تثير جبال الجليد العملاقة المنفصلة عن القارة القطبية الجنوبية مخاوف العلماء حول العالم، وتعود هذه المخاوف الى النتائج التدميرية التي قد تسببها تلك الجبال. وتعد البطاريق على وجه الخصوص الكائنات الأكثر تأثراً بتغير المناخ، إذ يهدد ذوبان الجليد بانقراض موائلها، كما يسبب إرتفاع درجة حرارة البحار موت وتراجع أعداد فرائسها. وقد أدى التغير المناخي بالفعل الى انخفاضٍ كبيرٍ في أعدادها، ، بنسبة تراوحت بين 50 و95 في المائة، خلال المئة عام الماضية، إلا أن نوعاً واحداً من البطريق الذي يعيش في القطب مهدد أكثر من غيره، إنه “بطريق آديلي” وهو واحد من أصغر أنواع البطاريق حجماً، حيث يصل طوله إلى ما يقارب 60 سم، ومعدل حجمه 4.5 كغ.
“مركز بحوث تغير المناخ” في جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا كان أوّل من قرع جرس الإنذار في عام 2011 من خلال تقاريره التي أشارت إلى أن مستعمرة “بطاريق آديلي” التي كانت تضم 160 ألف بطريق، لم يتبق منها سوى عشرة آلاف بطريق على قيد الحياة.
وأظهرت دراسة أعدها مركز بيو للدراسات في واشنطن (Pew) ، نفوق حوالى 150 ألف بطريق بعدما أحاطهم جبل جليدي فائق الضخامة لعدة أيام وحال دون تمكنهم الوصول إلى الطعام.
يومها ذكر موقع “إندبندنت” البريطاني بأن حجم الجبل الجليدي بلغ ألف و120 ميلاً مربعاً، أي أنه أكبر حجماً من دولة لوكسمبورغ، الأمر الذي أجبر الطيور على قطع ما يقرب من 70 ألف ميلاً بحثاً عن طعام لفراخها.
وآخر تلك الكوارث وقع منذ عدة أيام، حيث لم يبق من بين ما مجموعه 40000 من فراخ البطريق، سوى إثنان على قيد الحياة. وأكدت تقارير المركز الوطني للبحوث العلمية في فرنسا (بالفرنسية: Centre national de la recherche scientifique) أنه وبسبب تغير المناخ، وانتشار الكثير من الكتل الجليدية الضخمة جداً في المحيط، والتي تعرقل على آباء البطاريق البحث عن موائل قريبة، إضطرّت للإبتعاد لمسافات هائلة للعثور على الغذاء. وبما أن هذه المسافة تتطلب وقتاً طويلاً ذهاباً وإياباً، ماتت الفراخ من الجوع (تتغذي أساساً علي الكريل)، وكان الخبراء قد أكدوا أن السبب الرئيسي في هذه الكارثة هو نفسه نفسه الذي تسبب بكارثة عام 2015 .
تعود كتل الجليد الكبيرة تلك الى الإنهيار الكبير الذي حدث في عام 2010، وتتكرر هذا العام، عندما انهار جبل جليدي بحجم دولة لوكسمبورغ.
https://greenarea.com.lb/ar/236267/أنتاركتيكا-تطلق-جرس-الإنذار-الأخير/(
والجدير ذكره أن موقع “أكسبرس” البريطاني كان قد ذكر في تقارير له أن القارة القطبية الجنوبية بدأت تخسر غطاءها الثلجي. وسيذوب ما عليها من ثلوج في غضون خمس سنوات، أي بحلول عام2020، وحذرالعلماء عبر الموقع الالكتروني المذكور من أن طيور البطريق ستعاني من جائحات كثيرة ومتوالة.
من جانبه وتعليقاً على الكارثة الأخيرة ، أوضح منسق المحيطات في منظمة السلام الأخضر الدولية Greenpeace)) ستيفان غونزاليس ، أن “التغير المناخي الخطير، هو من عمل الإنسان ، خصوصاً من أعمال الصيد ونمو النشاطات السياحية”.
كما طالب الصندوق العالمي للطبيعة WWF ومنظمات بيئية مختلفة إنشاء منطقه بحرية محمية من أثار التغيير “المناخي، شرق القارة القطبية الجنوبية، وذلك بعد حادثة الموت الجماعي لفراخ البطريق.
ويذكر خبراء في الصندوق العالمي للطبيعة أن الأعداد الباقية من البطاريق في القارة القطبية تعاني بشدة من أثار التغير المناخي، وأن الأمل في بقائها على قيد الحياة أصبح ضئيلاً.
ويتوقع هؤلاء العلماء زوال مملكة “بطاريق آديلي”. في غضون عشرين سنة، ما لم يتحرك البشر لوقف ذوبان القطب وانهيار جبال الجليد.
ووفقا لتحليل العديد من العلماء ، فمن المرجح أن المنطقة ستظل تتأثر بحالات غير طبيعية مثل تلك التي عاشت في هذين الحدثين من الوفيات الجماعية لطيور البطريق.