عيوب إنشائية عدة رافقت مشروع أتوستراد “صيدا – صور” بمراحله الأربع وبعدها، وكانت نتيجتها عشرات الضحايا حتى الآن، واللافت للانتباه أن الحكومة لم تكلف نفسها عناء التحقيق أو إعادة النظر في الشركة المنفذة، علما أن سقوط جسرين خلال مراحل التنفيذ كان يستحق الوقوف والتأمل في موضوع التلزيمات والمحاصصات التي تدور في حلقة الفساد، لكن يبدو أن مزاريب الهدر باقية ومفتوحة على مجمل المشاريع القابلة للتجديد والتمديد دون رقابة أو محاسبة، فالتلزيمات في لبنان، وكما يعلم الجميع “كعكة دسمة” تتضمن خططا وهبات وقروضا يتقاسمها كبار النافذين في الدولة ومجالسها ولا تتضمن أي إنماء أو إعمار إلا بالإسم فقط.
لا تنفصل أسباب الموت الذي شهده مؤخرا مقام النبي ساري (ع) عن مسلسل الفساد، إلا أن بعض الناس قرروا أن يحمِّلوا النبي وزرها، لإعتقادهم بأن لعنة تطارد سالكي الأوتستراد بسبب قيام الدولة باقتطاع عشرة دونمات من أرض المقام التابعة للوقف، خلافا للمخطط الذي وضع للمشروع في اوائل التسعينيات من القرن الماضي، وكان يلحظ مرور الأوتستراد بأرض تعود ملكيتها للرئيس الراحل رفيق الحريري.
إتحاد بلديات الزهراني
بعيدا من هذه الاعتقادات، قال رئيس إتحاد بلديات الزهراني علي مطر لـ greenarea.info أن “الطرق الدولية هي من ضمن صلاحيات وزارة النقل والأشغال العامة وتحت رعايتها ومسؤوليتها، وأعمال الصيانة والتنظيفات التي نرى فيها تقصيرا كبيرا هي من صلاحيات المتعهد والشركة المنفذة، وبحسب ما تضمنه عقد التلزيم”.
وأضاف: “نحن نستغرب أنه بالرغم مما وصل إليه الحال لم تحرك الوزارة ساكنا، ولذلك وفقا للحالة الملحة أوكلنا إلى المهندس حسين مطر مهمة دراسة وإعداد تقرير لجزء من الأتوستراد من منطقة العاقبية حتى جسر أبو الأسود، لما رأينا أن ثمة حاجة لكشف فني من أهل الإختصاص، علما أن الكثير من عيوب التنفيذ كانت واضحة لنا، خصوصا بعد جملة من الحوادث والمشاكل التي لا يمكن التغاضي عنها، وجاء طلبنا حرصا على السلامة العامة”.
ولفت مطر الى “عوامل عدة تضاف إلى نتيجة التقرير الفني الذي أعده الإتحاد، إجتمعت مع عامل السرعة لتتسبب بكوارث يومية تمثلت في الموت الذي لاحق السائقين عند أتوستراد الزهراني – صور”.
وتابع مطر: “لنبدأ بالإنارة الليلية التي تعمل وفقا لتقنين التغذية للساعات اليومية التي تخصصها الدولة للمنطقة، بما يعني إنقطاعها معظم الليالي فتتعذر رؤية الخطوط عند أطراف الطريق، بالإضافة إلى منخفضات وتشققات وثلاث خسفات وانحراف خطير عند منعطف أو كوع “مقام النبي ساري”، وهو الأهم والأخطر، حيث شهدنا جملة حوادث مؤخرا أودت بحياة الكثيرين، يضاف إليها أيضا أن المخطط الأصلي للأتوستراد لم يلحظ حاجة البلدات لمنافذ دخول وخروج، أي تلك المحاذية للأتوستراد، واعتمد فقط على ثلاث فتحات (الزهراني السكسكية وأبو الأسود)، ونتيجة هذا الإهمال أنشئت مفترقات غير شرعية لا تتوفر فيها الشروط الهندسية ولا تراعي السلامة العامة، كما أن وزارة النقل والأشغال عند إنشاء الأتوستراد حددت سرعة السائق بـ 100 كلم، ولكنها لم تضع إشارات كافية تحذر السائقين من المنعطفات والإنزلاقات، ونضيف أن لدوريات قوى الأمن أهمية بالغة، فعوضا عن وضع الرادار في أماكن مخفية، فلتكن في العلن، فالمواطن ليس سلعة للصيد وروحه ليست رخيصة للتعامل معه بهذه الطريقة، وهدفنا حماية الناس وتنبيهها وليس الإستحواذ على مالهم من خلال الغرامات على المخالفات، وليعلم المواطن أيضا ان هناك عينا تراقبه وتحاسبه فيلتزم بالقوانين”.
وختم مطر: “أستغرب عدم تحرك أي مسؤول في الوزارة، خصوصا وأن الإعلام ضج بحوادث السير المتكررة هذه الفترة، كما أنني كنت قد راسلت سابقا الوزيرين (زعيتر وفنيانوس) بخصوص خطأ في البيسارية قرب الجسر ولم يتجاوب أحد معنا، ونحن كإتحاد لم يعد أمامنا سوى القيام ببعض الخطوات الوقائية الطارئة لتدارك الحوادث كتعويض عن غياب وعدم تجاوب الوزارة المعنية”.
وزارة النقل والأشغال العامة
حاولنا فيgreenarea.info الاتصال بمكتب وزير النقل والأشغال العامة الوزير يوسف فنيانوس، إلا أننا لم نفلح، وطلب منا من قبل المسؤولين في مكتبه إرسال أسئلتنا خطيا للإجابة لاحقا عليها، أو تقديم التقرير الى مصلحة الشكاوي.
التقرير الفني
المهندس حسين مطر قال لـgreenarea.info : “كلفت بداية من قبل بلدية الصرفند ومن ثم إتحاد بلديات الزهراني، فأعددت التقرير وقدمت مجموعة إقتراحات، ونتيجة الفحص الفني أرى أن هناك فضيحة تتمثل في أخطاء هندسية جسيمة خرجت عن قانون تصميم الطرق Road Design، وهي متمثلة في التقرير أدناه:
أولاً – الفتحات غير الشرعية التي تربط الأوتوستراد بالطرق الجانب:
هذه الفتحات ذات أهمية كبيرة نظراً لما توفره من وقت وجهد في ربط الأتوستراد مع القرى والمناطق القريبة منه. لذلك يجب تسوية وضعها لناحية تشريعها و تنفيذها بشكل هندسي لا يتعارض مع السلامة العامة.
وتجدر الإشارة إلى أن تصميم هذه الفتحات بزاوية ميل 90 درجة يشكل خطراً كبيراً على السائقين، وإن تصميم المداخل والمخارج يجب أن يكون بزاوية ميل 45 درجة وأن يبدأ أو ينتهي بمسار موازٍ للأتوستراد لمسافة تتراوح بين 300 إلى 400 مترا، مما يسمح للسائقين بالدخول إليها بهدوء وسلاسة.
الفتحات لناحية المسلك الغربي (باتجاه صور) هي:
(البيسارية قبل معرض فضل حايك للرخام، السكسكية قبل جسر البابلية، الداودية قبل جامعة فينيسيا، الداودية مشتل النبيل، أنصارية معرض كنيار للسيارات، عدلون بعد الشرقاوي مول)، ولناحية المسلك الشرقي باتجاه صيدا (النبي ساري بعد جسر أبو الأسود، النبي ساري قبل المقام فتحتين، النبي ساري بعد المقام، أنصارية مفرق دير تقلا، أنصارية بعد الجسر، الداوودية قبل جامعة فينيسيا- فتحتان، الصرفند بعد الجسر- فتحتان، الصرفند مقابل مشروع النخيل، البيسارية بعد مفرق مشروع النخيل، البيسارية قبل مفرق العاقبية).
ثانياً- الميل العرضي للأوتوستراد على المنعطف عند محلة النبي ساري (ع)
في تصاميم الطرق بشكل عام والطرق السريعة بشكل خاص، هناك عامل مهم جدا بالنسبة للمنعطفات، وهو “الميل العرضي على المنعطف” ( (Super elevationوهذا العامل مرتبط بالسرعة وقطر المنعطف, واذا ما استعمل بشكل صحيح , يؤدي إلى توليد قوة مضادة “لقوة الطرد المركزي” ( (Centrifugal Force التي من شأنها أن تبعد المركبة عن مسارها وبالتالي تدهورها.
الصورة المرفقة بالأسفل تشرح كيف يجب ان يستخدم هذا العامل اذا كان المنعطف باتجاه اليسار, فنلاحظ أن الطرف الخارجي للطريق ارتفع عن الطرف الداخلي.
بعد الكشف الحسي:
بالرغم من أن انعطاف الطريق هو لجهة اليسار، تبين أن الطرف الخارجي للطريق أدنى من الطرف الداخلي بـ 54 سم، أي بانحدار عرضي 3.4 بالمئة, هذا يؤدي بالسائق الى فقدان السيطرة على مركبته وبالتالي تدهورها.
ثالثاً – “الخسفات”:
(عند جسر العاقبية في المسلك الشرقي والغربي وبعد مقام النبي ساري المسلك الغربي)”.