تشير الدراسات العلمية، إلى أن الإدمان على الإنترنت يتزايد يوماً بعد يوم، وترتفع نسبته عند المراهقين من عمر الـ 12 سنة والـ 18 سنة، إلى 10 و 15 في المائة.
أوّل من تحدّث عن هذا المرض، كان الطبيب النفسي الأميركي إيفان غولدبرغ، الذي صاغ تعبير “إضطراب إدمان الإنترنت” عام 1995، بعد دراسته لواقع المجتمع، فكان أوّل من حذّر من إدمان إستخدام التكنولوجيا. وأكثر ما نواجهه في هذه الأيام، هو إدمان الأطفال بصورة مرضيّة على الإنترنت في غياب أية ضوابط، الأمر الذي يسبب إضطرابات في شخصية، فضلاً عن الإنعزال التام عن المحيط والمجتمع.
فهل من حل سريع و طارىء لإنقاذ براعم الطفولة من الإدمان الإلكتروني ؟
فياض: التنبّه واجب والعلاج ضروري
المتخصص في الطب النفسي الدكتور جون فياض، يفنّد لـ greenarea أصول التعامل مع الأطفال في ما يتعلّق باستخدام الوسائل التكنولوجية، فيقول: ” يجب إتباع شروط علمية في الطب النفسي، أولها منع أطفال ما قبل عمر السنتين من أي استهلاك للإنترنت أو الآي باد أو حتى التلفاز. مع تخطي الأولاد عمر السنتين، يمكن التوجّه نحو وسائل التكنولوجيا، شرط الرقابة المستمرة وتحديد ساعتين من الوقت غير متواصلتين في خلال 24 ساعة، لاستعمال أي وسيلة ممكنة، وبالتالي على الأهل مراقبة نوعية الألعاب وتحديد الأنسب منها لعمر أطفالهم، خصوصاً مع الربط الممكن بين العالم، والذي يمكّن الطفل من التنافس مع أشخاص آخرين من خارج البلاد على لعبة واحدة. الأمر الذي قد يسبب إدمان الأطفال وتمرير ساعات كثيرة على الكمبيوتر ولفترات متعددة، فيصبح مدمناً دون أن يدرك”.
أما العوارض، فتتلخّص بالتوتّر والتعصّب عند ترك اللعب، تناول وجبات الطعام أمام شاشاة الكمبيوتر، تأجيل الذهاب إلى الحمام كي لا يترك اللعبة، الإنقطاع عن محيطه وعن الذهاب لدى الأصدقاء.. في هذا الإطار، يشدد فياض على ضرورة تنبّه الأهل على تلك المشاكل والتوجّه فوراً لإستشارة متخصّص في طب الأطفال النفسي، لتلقي العلاج المتكامل بين السلوكي والتربوي والنفسي، والمشترك بين الأهل والأطباء لإعادة تأهيل الطفل من جديد.
وإذ يشير فياض إلى نسبة 10 إلى 15 في المائة من حالات الإدمان على الإنترنت، يأسف في المقابل لغياب إحصاءات رسمية في لبنان لتحديد النسبة.
جرباقة: أضرار نفسية وجسدية
لا تقتصر تداعيات الإدمان على الإنترنت، في المجال النفسي بل تتخطاها لتسجّل أضراراً جسدية، فيقول المتخصص في طب الأطفال الدكتور برنارد جرباقة، في حديث لـ greenarea: ” إن الانترنت عادة يعتبر من الوسائل الإيجابية المساعدة للإنسان، كونه فتح المجال لجميع الناس للإطلاع على آخر المعلومات الحديثة. إنما السلبيات فيه تكمن في جلوس الأطفال لساعات طوال، الأمر الذي يزيد من المشاكل الصحية، في المجالين النفسي والجسدي، كمشاكل في النظر وألم في الظهر، فضلاً عن البدانة نتيجة الاستعمال المفرط للانترنت.أما من ناحية التداعيات النفسية، فإن الإنزواء والعدوانية إضافة إلى قلة النوم.. كلها امور تؤثر على المهارات الإجتماعية التي تضمحل مع الوقت.”
في المقابل، يتحدّث جرباقة عن مشكلة خطرة يجب التنبه اليها ،وهي متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تطال التعنيف النفسي للمراهقين الى حد دفعهم إلى الانتحار. وهذا ما اظهره تقرير أعدته الى الامم المتحدة سنة 2016 . الأمر الذي يستوجب برأيه تكثيف حملات التوعية في هذا المضمار خصوصاً في الصحة المدرسية وإظهار إيجابيات الإنترنت وسلبياته.
عازوري: من الصعوبة التخلص من الادمان على الانترنت
من جهة أخرى، يشدّد المتخصص في الطب النفسي الدكتور شوقي عازوري على صعوبة التخلّص من الإدمان على الإنترنت، نظراً لتطور التواصل الاجتماعي الاإكتروني واللذة التي يجدها الطفل في اللعب على الانترنت. ويأسف للواقع الذي وصل إليه الأطفال، ويطالب بتعزيز دور وزارة التربية في المدراس لحماية التلميذ من الدخول على مواقع مخلة في الآداب من خلال تكثيف حملات التوعية كما هو الحال عندما أجريت دراسة علمية حول تحديد الاعمار المسموح بها لحضورأي نوع من الأفلام .
اما الاختصاصي في الطب النفسي الدكتور انطوان بستاني فشدد عبر ال greenarea.info على اهمية تغيير السلوك للتخلص من الادمان عن الانترنت :” ان النصيحة واحدة يجب ان تعطى وضرورية ان تكون هناك هيبة سلطة عند الاهل على اولادهم للحد من الادمان على الانترنت. لانه لم يعد هناك اي ممنوعات عند الاولاد في ظل استخفافهم بسلطة الاهل عليهم. ومع اتباعهم الانترنت الى حد الادمان انقطع التواصل حتى مع اهلهم .هذا الادمان السلوكي اذا تعود عليه الطفل منذ صغره فيصبح مدمنا عليه عند الكبر لذا الحل يكمن في دور التربية الصارمة من الاهل على اولادهم .”
من جهته، يقول الدكتور نبيل خوري لgreenarea.info :”ان إدمان الاطفال على الانترنت قد يزيد من اضطرابات في المزاج عند الطفل حسب ما اكدته الدراسة العلمية الاخيرة عن مساوىء استعمال الانترنت. الأمر الذي يؤثر على حياتهم الاجتماعية وطبيعة العلاقة مع اهلهم وسط انعزال تام عنهم. ولا بد من التحرك الفوري من قبل الاهل لتحسين سلوكيات الطفل من خلال التربية النفسية المتزنة والدعم المستمر.