية عملنا الصحفي بمهنية، وواجبنا كجمعية بيئية بالتوازي مع موقعنا البيئي المتخصص، هدفه نشر العلم والمعرفة وملاحقة كافة القضايا البيئية بجرأة وموضوعية.
وفي موازاة ما نشهد من نفوق متكرر ومستمر للسلاحف البحرية، لا بد من التأكيد أن الصورة ليست قاتمة، إذ ثمة مبادرات رائعة، وثقنا وواكبنا بعضها مؤخرا مع إطلاق صغار السلاحف الى البحر في حمى المنصوري – قضاء صور، في ظل غياب وإهتمام ورعاية الدولة والوزارات المعنية، علما أن السلاحف في مختلف دول العالم تحظى بإهتمام الدولة، ولسنا لنستغرب ما نواجه في لبنان من تقصير طاول مختلف القطاعات، وهو ما لم يعد مقبولا مطلقا.
حالة نفوق جديدة
وبما أننا كسبنا ثقة الناشطين والمهتمين في البيئة، أصبحنا ملاذا لشكاويهم وبلاغاتهم ومنصة يعبرون من خلالها عن آرائهم، وما نأمله اليوم أن نقدم إضافة جيدة في هذا المجال ونكون على قدر الثقة والمسؤولية ونقل معاناة البيئة للمسؤولين عسى أن يتحركوا بالشكل الصحيح لإنقاذ ما تبقى من بيئتنا الرازحة تحت عبء الإهمال.
في التفاصيل عثر ظهر اليوم الغواص حسين نور الدين على سلحفاة نافقة قريبة مقابل “منطقة الجمل” في مدينة صور، واتصل بــ greenarea.info بعد أن تعثر إتصاله بالبلدية ومحمية صور الشاطئية للتبليغ والسؤال عما يمكن أن يفعله بها، وقد طلبنا منه إحضارها الى الميناء وعدم تركها في عرض البحر، على قاعدة أن الأمر يهم المحمية، لجهة أن توثق هذه الحالة أو أن تقوم بتشريحها للوقوف بشكل علمي على حالة النفوق، والتصريح لاحقا بهذا الشأن وهذا ما يهمنا في هذا المجال.
البروفسور باريش يحدد نوعها
قمنا بمعاينة السلحفاة، وقد بدأت مرحلة التحلل تنبعث منها رائحة كريهة، وتبين أن لا وجود لضربات على قوقعتها، وكانت صغيرة الحجم وقد حدد خبير الاحياء البحرية في الجامعة الأميركية في بيروت البروفسور ميشال باريش نوعها، بعد تزويده بالصور، فأشار إلى أنها من فصيلة “كاريتا كاريتا” Caretta caretta، وهي “سلحفاة ضخمة الرأس” Loggerhead Turtle.
ومن المعروف أن حالات النفوق تعددت أسبابها ما بين استخدام الديناميت والقتل المتعمد أو تعرضها لضربات مباشرة، والتسمم أحيانا، واختناقها نتيجة ابتلاع أكياس النايلون وصانير الصيد في بعض الحالات.
محمية صور
قمنا بدورنا بالاتصال بالآنسة نابغة دقيق في محمية صور بعدما تعذر علينا أيضا الاتصال برئيس المحمية ورئيس البلدية المهندس حسن دبوق، وهو يبدي الحرص ليس على السلاحف البحرية فحسب، وإنما على البيئة البحرية ونظافة الشاطىء.
وأبلغنا دقيق، فقالت بأنها ستتوجه الى المرفأ لاستلامها، وبأنها كانت على علم بهذه