“هيداك المرض”، أو “السرطان” الذي لطالما أرعب الناس حتى من نطق إسمه، يعتبر من أهم أسباب الوفيات في العالم، وبينما نلحظ سنوياً أنواعاً جديدة منه وارتفاعاً في أعداد المصابين به، تتوقّع منظمة الصحة العالمية زيادة حالات الإصابة في العقدين المقبلين بنسبة تقارب 70 في المائة!

تختلف أنواع العلاجات مع إختلاف أنواع المرض من جهة وقياساً لمدى تطوّره ونموّه في جسم الإنسان من جهة أخرى، إلا أنها تتركّز بشكل أساسي أولاً على العمليات الجراحية لإستئصاله إذا أمكن، وثانياً على العلاج الكيميائي الذي ينهك المريض جسدياً ونفسياً.

بعض المرضى يرضخون للأمر الواقع ولا يقتنعون بضرورة العلاج، والبعض الآخر يتعلّقون بحبال أي دواء قد يكسبهم أياماً جديدة في حياتهم. كيف لا والحياة فعلاً عزيزة على من يعيشها، ولكن أين الحقيقة في تحقيق العلاجات المضادة للسرطان فعلاً حالات شفاء كاملة أو مؤقتة؟

لا يمكن نكران الواقع، وإذ دقّ هذا المرض الخبيث باب كل منازل العالم، سُجّلت شفاءات كثيرة بفضل العلاجات المتطورة من جهة والإيمان من جهة أخرى. إلا أن دراسة جديدة أتت لتؤكّد بشكل علمي أن أدوية السرطان لا جدوى منها !!

الدراسة التي نشرت في صحيفة “الغارديان”، شملت 48 نوعاً من أدوية السرطان التي ظهرت بين عامي 2009 و2013 ، إستخدمت في علاج 68 حالة مرضيّة، وقد أظهرت النتائج أن معظم هذه الأدوية لم تحسّن من صحة المريض.  فخلصت الدراسة إلى أن معظم أدوية السرطان عديمة الفائدة، 49 في المائة من تلك التي تم قبولها من قبل وكالة الأدوية الأوروبية والمتوفرة حالياً في الأسواق لم تعط المريض أي فائدة تذكر، في حين أن 10 في المائة منها فقط تساهم في شفاء المرضى.

اللجنة الإستشارية الوطنية للتحصين الكندية   NACI  كشفت عن ذهولها بهذه النتيجة المريرة غير المتوقعة، المثيرة للدهشة والإستغراب في الوقت عينه، وتأسّف أعضاؤها من إن عملية الموافقة على الأدوية الحالية لا تعطي صانعيها أي حافز لإثبات فعالية علاجاتهم المطروحة وقدرتها الشفائية بشكل صارم ومثبت علمياً، الأمر الذي يدعو للتساؤل حول الموافقة أساساً على حوالى نصف الأدوية المخدرة المطروحة من دون أن تثبت أي فائدة سريرية لها.  وقد ركّز على هذا الموضوع الدكتور فيناي براساد، أستاذ مساعد في الطب في جامعة ولاية أوريغون للصحة والعلوم. وشدّد على أن دفع المرضى للأموال الطائلة تلزمنا بتوقعاتهم بتحسين نوعية حياتهم وضمان إستمراريتها بنوعية أفضل.

إيما غرينوود، مديرة سياسة السرطان في المملكة المتحدة، شدّدت على أن الدراسة لا تعكس بالضرورة الوضع في المملكة، بل إن المعهد الوطني للصحة والتميز في الرعاية   NICE لعب دوراً مهماً في تحديد الأدوية المتاحة للمرضى.

من جهته يقول الدكتور أشوك فايد، رئيس قسم الأورام الطبية وأمراض الدم في ميدانتا، أن الأدوية الجديدة يتم إدخالها بأسعار باهظة إلى الهند رغم أن نتائجها غالباً ما لا تكون أفضل من غيرها نسبياً، واعتبر أن إدخال تلك الأدوية إلى الأسواق دون وجود أدلة دامغة على فعاليتها.. أمر لا طائل منه إلا الكسب المالي.

لكنه في المقابل ورغم إشارته إلى أن هذه الأدوية يمكن أن تمدّ حياة المرضى بضعة أسابيع أو أشهر، إلا انها يمكن أن تكون جديرة بالإهتمام بسبب إمكانية علاج بعض أنواع السرطانات كسرطان الثدي والرئة، الأمعاء والبروستات. وفي نسبة 10  في المائة فقط من الإستخدامات حسّنت تلك الأدوية نوعية الحياة، الأمر الذي يجعل الموافقة على بيعها إجراماً ملحوظاً.

وقد أظهرت تقاريرمتعددة العبء الإقتصادي الذي يعاني منه المرضى على أمل تحقيق الشفاء الكامل، الذي  قد لا يتحقق بفعل عدم تحقيق نجاحات سريرية للأدوية المعتمدة حالياً في الأسواق إلا بنسب قليلة جداً.

 

الناشر: الشركة اللبنانية للاعلام والدراسات.
رئيس التحرير: حسن مقلد


استشاريون:
لبنان : د.زينب مقلد نور الدين، د. ناجي قديح
سوريا :جوزف الحلو | اسعد الخير | مازن القدسي
مصر : أحمد الدروبي
مدير التحرير: بسام القنطار

مدير اداري: ريان مقلد
العنوان : بيروت - بدارو - سامي الصلح - بناية الصنوبرة - ص.ب.: 6517/113 | تلفاكس: 01392444 - 01392555 – 01381664 | email: [email protected]

Pin It on Pinterest

Share This